كانت مباراة المنتخب الوطني المغربي ضد نظيره المصري برسم الدور الربع النهائي في كأس إفريقيا الأخيرة بالكاميرون، والتي خسرها الأسود في الأشواط الإضافية بهدفين لهدف بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فكارثية تدبير وتحضير المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش للمباراة أزال خيط الثقة الرفيع جداً المتبقي بينه وبين الجماهير المغربية.
الأخيرة لم تتقبل إهداءه مفاتيح الفوز في المباراة لخصمه على طبق من ذهب، وهو الذي أشرك حسب وجهة نظرهم لاعباً غائباً عن التنافسية وهو اللاعب منير الحدادي الذي لا يحظى بدقائق لعب كافية مع ناديه إشبيلية الإسباني، فضلاً عن تراجعه غير المبرر إلى الدفاع منذ لحظات المباراة الأولى بعد تسجيل هدف السبق من ضربة جزاء نفذها اللاعب سفيان بوفال، وإخراج الأخير رغم فاعليته وحلوله الهجومية، وإفراغ المنتخب المغربي من نجومه كحكيم زياش ونصير المزراوي وأمين حارث، وانعدام خطة وأسلوب لعب واضحين، وعدم تقديم المنتخب المغربي لأسلوب اللعب الهجومي الممتع المعروف عنه، كلها أسباب منطقية عددها الجمهور المغربي من أجل رحيل المدرب البوسني سريعاً عن قيادة الأسود، لكن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في شخص رئيسها فوزي لقجع وضعت كامل ثقتها في المدرب وحيد خليلوزيتش مما أوضح تلقائياً أن الأخير هو ربان السفينة في المباراة المؤهلة لمونديال قطر 2022 أمام منتخب الكونغو الديمقراطية.
استمرار العناد وتحقيق التأهل للمونديال
لم تشفع مباراة الذهاب التي خاضها الأسود أمام الكونغو الديمقراطية بكينشاسا، والتي عرفت عودة المغرب بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله من توقيع اللاعب طارق تسيودالي، للمدرب وحيد خليلوزيتش من أجل كسب الثقة المفقودة.
فإلى جانب استمرار عناده باستبعاده لنجوم المنتخب المغربي، حكيم زياش ونصير المزراوي وأمين حارث، قدم المنتخب الوطني مباراة وصفها المغاربة بواحدة من أسوأ مباريات المنتخب الوطني المغربي عبر تاريخه، وأن الأداء الذي يقدمه الأخير في عهد البوسني لا يليق بتاريخ الأسود المتسم باللعب الهجومي والممتع ولو غابت عنه الألقاب.
لذلك نادت فئة كبيرة من الجمهور من أجل خوض مباراة الإياب بمدرب آخر، لكن لقطة رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع وهو يقوم بتهنئة المدرب خليلوزيتش، معانقاً إياه، بعد نهاية مباراة الذهاب، أكدت أن حبل الثقة بين المدرب والجامعة ما زال قائماً، على الأقل إلى حين نهاية مباراة الإياب.
حقق المنتخب الوطني المغربي التأهل لمونديال قطر بعد فوزه إياباً على نفس الخصم بملعب محمد الخامس برباعية لهدف، وانتظر الجمهور المغربي أغلبه إقالة البوسني من تدريب الأسود رغم تحقيق التأهل، لا سيما بعد تسريب مقطع فيديو له وهو يقوم بسبّ فئة من الجمهور بعد نهاية المباراة، لكن ذلك لم يحدث بعد خروج فوزي لقجع؛ ليؤكد ثقته في وحيد الذي قام بعمل كبير، حسب وصف رئيس الجامعة.
حضور خليلوزيتش لقرعة المونديال
في بداية شهر أبريل/نيسان الماضي كلف فوزي لقجع الناخب الوطني وحيد خليلوزيتش بحضور قرعة كأس العالم لكرة القدم بقطر، وهو التكليف الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك أن سفينة الأسود بقطر ستعرف استمرار نفس الربان، وأن فيديو خليلوزيتش وهو يقوم بالإشارة لفئة من الجمهور الحاضر بالملعب متلفظاً بعبارات نابية في حقهم، سيمر مرور الكرام ولن يكون سبباً في إقالة الناخب الوطني البوسني.
