"مشروع من أجل السلام، والاندماج الاقتصادي الإفريقي، والتنمية المشتركة، ونعتبره أيضاً مشروعاً مهيكلاً يربط بين إفريقيا وأوروبا"، هكذا وصف الملك محمد السادس خط الغاز النيجيري المغربي المزمع تشييده بين البلدين، والذي سيجتاز 11 دولة هي بنين، توغو، غانا، كوت ديفوار، ليبيريا، سيراليون، غينيا، غينيا بيساو، غامبيا، السنغال، موريتانيا بالإضافة لنيجيريا والمغرب.
التمويل: أول تحديات المشروع الطموح توفير ميزانية 25 مليار دولار، اللازمة لتشييده، حسب ميلي كياري، رئيس مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية. أغلب الدول التي يجتازها الأنبوب، ورغم استفادتها منه تبقى فقيرة، وستجد صعوبة في المساهمة الفعالة في التمويل، ما يُبرز الحاجة لإقناع جهات ومؤسسات أخرى بجدوى المشروع الاقتصادية والجيوسياسية (الاتحاد الأوروبي، البنك الدولي، البنك الإفريقي للتنمية، إلخ).
على المدى القريب تستهدف أوروبا استبدال الغاز الروسي بمصادر آمنة وموثوقة، لكن على البعيد نسعى للتخلص من الغاز والهيدروكربونات واستبدالها بموارد نظيفة. صرح جوزيف بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، في حديث مع طلبة الجامعة الأورومتوسطية بمدينة فاس، يناير 2023. يُطرح التساؤل: هل ستلتقي خُطط الاتحاد الأوروبي مع مدة تشييد الخط المغربي النيجيري، والتي قد تستغرق 15 عاماً حسب خبراء؟
الجانب التقني: خط أنابيب بطول 5660 كيلومتر يتطلب دخول شركات عملاقة في مشروع طويل الأمد غير موثوق الجدوى الاقتصادية، في ظل حاجة أوروبا لحلول سريعة تغنيها عن التبعية للدّب الروسي، وتخطيطها للتخلص من الموارد الأحفورية.
المنافسة مع الجارة الجزائر: بمسار أقصر (نيجيريا، النيجر، الجزائر) وكلفة أقل (10 مليارات دولار) تنتصب الجزائر منافساً قوية لخط أنابيب المغرب نيجيريا.
تقنياً، يظهر الخيار الجزائري أسهل لتوفُّر البلاد على هياكل قاعدية في مجال البنية التحتية الخاصة بالغاز، إلا أن نقطة الضعف تبقى أمنية، حيث يمر الأنبوب المقترح عبر النيجر ومنطقة الساحل، التي انسحبت منها فرنسا، تاركةً فراغاً أمنياً كبيراً. إلى جانب الجماعات المسلحة، هنالك احتمال تعرض البنية التحتية لهجمات السكان المحليين، إن هم رأوا في المشروع استغلالاً لهم دون أي فائدة.
صعوبات تقنية كذلك قد تُؤخر المشروع الجزائري، منها ضرورة إنشاء خط موازٍ للأنبوب الحالي المارّ من المتوسط، حتى لا يختلط غازهم بنظيره القادم من نيجيريا. الجزائر تُعد اليوم أكبر مُصدر إفريقي، وتمد الاتحاد الأوروبي بقرابة 12% من احتياجاته.
أوروبا المُخطط أن تكون أكبر زبون، وأحد كبار المُمولين للأنبوبين، لا تهمها الجنسيات ولا المسارات، ما يهمها جدوى المشروع. ورقة يجب أن تلعبها الرباط بذكاء لترجيح كفتها، والفوز بالسباق.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.