ما حدث وما يحدث خلال الأعوام القليلة الماضية على المستوى المحلي والمستوى الإقليمي من أحداث متلاحقة تحوي قنابل موقوتة، تنقلنا من أزمة إلى أزمة، وتجعلنا نشعر بالقلق الشديد من الغد، وما قد يحمله في طياته من عراقيل وأزمات جديدة قد تهدد الاستقرار في مصر، وبالتالي في المنطقة.
مثلاً ما حدث من تسليم جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، ليس مجرد تنازل عن جزيرتين أو بيعهما، كما يتصورها البعض، ولكنها قنبلة موقوتة وأزمة يتم زرعها بين الشعبين الشقيقين (المصري والسعودي) قد يكون لها عواقب وخيمة وتأثير سلبي في المستقبل البعيد على الشعبين الشقيقين. وهي أزمة من أزمات عديدة يتم الدفع بها وتنفيذها بجدارة في قلب العالم العربي، ليجعلوا منه في المستقبل عالماً مليئاً بالأزمات والقلاقل.
الخطورة هنا أيها السادة تكمن في أن النظام الحاكم في مصر الآن، وما يقوم به بمثل هذه الخطوات، سوف يترك إرثاً ثقيلاً لأي نظام جديد قد يأتي بعده إلى صدارة الحكم.
فهناك أزمات أخرى متعددة تم دفع مصر إليها، مثل:
• سد النهضة الإثيوبي، والذي يمثل تهديداً للأمن القومي المصري، لأنه، وبترك هذه الأزمة تحتد بهذه الطريقة وبعد التوقيع على مسودة تفاهم مع الدولة الإثيوبية، مع التراخي في حل الأزمة وتركها تزداد وتتفاقم بهذه الصورة، قد يعرِّض مصر في المستقبل إلى مجاعة بسبب شح المياه مستقبلاً، مما قد يدفع مصر ويدفع أي نظام جديد قد يحكم مصر في المستقبل إلى حروب مكلفة مرهقة خارج حدودها، بجانب وجود مخاطر اصطدامها بالمجتمع الدولي.
وهناك الأخطر من ذلك، وهو أن هذا التهاون والتنازل عن حقوق مصر في المياه قد يشجع دولاً أخرى يمر خلال أراضيها نهر النيل، إلى بناء سدود مماثلة، مما يجعل هناك مشاكل واسعة متفاقمة ومع دول عديدة يصعب على مصر مواجهتها كلها، مع المجتمع الدولي، مما قد يقحم مصر في حروب مكلفة ومرهقة مع دول عديدة.
• أزمة سيناء والتهديد الأمني هناك وتعرض أبنائنا من القوات المسلحة المصرية ومن الشرطة لهجمات إرهابية إجرامية متكررة، والتي تؤدي إلى نزيف دماء مستمر وسقوط شهداء بالعشرات، بجانب الإجرام الذي يحدث في حق المواطنين السيناويين المدنيين، والإجرام في حق جنودنا من الجيش المصري هناك وأفراد الشرطة، يعطي صورة وإشارات للخارج بأن هناك صعوبة في السيطرة على سيناء من قبل الدولة المصرية وفقدانها القدرة على تحقيق الأمن والأمان هناك، مما قد يفتح الباب في وقت ما إلى تدخلات خارجية، بحجة التعاون مع مصر من أجل محاربة الإرهاب، مما قد ينتج عنه تواجد لقوات أجنبية على جزء من أراضينا، مما يخلق أزمة لمصر على حدودها الشرقية.
نخشى من كل ذلك أن تزداد دائرة المخاطر والدفع لتوريط مصر والشعب المصري في أزمات مستقبلية هي في غنى عنها.
وهناك المشكلة الأكبر، والتي تزداد تفاقماً، ألا وهي إهمال البنية التحتية من صرف صحي وشبكات كهرباء حديثة وآمنة في البلاد، خصوصاً في المناطق النائية، بجانب تدهور المنظومة التعليمية وانهيار المنظومة الصحية.
والكارثة الأكبر هي القروض والمساعدات المتتالية والتي حصل عليها النظام من جهات عديدة، منها البنك الدولي والتي كبلت مصر بالديون، والتي لا تدري كيف لها بتسديدها، خصوصاً أنها لم يتم توظيفها واستثمارها في مشاريع إنتاجية تعمل على زيادة الدخل القومي، لكي تتمكن من خلالها القيام بتسديد هذه الديون.
كل ذلك، وكل هذه المشاكل العديدة المعقدة، والتي تم توريط مصر فيها، والناتجة عن عجز النظام في إدارة هذه الأزمات الكارثية، سوف تكون حملاً ثقيلاً وعبئاً على أي رئيس قادم يحكم مصر، وسوف تشكل تحديات كبيرة معقدة لمن يدير الدولة المصرية في المستقبل، وذلك في حالة إذا لم تلجأ مصر إلى هذا الحين، إلى بيع أصولها الثابتة بعد إشهار إفلاسها! والكارثة التي نشاهدها الآن، أنها تبيع أصولها بالفعل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.