حققت فلسطين انتصاراً جديداً جاء باعتراف الأمم المتحدة أخيراً بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
جاء ذلك بعد تصويت 168 دولة لصالح القرار، مقابل 6 دول رفضت القرار، وامتنعت 8 دول عن التصويت، في واحدة من القرارات المهمة التي أضفت نوعاً من الشرعية في الرؤية الموضوعية للوضع القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل ممارسات الفصل العنصري والاعتداء المتواصل على الشعب الفلسطيني من طرف الاحتلال الإسرائيلي.
وبالنظر إلى الجانب الإيجابي، فإن هذا القرار يمثل أحد النجاحات الفلسطينية المتواصلة في المحافل الدولية، والقائمة على جهود دبلوماسية حثيثة تهدف إلى كسب الشرعية الدولية وإبراز القضية الفلسطينية على المستوى الدولي قدر الإمكان.
غير أن هذا النجاح الدبلوماسي بات من المهم مضاعفته بقرارات أخرى أكثر واقعية، فالاعتراف بحق تقرير المصير للفلسطينيين لا يعني شيئاً ما لم يتم تشكيله على أرض الواقع، أو على الأقل دعمه بجهود أخرى تسعى إلى أخذ قرارات أممية أكثر فاعلية وأهمية، خاصة قرار اللجنة الرابعة الخاص بالتوجه لمحكمة العدل الدولية للنظر في ماهية وجود الاحتلال واستمراره في ظل القانون الدولي كون ذلك يعتبر من المرتكزات الأساسية للتصدي للاحتلال وفضح جرائمه العنصرية على المستوى الدولي.
وهو ما يتطلب من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية أن تبذل جهوداً أكبر تجاه الشعب الفلسطيني.
والحقيقة الأهم والتي لا يمكن إنكارها أن هذا الاعتراف لا يشكل تطوراً كبيراً، فلا نستطيع إنكار حقيقة أن هناك المئات من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لصالح القضية الفلسطينية، إلا أنها غير نافذة ولم تأت بالجديد.
فلقد أصدرت الأمم المتحدة قرارات واضحة حول حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، حول الاستيطان، حول اللاجئين، حول القدس وحول الجرائم المتكررة. غير أن هذه القرارات لم تحرك ساكناً ولم تنفذ على أرض الواقع، غير أن هذا لا ينفي أهميتها في وضع القضية الفلسطينية في إطارها الحقيقي دولياً.
ونحن لا نقلل من قيمة القرارات الدولية المتخذة لصالح فلسطين، حتى ولو بقيت حبراً على ورق، لأنها تعكس الانتقال التدريجي من دعم المحتل إلى دعم فلسطين، وهي المتطلبات اللازمة للانتصار مهما طال الزمن وبعدت المسافة، وهنا يمكنني القول إن الدبلوماسية استطاعت أخذ قرارات أممية مهمة باعتبارها إحدى أدوات السياسة الخارجية للدفاع عن القضية الفلسطينية، ولكنها تحتاج للتخطيط والصبر لأن نتائجها لا تظهر على المستوى القريب. والأهم خلال الفترة القادمة هو السعي للحصول على تصويت يخص قرارات متعلقة بالنشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس وإرهاب المستوطنين، والأهم هو تنفيذها بشكل فوري وأن نتقدم بقرار للإفراج عن المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال وقرار بالإفراج عن جثامين الشهداء كمطالب إنسانية بحتة.
والدبلوماسية على أهميتها هي إحدى الأدوات السياسية للدفاع عن القضية الفلسطينية خارجياً، وهذا لا يعني أنها الادارة الوحيدة؛ إذ لابد من العمل بالتوازي وتوظيف كافة الوسائل المتاحة خدمة للقضية الفلسطينية.
وهنا ينبغي على كافة الدول والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية إدانة ممارسات دولة الاحتلال والفصل العنصري والخروج عن حالة الصمت وسياسة الكيل بمكيالين حيال حقوق الشعوب الفلسطيني، خاصة أن الاحتلال الاسرائيلي ماضٍ في ارتكاب جرائمه العنصرية، والمتعارف عليه أن الحكومة الفاشية لا تحترم المنظمات الإنسانية ولا حتى منظمة الأمم المتحدة ولا أياً من هيئاتها ولا حتى قراراتها، وهو ما يتيح فرصة لإزاحة الغطاء وتجريد الاحتلال الإسرائيلي من الديمقراطية التي يدعيها وفضح جرائم الفصل العنصري "الأبارتهايد" التي يقوم بها .
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.