في شهر فبراير 2024، أصدرت شبكة نتفليكس العديد من الأعمال الجديدة، واستطاع أحد أعمالهم أن يحصد أعداداً خيالية من المشاهدات في فترة قصيرة، وهو الوثائقي الجديد "Lover, Stalker, Killer"، يدور بنا هذا الوثائقي في دوامة من الحب الكابوسي، حيث التتبع المرضي، والتهديدات التي لا تنتهي، والجريمة الغامضة.
الوثائقي من إخراج Sam Hobkinson ويسرد قصة الجريمة المرعبة التي تعرّض لها الميكانيكي Dave Kroupa حين غرق في شبكة من الأكاذيب والخداع، وكذلك الدماء، شبكة هددت حياته وحياة أطفاله وأخذت بالفعل أحد أحبائه، لذا دعني أُعطك لمحة عما يتتبعه الوثائقي، الذي أثار أعصاب كل من شاهدوه.
مثلث الحب الكابوسي في "Lover, Stalker, Killer" :
يخبرنا "Lover, Stalker, Killer" بأنه بعد انتقاله إلى أوماها عام 2012، قرر Kroupa، المنفصل حديثاً مع طفلين أن يعود إلى حياة الاستقرار العاطفي، وبعد تفكير عميق قرر استخدام أحد تطبيقات المواعدة للبحث عن الشخص المنشود، بعد وقت قصير تواصلت معه Shanna "Liz" Golyar وتواعدا بالفعل لبعض الوقت، لكن العلاقة لم تدم؛ لأنها كما وصفها Kroupa لم تحمل أي إشارات للتقارب بينهما.
وللأسف قبل أن ينهي علاقته بـShanna كان بالفعل قد بدأ في علاقة أخرى طويلة الأمد مع Cari Farver، والتي تعيش على بُعد ساعة فقط من مكان عمله وكان كل شيء يسير بالسلاسة قبل أن تأتي الليلة التي بدأت الكابوس.
في تلك الليلة كانت Cari في منزل Kroupa وحينها ظهرت Shanna بشكل مفاجئ بدعوى أنها نسيت شيئاً في منزله، غادرت Cari المنزل لكي تدخل Shanna وعلى حسب سرد Kroupa كانا متفهمين للموقف بعد شرحه لهما والاثنين تبادلا النظرات لثلاث ثوان فقط، وهنا ظن الرجل المسكين أن الأمر انتهى عند هذا الحد، لكن هذه فقط كانت البداية.
بداية الكابوس في "Lover, Stalker, Killer"
يتتبع الوثائقي الأحداث حتى يوم الثالث عشر من نوفمبر عام 2012، في ذلك اليوم ترك Kroupa حبيبته Cari في منزله وذهب للعمل، وبعد وقت قصير، تلقى رسائل نصية منها، حيث تخبره بأنها ترغب في الانتقال للعيش معه، لم يفهم الرجل ما أصابها، وذكّرها بأن علاقتهما لا تزال في مراحلها الأولى، فما كان جواب Cari إلا سيلاً من رسائل الكراهية والتهديد واللوم على تخريب حياتها، لم يستوعب Kroupa ما حدث، وحين عاد إلى منزله لم يجد Cari، فقد اختفت هي وكل متعلقاتها، ومنذ هذه اللحظة وحتى 4 سنوات تالية سيعيش Kroupa وعائلته كابوساً لا يرحم.
الكابوس في "Lover, Stalker, Killer"
يتتبع "Lover, Stalker, Killer" تفاصيل الكابوس ليغرق فيها المشاهدين بشكل مبهر، فعلى مدار 4 سنوات كاملة يتعرض Kroupa وعائلته لتهديدات لا تنتهي من 40 رقماً مختلفاً وعناوين بريد إلكتروني مجهولة، حتى Shanna والتي لم تعد مرتبطة بشكل واضح بـKroupa تعرضت للتهديد وسُرقت سيارتها وحُرق منزلها وقُتلت كل حيواناتها الأليفة.
أبلغ Kroupa الشرطة مباشرة في بداية الكابوس وأخبرهم بكل ما حدث معه ومع عائلته، ولكن المشكلة الأساسية التي عرقلت هذه القضية هي أن Cari لم تظهر منذ الثالث عشر من نوفمبر.
في يناير عام 2013، وجد Kroupa سيارتها بالقرب من منزله، ولكن حين حضرت الشرطة ورفعت عنها البصمات، لم توافق البصمات بصمات Cari أو أي شخص في قاعدة بياناتهم، ما جعل القضية أكثر تعقيداً وغموضاً.
