احتفلت الجزائر بالذكرى الـ60 لاستقلالها على المستوى الرسمي، ودعت زعماء العالم لحضور العرض العسكري المهيب للجيش الجزائري الذي قدم لنا أروع الصور من ناحية تنظيم وتنسيق صفوف العساكر.
وقد وجه رئيس الجزائر عبد المجيد تبون دعوة رسمية إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والوفد المرافق؛ حيث استقبلهم بحفاوة كبيرة لاحظها الجميع وكأنه يقول للصديق والعدو والخصم: هنا في الجزائر قادة المقاومة يُرحب بهم ويعززون ويكرمون! وكيف لا؟ وهم في بلد المليون شهيد، بلد الشهداء والتضحيات. فليست هذه جديدة على الجزائر التي تعلن في كل مناسبة أنها برئيسها وشعبها مع المقاومة الفلسطينية ويدعمون المصالحة لإنهاء الانقسامات الداخلية.
الدعم السياسي والمعنوي لقائد من قادة المقاومة تجلّى في أجمل المشاهد بهتاف الجيش الجزائري أثناء العرض العسكري لفلسطين وشعبها في غزة وعلى سمع كل الحاضرين وفي مقدمتهم الرئيس هنية الذي كان على المنصة الرسمية، مشاهداً العرض العسكري من خلال المنظار. فكانت التحية له ولغزة المحاصرة بالهتاف باسمها.
وتحرص الجزائر وحكومتها على دعم القضية الفلسطينية ومناصرة المقاومة التي أثبتت وجودها على جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والدولية؛ مما أثار القلق لدى قادة "إسرائيل" الذين راقبوا باهتمام بالغ زيارة هنية للجزائر وخلصت تحليلات صحفهم ومواقعهم إلى أن الجزائر تعد العدة لإنشاء قاعدة لوجستية لحركة حماس ومدها بكل المستلزمات العسكرية.
ومن المعلن وليس سراً أن الجزائر لا تخفي الدعم السياسي لحماس في قطاع غزة، ولكن الخوف الإسرائيلي اليوم من مشهد الاستقبال المميز الذي حظي به إسماعيل هنية واجتماعه مع أهم القيادات والشخصيات السياسية في الجزائر، الذي تُرجم بحسب العقل الإسرائيلي أنه توجه من الجزائر لدعم المقاومة عسكرياً.
وقد أضاءت على هذه التوجهات مواقع وصحف عبرية، إذ أشار موقع "إسرائيل ديفينس" إلى أن: "إسرائيل تنظر لاستضافة قادة حماس في الجزائر على أنها إشارة لإسرائيل وأمريكا بأن الدعم العسكري الذي يقدمانه للمغرب لن يمر بهدوء"!
لذا تسعى الجزائر لتعزيز علاقتها بحماس وإلى جانب الدعم السياسي الجزائري لحكم حماس في قطاع غزة يمكن للجزائر أن تسمح لحماس بإنشاء قاعدة لوجستية آمنة نسبياً في شمال أفريقيا لنقل الأسلحة وتطويرها وتقديم التدريب العسكري. "إن حصل هذا الأمر فسيكون على الموساد والجيش إنشاء بنية تحتية قتالية لإحباط عمليات وتموضع حماس هناك!".
وفي السياق ذاته، كتبت صحيفة "إسرائيل اليوم" عن زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس هنية بأن "صرَّحَ قائد لواء الأبحاث السابق في ركن الاستخبارات العسكرية العميد احتياط يوسي كوفرفسر بأن زيارة هنية الأخيرة إلى الجزائر أثارت حفيظة الكثيرين داخل إسرائيل وسط مخاوف إسرائيلية كبيرة من تحول الجزائر إلى قاعدة إمداد لوجستي لصالح حماس".
ومما لا شك فيه أن دعوة الجزائر لأهم قادة المقاومة الفلسطينية سبب الإرباك للقادة الصهاينة فهم يبذلون كل الجهود الدولية والعربية كي تُنبذ حركات المقاومة وقادتها وعلى رأسها حماس في كل الدول العربية والغربية بما يخدم مصالحهم واستراتيجيتهم.
لذا كان الاحتضان الرسمي والشعبي في الجزائر لهنية محط أنظار العدو فهو لن يتقبل فكرة تقديم الجزائر الدعم لحركة حماس لوجستياً، والذي يُعد ضربة موجعة 'لإسرائيل"، فإن قوة حماس الخارجية تلقائياً سوف تمتد إلى قطاع غزة وتثمر نتائجها في أي عدوان غاشم على الشعب الفلسطيني. فالذعر الإسرائيلي مبرر وهو الذي يسعى إلى تجفيف منابع الدعم المالي والعسكري للمقاومة بشتى الوسائل والطرق.
والسؤال الأهم:
هل فعلاً قد تكون الجزائر ركيزة أساسية من ركائز الدعم لحماس على أراضيها؟ وإن صحت التكهنات الإسرائيلية بإنشاء قاعدة عسكرية لتدريبات حماس، هل ستكون هناك عمليات للموساد لإيقاف التعاون الجزائري مع المقاومة؟
ربما في الأيام المقبلة نجد الأجوبة بناء على التطورات والمستجدات، وتبقى الجزائر بلد المليون شهيد السند للمقاومة الفلسطينية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.