وتفاعل الناخب الوطني مبتسماً مع مجريات القرعة التي وضعت الأسود في المجموعة السادسة إلى جانب منتخبات بلجيكا وكرواتيا وكندا، وظهر واثقاً في كل تصريحاته عقب القرعة بقيادة الأسود نحو تحقيق مشاركة تاريخية بالمونديال رغم صعوبة القرعة مستحضراً تجربته مع المنتخب الجزائري في مونديال البرازيل، ووصوله رفقته لثُمن النهائي.
حرب التصريحات والتلميحات
بعدما كان يؤكد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أنه يضع كامل الثقة في المدرب وحيد، أصبح فجأة يلمح إلى إمكانية رحيل البوسني عن الأسود، فكان تصريحه الذي يفيد بأن البوسني سيرحل يوماً، ففوزي لقجع الذي قال إن وحيد خليلوزيتش ليس بالمدرب الذي لا يمكن المساس به، أكد أن الباب مفتوح أمام عودة اللاعبين المغضوب عليهم؛ حكيم زياش ونصير مزراوي وعبد الرزاق حمد الله وأمين حارث، وهو ما أغضب المدرب البوسني الذي قال إن تصريحات لقجع لا تهمه في شيء، وأكد في عدة لقاءات إعلامية أجنبية أنه سيظل متشبثاً بقناعاته، وأنه لن يفتح الباب أمام عودة اللاعبين المعلومين، مشبهاً نفسه بصخر "الغرانيت" الصلب، وهو ما عزز فرضية رحيل البوسني، وأن الجامعة تحضر المدرب الذي سيخلفه على رأس العارضة التقنية للفريق الوطني المغربي بعد توتر العلاقات بينه وبين لقجع.
ترشيحات المدربين المحتملين وسلسلة الاجتماعات
كانت تدوينة اللاعب الدولي المغربي السابق الطاهر لخلج على حسابه الشخصي على موقع فيسبوك، والتي رحب فيها بصديقه البرتغالي أندري فيلاش بواش كمدرب لأسود الأطلس، بمثابة التأكيد على كون أيام المدرب البوسني وحيد بالمغرب باتت معدودة، وتناسلت شائعات عن تواجد البرتغالي فيلاش بواش، الذي يمتلك تجارب عالمية؛ حيث درب بورتو البرتغالي وتشيلسي وتوتنهام الإنجليزيين، بمدينة الرباط لمفاوضة الجامعة الكروية، قبل أن تخرج الأخيرة ببلاغ تنفي فيه مفاوضتها له، وتؤكد فيه أن المدرب وحيد خليلوزيتش باقٍ في منصبه، وأنه سيعود من عطلته قريباً لاستكمال مهامه.
رغم نفي الجامعة، استمرت الشائعات والتوقعات والترشيحات من قِبل الصحافة والجمهور، بل ورشح البعض المدرب الفرنسي السابق هيرفي رينارد للعودة لتدريب الأسود في المونديال وبين ترشيحات من هنا وهناك، تقرر أن تكون سلسلة اجتماعات حاسمة بين فوزي لقجع ووحيد خليلوزيتش لتقرير المصير.
صورة وحيد ومزراوي وكوب ماء!
بينما كان الكل ينتظر بلاغ الإقالة بعد سلسلة اجتماعات لقجع وخليلوزيتش، خصوصاً مع العلم أنه لا يرضخ للشروط، وافتراضاً أنه لن يرضخ أبداً لتلك الشروط، تفاجأ الجميع بانتشار صورة لخليلوزيتش رفقة واحد من المغضوب عليهم وهو نصير المزراوي رفقة قنينة وكوب ماء في إشارة لسبب الخلاف بينهما، وتلك قصة أخرى، في إشارة أيضاً إلى بدء صفحة جديدة وطي الخلاف مع اللاعب مزراوي وتلميح لبداية فصل جديد مع باقي اللاعبين المبعدين.
وحيد خليلوزيتش هو مدرب الأسود في المونديال القادم بنسبة كبيرة، فإلى جانب رضوخه لشروط لقجع بطيّ الخلافات مع اللاعبين، فإن سلسلة الاجتماعات مع فوزي لقجع تناولت خطة التحضيرات الخاصة بمونديال قطر، والبداية بالمباراة الودية ضد منتخب الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضاً التصفيات الخاصة بكأس إفريقيا للأمم في كوت ديفوار 2023.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.