تعجّ صفحات التواصل الاجتماعي بمنتجات للبيع، كلٌّ يضع منتجه آملاً بالحصول على زبائن جدد، وسوق جديد لعرض بضائعهم، ويتفنن هؤلاء بعرض خدماتهم، كلٌّ على طريقته.
وبين معظم هؤلاء عامل مشترك هو جملة "السعر على الخاص"، البائع يضع ميزات بضاعته دون تحديد سعر، ويطلب من الزبائن المهتمين التواصل معه عبر الرسائل، ويأتي ذلك لعدة أسباب، ربما أهمها أنه يتيح للبائع أن يحدد السعر وفقاً للزبون.
هذا الأمر يشبه إلى حد كبير كل ما يحدث مع اللاجئين السوريين في بلدان مثل: لبنان والدنمارك والسويد.
ففي البلد العربي الجار لسوريا، لبنان بدأت عملية إعادة اللاجئين إلى بلادهم بعد إطلاق رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في 20 يونيو/حزيران الماضي، إنذاراً للمجتمع الدولي بأن بلاده لم تعد قادرة على تحمُّل الأعداد الكبيرة من اللاجئي.
وليس حال السوريين في لبنان اليوم بأفضل من الحال في دول مثل الدنمارك التي بدأت بإعادة بعض اللاجئين إلى بلادهم، وأوقفت إقامات اللاجئين إليها من السوريين، بحسب تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش في السادس عشر من مارس/آذار الماضي، فيما وصلت دول مثل إيطاليا والسويد لتهديد اللاجئين.
هذا ما يمكن أن نطلق عليه عملية التسويق السياسي التي يقوم بها كل مسؤول لخدماته وبضاعته السياسية، ثم يصل ذلك المسؤول إلى عملية عرض البضائع.
والمقصود بالبضاعة هنا: الإجراءات والتدابير التي سيتخذها ضد أو مع اللاجئين ليفتح المزاد، وينتظر السعر على الخاص من الدول الكبرى أو المنظمات الدولية، ثم تبدأ المساومة، ويقدم هذا المسؤول الخدمة حسب الطلب، ووفقاً لقدرات المشتري المالية والسلطوية.
وتتنوع هنا الخدمة "البضاعة"، تبدأ بـ"نبقيهم"؛ أي اللاجئين، بشروط ونخفف الإجراءات بشروط، ونزيد الإجراءات بشروط، وتنتهي بـ"نعيدهم إلى ديارهم في حال وفَّرتم لنا ما نريد".
الأمر لا يتوقف عند الزبائن الخارجيين لهذا المسؤول، بل أيضاً يمتد إلى "المصوّتين" في الانتخابات، فيعود لعرض بضاعته، فكم من المرات سمعنا بمرشح انتخابي في بلد أوروبي أو عربي يتعهد بطرد اللاجئين السوريين في حال تم انتخابه؟
وبين الزبائن الخارجيين والداخليين، يسعى المسؤول لتحصيل أكبر قدر من الفوائد، إن كانت مادية أو سلطوية، أو بأي شكل آخر، بطبيعة الحال دون أن يلقي أي بال لمن يتاجر بهم، ومَن حوَّلهم إلى بضائع، ناسياً أو بالأحرى متناسياً أنهم بشر، ولهم حقوق، يحملون مشاعر وأحاسيس…
اللافت في الأمر أن دولة هذا المسؤول أو ذاك جزءٌ لا يتجزأ من الأمم المتحدة، وموقّعة على كافة الاتفاقيات الدولية المختصة بحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الحيوان والنبات، وكل اتفاقيات الحقوق في العالم، إضافة إلى توقيعها على كافة قوانين اللجوء والحماية.
هذه ورقة "اللاجئين" التي يتخذها المسؤول لخدمة أجندته السياسية، أو لتمرير مرشحه، أو قائمته، أو حتى لخلق بلبلة ما فقط، لا تُسمن ولا تغني من جوع، فالنظام العالمي والاتفاقيات الموجودة أكبر من أي مسؤول، وهي جزء من نظام عالمي، وسياسة دولية، تحتاج إلى قدرة قادر لأن تتغير.
رغم ذلك، فإن بضائع هؤلاء منتشرة وبكثرة في كل مكان من بقاع هذه الأرض، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، ونتيجتها دائماً زيادة في نسب العنصرية والتطرف، والكراهية بين البشر
ليبقى في النهاية ملف اللاجئين أشبه بـ"السعر على الخاص"، وتستمر معاناتهم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.