هل ممكن أن يعتدي طفلٌ على الآخر جنسياً؟ وكيف تحمي طفلك من تلك المواقف الصادمة؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/22 الساعة 12:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/22 الساعة 12:27 بتوقيت غرينتش
الاعتداء الجنسي على الأطفال - تعبيرية/ shutterstock

بعد واقعة الاعتداء الجنسي على طفلة أسيوط التي هزت المجتمع المصري من جديد، وحيث إن اغتصاب الأطفال ليس بجريمة جديدة نسمع عنها، فهي متواجدة في كل زمان ومكان، ولكن الجديد هو نسبة انتشارها والفئة التي يصدر منها التعدي وأيضاً الواقع عليها الاعتداء، والكل في صدمة كبيرة؛ كيف لطفل عمره ثلاثة عشر عاماً لم تخط شواربه أن يقوم باغتصاب تام لطفلة لم تبلغ الخامسة من العمر؟ فهل أغرته ضفائرها أم براءة طفولتها! فهل يدرك الطفل مفهوم الجنس؟ وهل هو حب استطلاع وفضول مراهق أم هوس جنسي؟ وما الذي يدفعه للاعتداء على طفل آخر؟ وكيف نتعامل مع الطفل الذي تعرض للاغتصاب؟ وكيف تحمي طفلك من التعرض للتحرش أو الاغتصاب؟

هل يدرك الطفل مفهوم الجنس كما الكبار؟

في الحقيقة إن الأطفال لا يكون لديهم مفهوم واضح للجنس، لذلك لا تكون الشهوة الجنسية عالية بقدر ما تكون دوافعهم الفضول والتعرف على التغيرات التي طرأت على أجسادهم أثناء النمو، فيبدأ الطفل في استكشاف ما يحدث له أثناء مرحلة النمو هذه، كما أن تأثر الأطفال بالجنس للدرجة التي تدفعهم لارتكاب ما هو غير مباح لهم، يكون له عدة أسباب، أولها النشأة، إذ إنه إذا كان الأب أو الأم يمارسان الجنس أمام الطفل دون أخذ الحذر فمن الممكن أن يؤثر هذا على الطفل ويقوم بممارسة ما شاهده خارج المنزل، دون الأخذ في الاعتبار ما إذا كان هذا الأمر صحيحاً أم خطأ، أو عندما يمنعانه من هذا الأمر فيقوم بممارسته بعيداً عن أعينهما ظناً منه أن هذا الأمر لا يمكن ممارسته في وجود الأهل فقط ولكن ما دون ذلك مباح.

كما أن البيئة المحيطة أيضاً من العوامل التي من الممكن أن تؤثر على الطفل، إذ إن الأطفال يعلمون بعضهم البعض ما يشاهدونه أو يسمعونه، كذلك ثقافة الأهل التي تبيح للطفل أشياء من الممكن أن تؤثر عليه سلباً كمشاهدة التلفاز أو اللعب على الهاتف المحمول دون رقابة أو دون تحديد وقت لذلك، من العوامل التي من الممكن أن تدفع الطفل لارتكاب هذه الأفعال.

 متى يبدأ الطفل في تكوين مفهوم الجنس؟

مفهوم الجنس يتكون لدى الأطفال نتيجة ما يسمعه أو ما يشاهده من حوله، فيبدأ ينمو إلى مداركه أنه يريد أن يجرب هذا الأمر، فيبدأ في ممارسته في محل غير صحيح، ولكن التصرفات غير المباحة التي من الممكن أن يقوموا بها لا تكون نتيجة غريزة ملحة لديهم، حيث إن الطفل من عمر 3 أو 4 سنوات يستطيع تحديد هويته الجنسية، ومن العمر 7 إلى 12 عاماً يبدأ يتكون لديه مفهوم الجنس بناءً على طبيعة كل طفل وطريقة تفكيره، إذ إنه في هذا العمر تبدأ تساؤلات الطفل حول هذا الأمر في التزايد، فإذا وجد من يجيب عليه ويفهمه بشكل صحيح سيتكون لديه مفهوم صحيح، أما إذا لم يهتم الأشخاص المحيطون به وبتساؤلاته يبدأ في تكوين المفاهيم الخاطئة والتي من الممكن أن تدفعه لارتكاب أفعال غير مباحة.

