لا تنهزم فلا أحد يستحق ثقتك أكثر من نفسك، نعم فيما مضى كنا نسمع عن بعض المشكلات التي تتسبب فيها الثقة بالآخرين، وكنا نقول إنها مجرد أشياء عادية، لكن الآن أصبحت في بيوتنا ومحيطنا ومجتمعاتنا، وهدف الفاعل هو إسقاط ثقتك بنفسك، ووضعك في موقف تحقير وهزيمة نفسية عن طريق إسقاطاته النفسية بما يشعر به تجاه نفسه، فهو يراك أفضل، بل يراك الأفضل، لذا تساعده ثقتك به أن يهدم علاقتك بذاتك، تواصلك مع نفسك، فلا تمنح أحداً تلك الثقة العمياء، وإن فعلت، فاسلبها وأعد بناء ثقتك بنفسك من جديد، أعلم أنك تتساءل كيف هذا؟!
دعنا أولاً نتعرف على معنى الثقة بالنفس، فهي إحساس الشخص بقيمة نفسه بين المحيطين به، فتُترجم هذه الثقة كل شيء من سكناته وحركاته، وتجعله يتصرف بشكل طبيعي دون رهبة أو قلق، ويكون مالكها ذا حكم على تصرفاته، فهي نابعة من ذاته، لا شأن للآخرين بها.
فإن ملكت ذلك التعريف، فأنت ذو ثقة بنفسك، وإن لم تمتلكها وكانت لديك تلك العلامات التالية، فأنت محتاج لإعادة بناء ثقتك من جديد:
عدم قدرتك على ترك انطباع أوّل جيّد لدى الآخرين في المواقف المختلفة.
التصرّف بخجل وتردد.
الحزن المستمرّ لعدم شعورك بأنّك تستحقّ السعادة.
الاستسلام للمعاملة السيئة من قِبل الآخرين؛ لشعورك بأنّك تستحقّ تلك المعاملة.
نقد الآخرين دائماً لتعويض الشعور بالنقص.
السعي الدائم والمُبالَغ فيه لإثبات حضورك في كلّ حوار عاديّ.
الاعتذار عن مواقف لم تكن مخطئاً بها.
لا تستخدم لغة الجسد أثناء تعاملاتك وحديثك مع الآخرين.
تؤمن بمبدأ فَرِّق تَسُد.
تسقط مشاعرك السيئة على الآخرين.
تهرب من حقيقة ماضيك.
تلوم الآخرين، وتلعب دور الضحية.
فهيا لنعرف مصادر هدم ثقتك، ونعيد بناء علاقتك بذاتك من جديد:
1- التنشئة الاجتماعية وصدمات الطفولة: وهي كبت آرائك وعدم تشجيعك عليها أو السخرية منها عندما كنت صغيراً؛ الضغط عليك حين فشلت في إنجاز مهمة، سواء كانت دراسية أو حياتية.
2- تصحيح الأخطاء الدائم من الوالدين، وإشعارك بوجوب المثالية والانضباط مما يجعلك شخصاً غير واثق بقراراته، غير قادر على التفكير.
3- الوراثة: وهي نسبة هرومون السيروتونين المعروف بهرمون السعادة، وهرمون الأوكسايتوسين المعروف بهرمون العناق، وعدم تحفيز كلا الهرمونين منذ الصغر في جسدك عن طريق الوالدين، بالإضافة إلى طبيعتك التي قد تكون مذبذبة.
4- المؤثرات الخارجية: وهي التي تنشأ نتيجة اختلاطك بالبيئة الخارجية وتعرضك لسموم الآخرين مثل التنمر والتحبيط والدخول في علاقات سامة، والعيش في ظروف معيشية صعبة مثل المرض والفقر والانفصال والبطالة.
5- عدم تقدير الذات: منذ طفولتك حتى الآن، وأنت تكوّن صورة عن نفسك من خلال تجارب الحياة وآراء الآخرين، وقد تكون تلك الصورة هي التي أدت إلى عدم معرفتك بقيمة نفسك الآن.
6- الفشل المهني: نعم حين تفشل في عمل ما ،أو يكون ذلك العمل لا يتناسب مع قدراتك ولديك بعض التخوف وعدم الراحة تجاه هذا العمل، فهذا كفيل بأن يهدم ثقتك بنفسك.
7- عدم تقبلك لذاتك: وهو أن تقوم بانتقاد نفسك، ومحاولة تغييرها لكي تكون مثالياً في عين الآخرين.
