تتطور الأحداث داخل الساحة الدولية بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وما أفرزته من تداعيات دولية وإقليمية أثرت على العالم بأسره سياسياً واقتصادياً، وقسمت التكتلات الإقليمية إلى من يدعم حرب روسيا ومن يعارضها.
هذا التفاعل داخل المجتمع الدولي لم تُستثنَ منه المناطق العربية، حيث أثرت الحرب على الأجواء السياسية والاقتصادية لهذه الدول العربية، بل على مسار تحالفاتها مع الدول الكبرى.
وخلال هذه التفاعلات مع الأحداث الجارية انقسمت الدول العربية إلى قسمين: قسم يتبع الشرق (روسيا الاتحادية)، والقسم الثاني يدور في فلك الغرب (الولايات المتحدة الأمريكية).
ونرى أن هذه التجاذبات السياسية قد تجسدت واضحةً على الساحة العربية. وذلك، من خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمنطقة الشرق الأوسط، وزيارته لفلسطين المحتلة، وبعدها توجهه إلى السعودية والمشاركة في "قمة جدة للأمن والتنمية"، وما صدر في ختام البيان الصادر عنها من قرارات.
كان أهمها موافقة السعودية على زيادة إمداداتها من البترول داخل السوق الدولية، وهذا معطى جديد داخل الساحة الدولية، ويمكن أن يكون له تأثير على الحرب الدائرة في أوروبا. أما القرار الآخر وهو صادر من الرئيس الأمريكي جو بايدن، فهو تأكيده قدوم دول عربية أخرى لتدخل في إطار التحالفات العربية مع "إسرائيل".
وهذا أيضاً ستكون له تداعيات أخرى على الساحة العربية، والقمة العربية المزعم انطلاقها في الجزائر. وهنا يطرح السؤال: هل تنعقد القمة العربية في ظل هذه الظروف أم تكون الظروف الحالية قد حسمت فشلها وبالتالي بداية تقسيم جامعة الدول العربية إلى قسمين؛ الأول: توجه يناهض التطبيع مع "إسرائيل"، والثاني: ينسج معها خيوط التطبيع والتكتلات؟
في ظل هذين النقيضين، نجد أن إيران داخل هذا المشهد الدولي الملتهب تلعب بجميع الأوراق الممكنة لتثبيت موقعها إقليمياً ودوليّاً.
هي تفاوض الولايات المتحدة الأمريكية على برنامجها النووي، وتكسب من وراء ذلك بعض النقاط لتحقيق الهدف، وإرجاع أمريكا إلى الاتفاق الأول بمشاركة الدول الأوروبية. وهذا إذا نجحت فيه طهران فسيكون نقطة تحول في علاقاتها الخارجية، وخياراً استراتيجيّاً بعيد المدى لأمنها القومي.
في الوقت نفسه لم تتخلَّ إيران عن حليفتها الاستراتيجية روسيا، بل بدأت تداعيات الحرب على أوكرانيا والصراع الروسي الغربي تفرز إشارات إيجابية أخرى لطهران، وهذا ما ستفصح عنه زيارة بوتين المرتقبة الثلاثاء القادم، لهذا البلد، والتي ستشهد توقيع الاتفاق الاستراتيجي بين البلدين.
ختام القول: ندرك أن الدول العربية، مقارنةً مع جيرانها الإقليميين، لم تفلح بعد في إدراك كيف يمكنها أن تحافظ على أمنها القومي دون أن تدخل في أجواء حروب ونزاعات هي بعيدة عنها وحتى لا تسقط في فخ المساومة بين الدول العظمى.
لذلك، الدول العربية ما زالت تتأخر في مفهوم "المفاوضات" مع الآخر، وكذا، لم تعِ جيداً، كيف يمكنها مجاراة التحولات والأزمات الدولية التي تطرأ على الساحتين الدولية والإقليمية، دون أن تقحم نفسها بداخلها ودون أن تترك القضية الفلسطينية وحدها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.