جذور العنف السياسي في إيران.. كيف استمر وتوحّش بعد سقوط الشاه وصعود الخميني؟

تم النشر: 2022/10/26 الساعة 08:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/26 الساعة 08:32 بتوقيت غرينتش
احتجاجات في إيران عقب وفاة مهسا أميني / gettyimages

بينما تتقدم انتفاضة الشعب الإيراني ضد الديكتاتورية الحاكمة ويؤدي تقدمها إلى إسقاط الديكتاتور في الأفق القريب، يتوارد إلى المسامع وساوس مفادها كنا نتمنى أن يكون من الممكن أن ينال الشعب الإيراني حقوقه بطريقة "سلمية"سهلة! ولكن!

مصدر العنف!

لنترك جانباً المدعين الجهلة الذين يعتقدون أن "العنف" كان من من جانب الشعب في الثورة والاحتجاجات الأخيرة، فبعد الوصول ومعرفة مصدر مثل هذه الهمسات نصل إلى نقطة مفادها أن الديكتاتورية الدينية التي تسلطت على إيران طيلة العقود الأربعة الماضية بالكمائن المسلحة المرعبة، بالإضافة إلى إراقة دماء عشرات الآلاف من الإيرانيين، واستخدام "العنف" بإطلاق الرصاص على الشعب بوحشية، ولم يكن الشعب ولا التيارات المناضلة من"المبتدئين" للحرب والعنف والاضطراب أبداً، ولقد نادوا بحقوقهم فقط خاصة "الحرية" و"السيادة الوطنية والشعبية"، ولهذا أسقطوا ديكتاتورية "عهد الشاه" وهم الآن بصدد الإطاحة بديكتاتورية "ولاية الفقيه" أيضاً.

يريد أنصار الديكتاتورية القائمة في إيران إظهار ثورة الشعب الحالية على أنها منفصلة عن ماضيها، وأن حدثاً حالياً على سبيل المثال (مثل قتل مهسا أميني) هو المسبب الرئيسي لهذه الأوضاع، إنهم لا يريدون لأحد أن يعرف أن الثورة الحالية هي استمرار للانتفاضات السابقة ونتاج لـ 43 سنة من السجل الأسود لنظام الملالي في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والمعيشية، وأنها ليست ثورة منفصلة عن الماضي، إنهم يريدون حرف الثورة المصيرية الحالية عن "موقعها الحقيقي"!

سجل الديكتاتورية في إيران!

واضح وجلي للأفراد والتيارات التي تابعت وضعية الأربعة عقود الأخيرة في إيران أن الديكتاتورية الدينية الحاكمة قد أسّست وجودها وبقاءها منذ بدء صعودها إلى السلطة على قمع الحريات وانتهاك حقوق الناس والسجن والتعذيب والإعدامات والقتل والإرهاب وتصدير الرجعية والأصولية الإسلامية، وعلى الجانب الآخر المقابل لهكذا نظام فإن كل "حادث" وكل قطرة دم تسيل على الأرض من قبل قوى الديكتاتور القمعية تسرع من مسار عملية التحولات وتجعل من الوصول لرغبات الشعب أمراً سهلاً وقابلاً للتحقق ويقرّب من آفاق سقوط الديكتاتورية ويَعِد بـ "تحولٍ كبيرٍ آخر"، وهذا هو سبب إحياء وتكريم الناس لذكرى كل شهيد وجعل مكانة شامخة للشهداء وتقدير عالٍ لعوائل الشهداء.

أثبتت التجربة في إيران التي تتسلط عليها أفظع ديكتاتوريات التاريخ أن المواجهة السلمية مع قوات الحكومة كانت ولا تزال مجرد سراب، ولهذا السبب فإن كل مطلب يكتسب أصالته وحقه الطبيعي الكامل من الترابط بالإطاحة بالديكتاتور.

انتفاضة حتى إسقاط النظام!

الآن، وبانتفاض مكونات الشعب الإيراني متضامنين على قلب واحد وعلى صوت واحد مقدمين أعز أبنائهم فداء من أجل إسقاط الديكتاتورية فإن أي مطلب أو مطالب أخرى من هذه الديكتاتورية الآيلة للسقوط هو إضفاء لشرعية بقائها، ولقد كان "إسقاط ديكتاتورية ولاية الفقيه" الشعار والمطلب الأساسي للشعب في إيران منذ سنين، وهم الآن في الميدان بنفس الشعار وقد زلزلوا أسس وأركان هذه الديكتاتورية الدموية، ولن يقبلوا بأقل من إسقاط هذا النظام وحكومته!

لا شك في أن من يدعو الشعب إلى الكفاح السلمي والمدني ويحذر الشعب الإيراني، خاصة الشباب الإيراني من العنف، هم من أولئك الذين لهم مصالح في بقاء هذا النظام الديكتاتوري!