ولكن ما هي أضرار عدم الثقة بالنفس؟!
– فقد الدافعية والتحفيز.
– الفشل الاجتماعيّ في العمل.
– دوام الشعور بالإرهاق.
– الصعوبة في تحقيق الأهداف.
– عدم تقبّل النقد.
– عدم المخاطرة.
– التردد.
– وجود بعض الاضطرابات الشخصية (كالحدية، والنرجسية، وغيرهما)
معلومة: قد تكون فاقداً للثقة في ذاتك ولا تظهر عليك تلك العلامات، لكن أنت تشعر بها، إن كنت من أصحاب اضطراب الشخصية النرجسية؛ لأن أصحاب هذا الاضطراب لديهم حقيقة داخلية ووجه مزيف يراه الآخرون ولا يظهر إلا عند الانتقاد، نتحدث قريباً عن ذلك الاضطراب بإذن الله.
كيف نعالج انعدام الثقة بالذات؟
أحضر دفترك وقلمك، وقم بتفريغ المواقف التي تذكرتها أثناء قراءتك للمقال؛ لأن أثر ذلك الموقف لم ينتهِ بعد، وكرر على نفسك أن هذا كان مجرد رأي لا يعنيني، وأن ما بدر منك لم يكن ذنباً، بل كان خطأ بشرياً، وأنك بشر غير منزَّه عن الخطأ، وأن هذا الموقف حدث لتتعلم منه كذا وكذا، انظر لإيجابيات ما حدث في الماضي، تفاخر بكونك الشخص الذي أنت عليه، وافعل هذه الأشياء أيضاً:
– تقبل ذاتك وعيوبك وأخطاءك، فأنت بشر، وتصالح مع شكلك ومظهرك، فهذا خلق الله، وحاول إصلاح نفسك دون جَلد لذاتك.
– تعرف على نفسك من جديد، ابحث عما يميزك عن الآخرين، واصنع تواصلاً دائماً بينك وبين نفسك، سواء بالتأمل واليوجا أو الرقص على لحن الموسيقى، أو التحاور والمناقشات الذاتية.
– غيّر تفكيرك، فلا تثيرك الكلمات، بل كن قارئاً للأفكار، فكم من مدَّعٍ للحب سمم عقلك بأفكاره المخبأة خلف الكلمات، فتعلم إدراك الأفكار المستترة خلف الكلمات.
– عبر عن ذاتك بحزم، وكن مدركاً لما تريد وما لا تريد، واطلبه أو ارفضه، ولا تشعر بالذنب أو الضعف تجاه ما تريد.
– اصنع خطتك لتحسين علاقتك بذاتك واحترامها وطور من مهاراتك واكتسب مهارات جديدة.
– تعامل مع الأشخاص الإيجابيين، وضع نفسك في مجتمع مشجع، وابتعد عن المجتمعات السلبية المحبطة.
– كافئ نفسك عن كل إنجاز تصل إليه شرط أن تكون تلك المكافأة شيئاً تسعد به ذاتك وتتحمس للاستمرار بعده، سواء كانت مكافأة مادية أو معنوية كمساعدة الآخرين.
– شارك إنجازاتك مع شخص تثق به وتثق بأنه سيدفعك للأمام ويساعدك بأن تصبح شخصاً أفضل.
– مارس الرياضة البدنية، فإنها تبني ثقة الجسد لينتقل إلى داخلك فتزيد ثقتك بنفسك.
وفي الختام لا تكن أحداً سوى نفسك، ولا تلبس وجه غيرك وتكره ذاتك، فتصبح صاحب اضطراب الشخصية النرجسية، ولا تزعزع أمانك تجاه الآخرين فتكون صاحب الاضطراب الحدي، ولا تترك نفسك للآخرين فتصبح اعتمادياً، وتصالح مع ذاتك تكن لك المأوى، وكن لنفسك الأمان واستمد من نفسك الثقة، وابحث عن ذاتك وشد رحالك إليك وصحح ما هُدم بعقل الطفولة، واسترجع كل أحداثك التي هدمت،ك ورقع ثوب ثقتك من جديد، وإن واجهت الصعاب فالجأ لصاحب الخبرة والمختص ليتولى عنك علاجك لتصبح صديقاً لنفسك من جديد، فدمتم ودامت صداقة أنفسكم بكم وبُنيت بكم الحياة من جديد.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.