قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي شيرين أبو عاقلة، المراسلة الصحفية الفلسطينية، برصاص الغدر، وهو الرصاص الذي نشأت من خلاله دولة الكيان الأمني الصهيوني، قُتِلَت شيرين بدم بارد وهي تغطي جريمة الاحتلال الجديدة باقتحام مخيم جنين (مخيم الصمود الفلسطيني).
مجرمو الاحتلال الإرهابي الإسرائيلي لا يميّزون بين مدني أو صحفي، أو مسلم أو مسيحي، بل هدفهم كل إنسان فلسطيني حر، هدفهم طمس وإسكات كل أصوات الحرية والحق التي تفضح يومياً سلوك هؤلاء المجرمين في أراضينا المحتلة.
لم تكن شيرين مجرد صحفية تقليدية، بل كانت بنت فلسطين الحرة التي كشفت للعالم جرائم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وقد وثقت وفضحت بصوتها وكاميرات زملائها من كوادر قناة الجزيرة الفضائية جرائم الاحتلال الإسرائيلي في القدس وغزة، وشاءت الأقدار أن تروي دماؤها أرض جنين القسام.
لم يكن هناك اشتباك مسلح في قصة اغتيال شيرين، بل كانت جريمة مقصودة مخططاً لها مسبقاً لمنع وصول حقيقة اقتحام جيش الاحتلال لمخيم جنين، وهذا ما أكده النائب المتطرف في الكنيست الإسرائيلي (بن غافير)، الذي قال إن الصحفيين الذين يعيقون عمل جيش الاحتلال الإسرائيلي يجب أن يتم قتلهم، وهذا المجرم بن غافير يمثل الفكر المنحرف للكيان الصهيوني القائم على القتل، ولا شيء غيره.
وثقت الكاميرا لحظات اغتيال شيرين وهي ترتدي ملابس العمل الصحفي، ومنها الخوذة، وهو ما يؤكد نية الاحتلال قتلها؛ حيث أصيبت برصاصة مباشرة، وذلك لمنع وصول الحقيقة للعالم؛ حيث تعمل شيرين في قناة الجزيرة القطرية التي تعتبر أقوى وسيلة إعلامية عربية، من حيث تغطيتها للإجرام الإسرائيلي المحتل لأرض فلسطين، ورغم ذلك، فإن العمل الصحفي في أرض فلسطين المحتلة سيستمر في تغطية إجرام هؤلاء حتى تحرير كامل أرض فلسطين.
لم تكن شيرين الأولى، فقد اغتالت يد الغدر الصهيونية قادة فلسطينيين وشباباً وفتيات وكباراً بالسن وأطفالاً وصحفيين، ويتم القتل في فلسطين من منطلق واحد، كل فلسطيني مستهدف من قوات الاحتلال، وهذا ما صرح به قادتهم، وقبل شهر واحد قتل جنود الاحتلال السيدة الفلسطينية غادة سباتين (47 عاماً)، وهي أرملة وأم لستة أطفال، كانت تمشي في الشارع، ونظرها ضعيف، وأعدمت برصاصة جندي إسرائيلي بشكل مباشر رغم عدم وجود أي تهديد من طرف الشهيدة غادة.
ماذا لو كانت شيرين أبو عاقلة صحفية في أوكرانيا وقُتلت برصاصة روسية؟ هل كانت تغطية الإعلام الغربي بنفس مستوى تغطيتها لحدث اغتيال صحفية فلسطينية برصاص الاحتلال الإسرائيلي؟ هل كانت دول أوروبا وأمريكا ستكتفي ببيانات الحزن والشجب والصدمة؟ لا يمكن أن يحدث ذلك؛ لأن العالم الغربي مشارك في دعم إسرائيل أصلاً، والتواطؤ مع جرائمها في أرض فلسطين منذ أن بدأت الهجرة اليهودية من شرق أوروبا إلى فلسطين بقيادة بريطانيا وفرنسا في ذلك الوقت.
ورغم تلك القبضة الأمنية الإجرامية، فشل الاحتلال الإسرائيلي في منع شباب فلسطينيين من تنفيذ عمليات نوعية في قلب الأراضي المحتلة رغم بساطة إمكانياتهم، ولذلك أصدرت قيادته أوامرها بالقتل المسعور في عمليات انتقامية من الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وبدون اعتبار للعمل الصحفي، وهي تبحث عن قرابين تقدمها للمستوطنين المتطرفين من أجل كسب شعبية زائفة، رصاصة مباشرة في رأس شيرين وأخرى أصابت زميلها الصحفي علي السمودي، الذي نسأل الله تعالى له الشفاء العاجل.
سذاجة عقلية قيادات الاحتلال وجنودها تجعلها تعتقد أن اغتيال صحفية أو قائد فلسطيني سينهي المقاومة، أو يمنع وصول صوت الفلسطينيين للعالم، هي سذاجة الاحتلال منذ أن بدأ، فقد أثبت الفلسطيني أن إرادته أكبر بكثير من هؤلاء ومن هاودهم؛ حيث يتميز الفلسطيني في الشتات بأن فلسطين وطن يعيش بداخل شعب، كيف لا وهنالك ملايين الفلسطينيين ممن تم تهجير أجدادهم على تواصل يومي بوطنهم الأم ودعمه بكل الطرق حتى لو من خلال كلمات؟
إن التاريخ يسجل هذه الجرائم وما سبقها، والتي لا يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي الإجرامي وحسب، بل يشترك معه في دم شيرين وأبناء الشعب الفلسطيني كل من يدعم الاحتلال من العالم الغربي والمطبّعين العرب، وسيأتي يوماً ما وقتٌ للحساب، ومن الواجب على المنظمات الصحفية الدولية، وعلى رأسها قناة الجزيرة الفضائية، أن تقوم بواجباتها نحو ملاحقة من ارتكب جريمة قتل شيرين أبو عاقلة، لا أن يتم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار، ورفع ملف جريمة قتل شيرين لكل المنظمات الحقوقية في العالم، رغم عدم قناعتنا بعدالة العالم الغربي.
كانت شيرين أبو عاقلة تنقل للعالم الإجرام الذي ترتكبه إسرائيل في فلسطين، وأصبحت اليوم هي الحدث والشاهد الحي على ما كانت توثقه بنفسها من إجرام، وستبقى شيرين في قلوبنا بذكراها العطرة من خلال صوتها الصادق، وقد سلمت رايتها بعد خمسة وعشرين عاماً من العطاء لباقي زملائها الصحفيين من أجل مواصلة مسيرتهم في نقل الحقيقة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.