سقوط وصيف بطل إفريقيا، منتخب مصر، أمام إثيوبيا بثنائية في الجولة الثانية من تصفيات كأس أمم إفريقيا، وتعادل كوت ديفوار أمام ليزوتو، وغانا أمام إفريقيا الوسطى، وتونس أمام بوتسوانا، والفوز الصعب لحامل اللقب القاري السنغال أمام رواندا في الوقت بدل الضائع، والكاميرون على بوروندي، والمغرب على جنوب إفريقيا في الدقائق الأخيرة.
كلها نتائج صنعت الحدث في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، تعكس تغيراً واضحاً في هرم الكرة الإفريقية على مستوى المنتخبات، التي لم تعد مصنفة بين كبيرة وقوية، وأخرى صغيرة وضعيفة، وتحمل دلالات ومؤشرات أخرى عن تطور اللعبة في بعض البلدان المغمورة، على غرار جزر القمر وبوتسوانا وإثيوبيا، وتذبذب مردود ونتائج منتخبات أخرى عريقة لم تكن تجد صعوبات في التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا سابقاً، تعيش ضغوطات إعلامية وجماهيرية تنعكس سلباً على المدربين والمسيرين.
معاناة منتخب مصر
خسارة مصر بثنائية أمام إثيوبيا على أرضية ميدان محايد في مالاوي بعد فوزها الصعب في اللحظات الأخيرة من مواجهتها لغينيا كانت من أكبر مفاجآت الجولة الثانية، هزت أركان منابر إعلامية مصرية طالبت بإقالة الاتحاد المصري والمدرب الجديد إيهاب جلال والاستغناء عن بعض اللاعبين، خاصة أن الأمر يتعلق بأول خسارة لمصر في تصفيات كأس أمم إفريقيا منذ أكثر من 3 سنوات في مارس 2019 أمام النيجر، وأكبر هزيمة لها في التصفيات منذ خسارتها أمام السنغال قبل 8 سنوات في سبتمبر 2014، وجاءت في وقت بلغ فيه المنتخب المصري نهائي كأس أمم إفريقيا، والمباراة الفاصلة لتصفيات كأس العالم، رفقة المدرب البرتغالي كارلوس كيروش، الذي حاول منحه هوية لعب ملائمة لقدراته الحالية، قبل أن يقال من منصبه في ظرف وجيز، دون تحضير البديل المناسب لمنتخب بلد يتنفس كرة القدم.
البعض ركز في تحليله وتعليقه على خسارة مصر بثنائية تضاف إلى سلسلة نكسات عرفتها الكرة المصرية سنة 2022، وتغاضى عن تثمين فوز إثيوبيا التي أبدعت في مباراتها بجيل جديد يمتاز بمهارات كبيرة وروح عالية وسرعة فائقة في الأداء، تجاوز بها خبرة المصريين وهيبتهم في ظل غيابات عديدة لأسباب مختلفة، كادت أن تكلف المنتخب المصري خسارة ثقيلة كانت ستكون منطقية بالنظر لسيناريو المباراة وقوة الإثيوبيين الذين سيخلطون أوراق المجموعة، سعياً للتأهل إلى النهائيات للمرة العاشرة في تاريخ أحد مؤسسي البطولة الذي توج باللقب سنة 1962، في وقت عانى المنتخب السنغالي كثيراً قبل أن يحقق فوزا صعبا في الوقت بدل الضائع أمام رواندا من ركلة جزاء في مباراة لم يكن فيها الفرق كبيراً بين بطل إفريقيا ومنتخب الدبابير الذي شارك مرة واحدة في النهائيات الإفريقية سنة 2004، وكاد أن يطيح بحامل اللقب.
الأمر نفسه كاد يحدث للمنتخب التونسي أمام بوتسوانا الذي تعادل معه سلبياً لكن خارج قواعده، في حين كان المنتخب المغربي قريباً من التعثر في مواجهة جنوب إفريقيا، لولا عودته في نهاية اللقاء والفوز بثنائية وسط تذمر كبير في الأوساط الإعلامية والجماهيرية من المدرب وحيد حاليلوزيتش بسبب مشكلاته مع حكيم زياش، وسجاله المستمر مع الصحافة المغربية التي لم تعد راضية عن خياراته الفنية؛ ما سيكلفه منصبه بعد مواجهة ليبيريا هذا الإثنين، حسب تقارير إعلامية مغربية، وتسريبات من الجامعة الملكية لكرة القدم التي تسعى لاستعادة المغضوب عليهم، والذهاب إلى مونديال قطر بكل النجوم، دون منغصات قد تقلل من حظوظ المنتخب المغربي الذي يملك إحدى أفضل التشكيلات في القارة السمراء، وبإمكانه إزعاج المصنف الأول عالمياً منتخب بلجيكا، وكرواتيا وصيفة بطل العالم.
جدل جزائري
يحدث كل هذا الجدل في أوساط إعلامية وجماهيرية للمنتخبات الكبيرة التي تعثرت أو كادت، في وقت يعود فيه المنتخب الجزائري إلى الواجهة بانتصارين على أوغندا وتنزانيا في ظروف نفسية وفنية صعبة، أعقبت خروجه من سباق التأهل إلى مونديال قطر، لكن ذلك لم يمنع بعض المحللين في الجزائر من مواصلة انتقاد المدرب جمال بلماضي، والتشكيك في بعض خياراته لدرجة التقليل من شأن الفوزين بحجة ضعف المنافسين، في زمن لم تعد فيه منتخبات ضعيفة ومباريات سهلة في قارة إفريقيا بكل خصوصيتها وظروفها المناخية والطبيعية التي يصعب لمنتخبات شمال إفريقيا التأقلم معها بسهولة، وفي وقت تشهد فيه الكرة الإفريقية تطوراً سريعاً جعل إثيوبيا تفوز على مصر بالنتيجة والأداء.
المصريون طالبوا بإلغاء المواجهة الودية المقررة هذا الثلاثاء ضد كوريا؛ تجنباً لمهزلة أخرى، تخلف تداعيات كبيرة على الاتحاد المصري والمدرب الجديد إيهاب جلال، الذي جاء في ظرف عصيب، وسيرحل دون شك، وسط غليان جماهيري وإعلامي؛ لأن الأمر يتعلق بمنتخب مصر، منتخب صلاح، ومنتخب لم يعود جماهيره على الأداء التعيس، بغض النظر عن النتائج.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.