ستيفن كيري، لاعب كرة سلة محترف، يرتدي قميص فريق غولدن ستايت ووريورز، ويشتهر الفريق باسم "الووريورز"؛ أي "المحاربون". براعة ستيفن كيري ليست جديدة على العائلة، فكيري هو الابن الأول لأحد أفضل مسدِّدي الرميات الثلاثية في تاريخ الـNBA، ديل كيري.
يشتهر ستيفن كيري بمهاراته المميزة في الرمي، خاصة الرميات الثلاثية، وأرقامه القياسية تتحدث عن نفسها وعنه، فالرجل مُقل في كلامه، ولا يستعرض مثل باقي نجوم الـNBA.
يقول عنه الكاتب الرياضي محمد بدوي: "يبدو الأمر وكأن ستيفن كيري يعيش في عالمه الخاص، ويُتقن أموراً لا يدري الآخرون عنها شيئاً، لكنه تمكَّن بمساعدة مدربه الخاص من إنشاء حقبة جديدة في الـ"NBA"، حقبة يطمح فيها الجميع إلى امتلاك المزيد من المُسدِّدين من خارج القوس، الأمر الذي أغضب البعض ليتهموا لاعباً واحداً بإفساد لعبة بأكملها، لكن على الجانب الآخر فإن الكثيرين يستمتعون بمشاهدة لقطات "كيري" مراراً وتكراراً، لأنه لا أحد يُجبرهم على وضع أيديهم على رؤوسهم أكثر من ستيفن كيري.
هل تشاهد نفسك يا ستيفن كيري؟
وأنا أتساءل: هل كان عبد الحليم حافظ يستمع إلى أغانيه ويُطرب مثلنا؟ هل وقف ليوناردو دافنشي ذات مرة ممتناً لنفسه لأنه رسم لوحة لن يرسمها أحد بعده؟
حين كانت السيدة أم كلثوم تغني كان الجميع يردد ويهتف "الله يا ست"، هل هي ذات مرة قررت أن تضع إحدى أسطواناتها في الغرامافون، وقالت الله على صوتي وأدائي مثلما قالها الجميع؟
في استوديو "بي إن سبورت" الخاص بتحليل مباراة برشلونة وفياريال في إطار الدوري الإسباني، ومع تألق متكرر معتاد لليونيل ميسي، أراد النجم محمد أبو تريكة أن يوجه سؤالاً لميسي عن طريق المراسل أشرف بن عياد، في ذلك الوقت، مفاده: "هل يشاهد ميسي نفسه؟ وهل يستمتع بأدائه مثلما نستمتع نحن به؟"
أجدني ملحاً على نفسي، أريد أن أوجه السؤال ذاته لستيفن كيري، هل تشاهد نفسك يا رجل؟ هل تدرك مدى عظمة ما تفعله؟ هل تستمتع بمشاهدة نفسك مثلما نستمتع نحن؟
لم أرَ في حياتي رياضيَّيْن من عينة كيري وميسي، لا يخوضان أي نوع من أنواع المقارنة، لا يتحدثان عن نفسهما، لا يوجد في قاموسهما الهوس المعتاد بالأحقية والأفضلية، يمتازان ببنية جسدية أقل من أقرانهما في الفريق، ويرتديان الآن الرقم ٣٠.
عندما تشاهد ستيفن كيري في الملعب ينتابك شعور غريب بالراحة النفسية، في لعبة من المفترض أنها مليئة باحتراق الأعصاب، لا عصبية، لا قلق، لا صراعات بدنية، لا استفزازات للخصوم، لا مؤتمرات صحفية مثيرة، هو يستمتع فقط بما يفعل، يخطف أنظار كل المشاهدين بحركات مضحكة، يعطي طاقة إيجابية لجمهوره وزملائه، يقدم فواصل معتادة من الإحماء الفكاهي للجماهير، يضفي مشاعر إيجابية على الجميع، حتى في مباراة كل النجوم.
كل هذا الهدوء والرصانة ينعكسان بالطبع على طريقة لعبه، طريقة السهل الممتنع، من دون تعقيدات أو محاولات لإهانة الخصم لانتزاع الآهات، ينعكس على ثقته بنفسه وثقة زملائه به، يعطيه راحة وأفضلية لتحقيق معدلات تسجيل عالية جعلته المسدد الأول رقمياً في تاريخ الدوري الأمريكي لكرة السلة، وقيادة فريقه لتحقيق تاريخ كبير وعظيم لم يتحقق في عمر النادي الطويل.
كنت محظوظاً بمشاهدة ستيف ناش وچون ستوكتون وچيسون كيد وآلان إيفرسون وكايري إيرفنج وتوني باركر والعديد من صناع اللعب، لكن سعادتي بمشاهدة ستيفن كيري أهم وأكبر.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.