ذهب عدد كبير من المحللين بعيداً، عندما نعتوا أمريكا بخنجر إسرائيل وليس العكس، معتمدين في ذلك على بعض التصريحات المتناقضة لكل من الرئيس الأمريكي بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني؛ لكن الثابت أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تعتبر إسرائيل الولاية الحادية والخمسين وخنجرها في قلب الشرق الأوسط، خاصة بعد عام 1967.
تقييم العلاقة
شهدت العلاقة الأمريكية الإسرائيلية أزمة خلال فترتي إدارة أوباما؛ عكست حالة من عدم الثقة بين كل من الرئيس الأمريكي "أوباما" ورئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو"، بسبب الخلاف حول ملفي المستوطنات الإسرائيلية والنووي الإيراني، أما إدارة ترامب فكانت أكثر تجاوباً مع المواقف والتوجهات الإسرائيلية، وتوضح ذلك من خلال الضغوط الأمريكية المتزايدة على الفلسطينيين، التي تُوجت بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وكانت إدارة الرئيس الأمريكي "جيرالد فورد" هددت في عام 1975 بإعادة تقييم العلاقات مع إسرائيل ما لم توقع إسرائيل على اتفاقية "فك اشتباك" مع مصر لتنسحب من سيناء. وأدانت الولايات المتحدة قصف إسرائيل للمفاعل النووي العراقي في عام 1981، حيث دعمت الولايات المتحدة العراق إبان حرب الخليج الأولى ضد إيران. وفي عام 1990، قال وزير الخارجية الأمريكي آنذاك "جيمس بيكر" إن غضب الولايات المتحدة يزداد بسبب تباطؤ إسرائيل في مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، كما أنه ذكر رقم هاتف البيت الأبيض ودعا الجانبين "إلى الاتصال بنا عندما تكونان جادّين بشأن السلام". وكتب "بوش" في عام 2004 خطاباً لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "أرييل شارون" قال فيه إن المراكز السكانية الكبرى القائمة -في إشارة غير مباشرة للجيوب الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية- تجعل التوقعات بعودة إسرائيل لخطوط الهدنة لعام 1949 "غير واقعية".
الحرب على غزة
منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار مجازر الجيش الإسرائيلي على امتداد فلسطين التاريخية، تبنت إدارة بايدن الرواية الإسرائيلية؛ واللافت أنه رغم بروز بعض التناقضات الثانوية في إطار العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية، لكنها لم تمسّ بجوهر تلك العلاقات الاستراتيجية، حيث لعبت وتلعب إسرائيل دوراً مهماً في إطار المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وقد أكدت ذلك وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية على حد سواء. وقد تجاوبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عام 1948 مع الاستراتيجية التي تقوم على تطوير التحالف مع إسرائيل كحاجة جوهرية في قلب المنطقة العربية، وتبعاً لذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية بترسيخ علاقاتها مع إسرائيل في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية والدبلوماسية، وقد تجلى ذلك بالدعم الأمريكي لإسرائيل في أروقة المنظمة الدولية، واستخدام قرار النقض الفيتو ضد أي محاولة لاستصدار قرار يدين ممارسات إسرائيل العدوانية والتعسفية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
مساعدات سخية
كان التوجه الأمريكي لدعم إسرائيل جلياً خلال فترتي الانتفاضتين الأولى والثانية، وقبل ذلك الضغط الأمريكي على المنظمة الدولية التي ألغت بدورها القرار الذي يوازي بين العنصرية وإسرائيل، بيد أن المساعدات الأمريكية لإسرائيل عرفت بكونها الأهم في إطار الدعم الأمريكي لإسرائيل، فحلت تلك المساعدات العديد من الأزمات الاقتصادية الإسرائيلية، أو حدت منها على الأقل، ناهيك عن أثرها المهم في تحديث الآلة العسكرية الإسرائيلية وتجهيزها بصنوف التكنولوجيا الأمريكية المتطورة. وفي هذا السياق، قدرت قيمة المساعدات الأمريكية المتراكمة لإسرائيل بنحو 146 مليار دولار، منها نحو 60% هي قيمة المساعدات العسكرية، أما الـ40% المتبقية فهي قيمة المساعدات الاقتصادية، وقد خصصت أمريكا مساعدة قيمتها التراكمية 38 مليار دولار خلال الفترة (2018- 2028) بواقع 3 مليارات و800 مليون دولار سنوياً؛ هذا فضلاً عن المساعدات الطارئة من قبل إدارة بايدن لإسرائيل منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبهذا تكون الولايات المتحدة الأمريكية الشريك الأساسي لإسرائيل في عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني، وكأن الدولة المارقة هي الفتى المدلل لأمريكا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.