حقيقة تاريخية!

وبغض النظر عن تعداد الوثائق وتعدد الأمثلة فقد تم تسجيل هذه الحقيقة الآن في تاريخ إيران وهي أن الديكتاتورية الدينية المتسلطة على إيران لن تغير من سلوكها بالأساليب "السلمية" أو "بالأنشطة المدنية" أو "بالتفاوض"فحسب بل إنه من غير الممكن إلى أبعد الحدود إسقاطها بهذه الطريقة، وعليه فإن جميع الإيرانيين والتيارات السياسية قد وصلوا الآن أو اقتربوا من هذه حقيقة وجوب "الإطاحة" بالديكتاتورية وأن حق "الدفاع" عن النفس ضد هذا النظام الديكتاتوري هو حق "مشروع" و"ممكن" و"ضروري" تماماً!

ما هي الحقيقة؟

لقد أطاح الشعب الإيراني بكل تنوعه الديني والوطني وميوله السياسية والاجتماعية بنظام الشاه الديكتاتوري حتى يتم الاعتراف بحقوقه الإنسانية والشعبية والمعيشية في ضوء حكومة وطنية وشعبية، ولكن تم سحق حقوقهم وبأسرع وقت ممكن بواسطة الزعيم المزور أي الخميني ونظامه وحل محل حقوقهم "الإكراه" و"العنف" و"القمع"، واستبدلت بديكتاتورية أكثر وحشية من الديكتاتورية السابقة وقد فُرِضَت هذه المرة بالخداع على الشعب الإيراني المحافظ باسم "الدين"!

وبمجرد وصول الخميني إلى سدة السلطة بدأ حكمه بالقمع والعنف، ديكتاتورية ولاية الفقيه كانت أكبر بادئ في فرض "العنف" في تاريخ إيران فقد كان وحده أكثر من (محصلة نهائية) لجميع الأنظمة القمعية التي تسلطت على إيران، وكان الأكثر سفكاً "للدماء" وحولت "إيران" إلى " معتقل" و"مركز تعذيب" و"سجن" للإيرانيين، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يُطلق عليه "صاحب المركز الأول في سجل الإعدام" و"مصرف الإرهاب" ولولا وجود المقاومة الإيرانية ، لكان مصير شعوب العالم رهينة بحصوله على "القنبلة النووية"!

وعليه ومن أجل إنهاء مصدر "العنف" في إيران، وكما قال السيد مسعود رجوي، يجب إشعال نار الثورة بأي ثمن وفي كل جهة في إيران، وفي كل فرصة وفي أي وقت وإبقاؤها مُخلدة مشتعلة حتى تتحقق استراتيجية "إسقاط الديكتاتور" ويصل الشعب الإيراني إلى الحقوق التي نهض من أجلها؛ ولذلك فإن التواجد في ميادين "الثورة حتى إسقاط النظام" مهمة ملحة وضرورية، وعلى المتعطشين  لحرية وتحرير إيران أن يجعل من شعار "كل نفس مع الثورة" شعاره اليومي.

مشروعية حق الدفاع!

إن الدفاع المشروع حق رئيسي مقبول في جميع الأنظمة القانونية في العالم، وهو سبب التأكيد على هذا المبدأ في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولم تكن الديكتاتورية الدينية المتسلطة على إيران طوال فترة سلطتها في انسجام أبداً مع المجتمع البشري المعاصر، وقد كانت على الدوام سبباً للحرب والعنف والاغتيال والإعدام وانتهاكات حقوق الإنسان والنهب في إيران وتصدير ذلك خارج حدود البلاد، والسجل الأسود لهذه الحكومة دليل على حقيقة أن ديكتاتورية ولاية الفقيه لا تمثل الشعب الإيراني فحسب، بل يوجد إجماع عالمي مطروح الآن من أجل الإطاحة بها، ويأتي الدعم العالمي لثورة الشعب الإيراني لإسقاط الديكتاتورية الدينية في هذا السياق.

دليل على استراتيجية الإطاحة!

وبنظرة إلى الوراء نرى أن "المقاومة الإيرانية" كانت أول مؤسس ومنادٍ باستراتيجية إسقاط الديكتاتورية الدينية، وكانت المقاومة الإيرانية شعاع هذه الاستراتيجية، بالإضافة إلى تقديمه لائحة شاملة لإيران غدٍ حرة، ومن أجل حل قضايا مثل قضايا "القوميات" و "النساء" و"فصل الدين عن الدولة" وغيرها، ولدى المقاومة الآن الآلاف من "وحدات المقاومة" للدفع بثورة الشعب إلى الأمام من أجل الإطاحة بالديكتاتور.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبدالرحمن مهابادي
كاتب ومحلل سياسي إيراني
تحميل المزيد