لذلك فإننا ننصح الأهل بالإجابة عن كافة الأسئلة التي يطرحها الطفل حول الجنس، وأن يبدأوا في سن صغيرة بتعريفهم على الأعضاء التناسلية ومعرفة أسمائها، كذلك توعيتهم بأنه ممنوع أن يقوم أي شخص بلمسهم ويجب أن يعترضوا على هذا الأمر، وإذا اقترب منهم أي شخص بدرجة زائدة يجب أن يستغيثوا بمن حولهم، وكذلك منعهم هم أيضاً من فعل هذه الأشياء مع غيرهم.

لا بد أن يفهم الطفل كيف ومتى يوقف الاعتداء عليه جنسياً/ shutterstock
لا بد أن يفهم الطفل كيف ومتى يوقف الاعتداء عليه جنسياً/ shutterstock

هل الهوس الجنسي هو السبب وراء الاعتداء؟

ما لا يعرفه الكثيرون أنه يوجد لدى بعض الأطفال هوس الجنس، ويعتبر بالفعل مرضاً خطيراً لدى الطفل عند ممارسته الجنس مع الضحية وهو طفل آخر يكون فارق العمر بينهما 5 سنوات أو أكثر، ويعتبر هذا المرض اضطراباً وخللاً نفسياً شديداً جداً، قد يؤدي إلى جرائم قتل لإخفاء جريمته، فالأطفال لا يكون لديهم إدراك بما يحدث لهم في هذه الواقعة، كما أنه يتعمد ألا يظهر صفاته السلبية أمام الآخرين، محاولاً الظهور بمظهر شخص ذي أخلاق ومتعاون ومنمق، وغالباً ما يأتي هذا المرض من أسرة مضطربة وغير متكاملة، نتيجة الهجر والطلاق، أو انشغالاتهم  في الحياة عن أولادهم.

إذاً.. لماذا قد يقوم طفل باغتصاب طفل آخر؟

هناك أسباب متعددة قد تدفع الأطفال إلى القيام بمثل هذا الأفعال مثلما حدث مع "طفلة أسيوط"، حيث إن 70% من الأسباب ترجع إلى سوء استخدام "الإنترنت" وتحديداً "السوشيال ميديا" والاطلاع على محتوى إباحي أو غير مباح، واعتداءات جنسية، و10% فقط تكون بسبب معايشة الطفل لهذا الأمر، مثل مشاهدته الأب والأم، أو الاعتداء على الطفل نفسه من قبل أو ممارسة ذات الشيء معه من قبل مما ساعد على استثارته، فحاول أن يجربه مرة أخرى.

كثير من الأطفال الذين يقومون بسلوكيات جنسية غريبة قد يكونون ضحايا لآخرين/ shutterstock

كيف نتعامل مع الطفل الذي تعرض للاغتصاب؟

أولاً: إياك أن تلقي اللوم على الطفل مهما كان السبب، الطفل المغتصب ليس متهماً، وبالتالي عليك الكف عن محاسبته بقول: (لو لم تخرج في ذلك الوقت لما تعرضت للاغتصاب.. لو استمعت إلى كلامنا لما حدث لك ذلك) وغيرها من كلمات تدمر نفسية طفلك أكثر وتجعله يتردد في إخبارك بأي تفاصيل مهمة أو حوادث كتلك.

ثانياً: أشعِر طفلك بالحنان والاهتمام، وأخبره أن ما حدث معه جريمة، وأن من قام بها سينال العقوبة، مع التأكيد على أنه غير مسؤول عما حدث.

 ثالثاً: عليك بسرعة التوجه إلى طبيب مختص في الجهاز التناسلي للتأكد من سلامة طفلك الجسمانية، ومن ثم التوجه إلى الطبيب النفسي وعرض طفلك عليه لمساعدته على تخطي آثار الاغتصاب عليه؛ لأنها ستترك انطباعات سيئة في ذاكرته، وإذا لم تتمكن من تخطيها؛ سيصبح مريضاً نفسياً، لدرجة تجعله قد يفكر في الانتحار.

رابعاً: على الأهل التوقف عن سرد القصة مراراً وتكراراً أمام الآخرين، ويفضل محاولة تغيير السكن؛ إذا كانت حادثة الاغتصاب بالقرب من المنزل.

خامساً: اصطحب طفلك في رحلة استشفائية مع التأكيد على عدم ترديد عبارات الشفقة والتحسر على الطفل وما تعرض له من اعتداء.

سادساً: شجع طفلك على ممارسة الرياضات المختلفة في الهواء الطلق، والهوايات التي يفضلها، وأيضاً الاستماع للموسيقى، وقراءة قصص وكتب لشخصيات نجحت في الحياة تبث في نفسه الأمل من جديد وتشجعه على الاستمرار.