في الأيام التالية لاختفائها من منزل Kroupa استلمت والدتها العديد من الرسائل النصية الغريبة من ابنتها، في إحدى هذه الرسائل قالت Cari إنها ستنتقل إلى كنساس من أجل عمل جديد، بالطبع لم تقتنع الأم بهذه الرسالة وشعرت بأن هناك شيئاً خاطئاً حول ابنتها، لذا ذهبت إلى مركز الشرطة وقامت بالإبلاغ عن اختفائها، للأسف لم يؤخذ هذا البلاغ بجدية بسبب اكتشاف الشرطة أن Cari مشخصة بانفصام الشخصية، وهنا يظهر السؤال الأهم وسط هذا الكابوس: ما الذي حدث حقاً لـ Cari؟
حل القضية في "Lover, Stalker, Killer"
منذ الدقائق الأولى في وثائقي "Lover, Stalker, Killer" نجده يتتبع الأحداث من وجهة نظر ضحيتها الأساسية، وهو Dave Kroupa الرجل المسكين الذي سعى للاستقرار لأجله ولأجل أطفاله، ومن وجهة نظره يجد المشاهد نفسه محاطاً بشبكة عنبكوتية معقدة من الخيوط المتآمرة الغامضة، فتتحرك مشاعره تزامناً مع مشاعر الضحية ويتعاطف معها حتى إنه قد يكره Cari، والتي سببت الألم والمعاناة لـ Kroupa وكل شخص قريب منه، ولكن هل Cari حقاً هي المذنبة؟
وثائقي "Lover, Stalker, Killer" من إخراج Sam Hobkinson والذي أخرج سابقاً Fear City: New York vs. The Mafia الوثائقي الرهيب الذي تتبع خطة عملاء المباحث الفيدرالية في مدينة نيويورك لإسقاط عائلات المافيا الخمس، الذين تحكموا بالمدينة لسنين طويلة.
بالتالي يعتمد الوثائقي بشكل أساسي على الاستجواب والحوارات مع كل فرد أمني عمل على هذه القضية، وكذلك مع كل إنسان علق في معاناتها، ليحاول في النهاية إعادة خلق خريطة أحداث كاملة لما حدث منذ بداية الكابوس وحتى نهايته، ليصدم المشاهد في النهاية بحقيقة أًخفيت عن الجميع، ويكشف هوية المجرم وحقيقة جريمة القتل التي ارتبطت بهذه القضية.
"نحن ندخل القصة من وجهة نظر دايف كروبا، والذي وجد نفسه عالقاً في شبكة من الأكاذيب، لذا أردت من سرد القصة أن يعكس حالة الحيرة، وكذلك حالة الصدمة حين يكتشف ما حدث حقاً".
هكذا قال Sam Hobkinson في إحدى مقابلاته، وما حدث حقاً قد صدم الجميع بالفعل، فقد اكتشفت الشرطة أن Cari قد قُتلت في نفس اليوم الذي تلقى فيه Kroupa الرسالة النصية الغريبة من رقمها، والقاتل ومخطط الكابوس الذي عاش فيه الرجل وأطفاله لسنين كانت Shanna "Liz" Golyar، التي نظمت كل شيء بعقل إجرامي منقطع النظير، حتى إنها أحرقت منزلها وقتلت حيواناتها الأليفة بنفسها، كي تطرد عنها الشبهات.
وقد انكشف كل شيء حين تولى محققون جدد القضية عام 2015، وقاموا بمراجعة القضية بالكامل، وخلال هذه المراجعة تحققوا من هواتف كل الأشخاص المتعلقين بالقضية؛ ليكتشفوا صورة لسيارة Cari على هاتف Shanna، ثم كانت الصدمة الأكبر حين اكتشفوا صورة لجثة Cari على الجهاز اللوحي الخاص بـShanna ليدرك الجميع أن Cari لم تكن سوى الضحية الأولى في هذا الكابوس.
في نهاية الوثائقي ندرك جميعاً كيف يمكن استغلال التكنولوجيا لخلق صورة مختلفة كلياً عن أشخاص قد نعرفهم جيداً، فـ Cari الشرير الأكبر في هذه القصة لم تكن سوى ضحية لعملية تزييف إجرامية هدفها تعريف مشوه للحب والانتقام.
تضررت سمعة Cari كثيراً بسبب ما حدث، لامها الجميع وتجاهل الكل مصابها، لذا يعتبر "Lover, Stalker, Killer" الخطوة الأولى لاسترداد ذكريات الناس الجيدة عنها.
في نهاية المقال، يُعتبر الوثائقي أحد أفضل الأعمال التي أصدرتها "نتفليكس" في بداية هذا العام، وبالتأكيد سيتمكن من أسر انتباهك.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.