سابعاً: شارك طفلك أوقاته واجعله يشاركك مثلاً في أعمال الطبخ وصنع طعام يحبه وأثنِ على أدائه وصنيعه في كل خطوة.

ثامناً: بث في طفلك الثقة بنفسه وقدرته على تخطي كل صعب مهما كان، وأخبره أنك بجانبه ولن تتركه، وبث في نفسه عبارات تشعره دوماً بالأمان والثقة.

تاسعاً: لا تعاير طفلك ولا تسمح لأحد بمعايرته بهذا الأمر في أي وقت كان، وعلمه كيف يحمي حقه ويدافع عن نفسه بتوازن وحكمة.

احتواء الطفل يساعده على تجاوز هذه الأزمة الصعبة بنجاح/ shutterstock

كيف تحمي طفلك من التعرض للاغتصاب أو التحرش؟

علم طفلك أسماء أعضاء جسده بأسمائها الحقيقية بصورة جادة لا مجال للمزاح أو التدليل فيها، وعليك تجنب تسميتها بأسماء مستعارة، حتى لا يشعر الطفل بالعار من أجزاء جسده، وعلمه حدود جسمه وأنه ليس من حق أي شخص لمسها أو رؤيتها سوى الأبوين ولوجود ضرورة كالكشف الطبي مثلاً.

كما لا يمكن التقاط الصور لها، ومن يفعل ذلك معه يرفضه بشكل صريح ويخرج من المكان فوراً ويبلغ أحداً من ركنه الآمن من أسرته كالأبوين.

اطلب من طفلك الإذن قبل عناقه وتقبيله أو لمسه وذلك حتى يتعلم أن جسده ملكه هو فقط وأن من يريد لمسه عليه باستئذانه أولاً، ومن يفعل غير ذلك فعليه الصراخ والاستنجاد بمن حوله لمساعدته. كما يجب أن تعلم طفلك قول "لا" واحترام رفضه لعدم لمسه بغير إذن أو فعل شيء بغير رضاه، وأخبره أن يفعل ذلك في حال تعرضه لموقف أو شخص غير مريح ومؤذٍ له.

من أهم الأمور التي يجب تكوينها لدى طفلك أيضاً هو الشبكة الآمنة المكونة من ثلاثة إلى خمسة أشخاص من أفراد الأسرة القريبين منه ويفضل أن يكون شخص منها من خارجها، على أن يكون موثوقاً وأميناً ويستطيع الطفل البوح بكل شيء لهم، كما يجب أن يشعر طفلك بالأمان دائماً بحيث يدرك أنه لا وجود للأسرار بين أفراد أسرته، فلا يخبئ شيئاً عنهم ويحكي ما يحدث له بشكل يومي، وتكون الأسرة بذلك على وعي واتصال دائم بما يحدث لطفلهم، مع مراعاة التأكيد على التفرقة بين الأسرار المتعلقة بالمناسبات السعيدة وبين الأسرار التي تهدد أمانه.

إضافة لذلك يجب أن تعلم طفلك أن يثق في حدسه عندما يشعر أنه غير آمن بلمس أحدهم له، ومن حقه أن يعترض على هذا بقوله "لا أريد أن تلمسني"، سواء كان لقريب أو شخص غريب عنه، وعلمه رفض دخول أي شخص معه الحمام لأي سبب، وإذا تعرض لذلك عليه الرفض بقوة والصراخ، وكذلك رفض أن يقبل أحد أجزاء جسده أو الجلوس على ساق أي من الغرباء، أو الاختلاء به وطلب أمور غير مريحة بالنسبة له، حيث إن 40% من الأطفال ضحايا التحرش الجنسي هم ضحايا أطفال آخرين، وهو ما قد يحدث من الإخوة أو في لقاء الأطفال للعب في بيت أحدهم أو بالمدرسة.

لذلك لا يجب أن يترك الأطفال دون مراقبة من البالغين، واحرصي على تعليم طفلك أن أي لعبة مع أصدقائه لا يجب أن يكون بها تلامس جسدي إلا بشكل آمن وفي وجود أحد الكبار، ويجب على الأهل الوعي بالأعراض الجسدية التي قد تدل على تعرض طفلهم للتحرش وذلك للتدخل المبكر وعلاج الأمر قبل فوات الأوان.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

آلاء مهدي
مدونة مصرية، وتربوية متخصصة فى الموهبة وصعوبات التعلم
حاصلة على بكالوريوس العلوم فى التربية الخاصة، كلية التربية الخاصة، جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، باحثة ماجستير صعوبات التعلم بكلية علوم الإعاقة والتأهيل، جامعة الزقازيق
تحميل المزيد