حصلت البيرو رسمياً على بطاقة التأهل للملحق العالمي لكأس العالم في قطر بعد فوزها على البارجواي بهدفين نظيفين في الجولة الأخيرة لتصفيات أمريكا الجنوبية. أحرز الهدف الأول لبيرو "البامبينو" الجديد جينالوكا لابادولا في قصة نجاح سترسخ في صفحات كتب كرة القدم لسنين طويلة عن قصص النجاح مهما طال الزمان ومهما ظهر الوقت متأخراً إلا أن الكرة تعطي المجتهد والساعي للنجاح دون تحجج بالظروف.
نشأة لابادولا
وُلد لابادولا في مدينة تورينو لأب إيطالي وأم من بيرو، وقد تم استدعاؤه من قِبل للمنتخب الإيطالي إلا أنه لم يخض أي مباراة رسمية بقميص الأتزوري؛ لذلك كان من حقه المشاركة بقميص أي منتخب آخر.
بدأ لابادولا في الدوري الإيطالي؛ حيث كان من ناشئي اليوفنتوس، ثم انتقل بين الأندية، وكان لديه الأمل في اللعب بقميص إيطاليا وأصبح الحلم قريباً جداً بعدما قدم أداءً جيداً في الدرجة الثالثة مع ناديه تيرامو الذي جعله يقفز للدرجة الثانية، ثم لنادي بيسكارا ليحقق نجاحاً منقطع النظير في السيريابي ويحرز 27 هدفاً مع النادي الإيطالي، قبل أن يكرر القفزة ويحقق حلم كل لاعب صغير بالانتقال إلى فريق إي سي ميلان قادماً من الدرجة الثالثة الإيطالية.
كل ذلك لم يكن مجهولاً لجاريكا مدرب منتخب البيرو الذي ذهب لمشاهدته في إيطاليا قبل 4 سنوات بعدما علم الاتحاد البيروهي لكرة القدم أن والدته لديها الجنسية، ولكنه لم يظهر الموافقة على تمثيل المنتخب الجنوب أمريكي حينها، وذلك لما كان يقدمه من أداء في الملاعب الإيطالية جعله يطمح في القائمة الأساسية وحمل قميص إنزاجي رقم 9 في تشكيل الأتزوري.
وبالفعل بعد وقت قليل قام فينتورا مدرب المنتخب الإيطالي في ذلك الوقت باستدعائه لقائمة الفريق لمواجهة ودية أمام سان مورينو ظهر فيها جينالوكا بشكل جيد حيث أحرز ثلاثة أهداف بالقميص رقم تسعة، وعند بدء التصفيات لكأس العالم 2018 تم استدعاؤه مجدداً، ولكنه ظل على دكة البدلاء بدون مشاركة حتى تم إقصاء إيطاليا على يد المنتخب السويدي.
بداية الرحلة في أدغال أمريكا الجنوبية
بعدها حدث سقوط مدوٍّ للنجم لابادولا بانتقاله لجينوا حتى انتهى به الأمر في نادي بينفينتو الإيطالي تحت قيادة قدوته إنزاجي، ولم يفقد الشغف في إحراز الأهداف على الرغم مما عبر عنه البعض بانتهاء قصة نجاحه، ورغم هبوط الفريق للدرجة الثانية، فإن إنزاجي أثنى كثيراً على ما قدمه لابادولا للفريق وشكره على مجهوداته.
وفي عام 2020 عاد جاريكا مجدداً ليحاول استغلال الفرصة والحصول على لابادولا بين صفوفه وهذه المرة أظهر ابن مدينة تورينو استعداده لتمثيل منتخب والدته في الثلاثين من عمره، وبفضل قواعد الفيفا تمكن من اللعب في منتخب البيرو فور تسلمه لجواز السفر، وذلك لعدم مشاركته في أي مباريات رسمية مع منتخب إيطاليا.
أول الأمجاد
كانت مباراة لابادولا الأولى مع البيرو أمام تشيلي في تصفيات كأس العالم حيث بدأ على مقاعد البدلاء وحصل على فرصة لمدة ثلاثين دقيقة ولكنه لم يستطِع أن يغير شيئاً في خسارة الفريق في تلك المباراة، وبعدها بأسبوع كانت المواجهة أمام الأرجنتين هي البداية له بشكل أساسي، ولكنها كانت مباراة صعبة لم يستطِع فيها أن يحصل على الكرة كثيراً، وحينها بدأ التشكيك في قدراته وفي قدرته على التأقلم مع البيئة الجديدة.
ولم تكن المباراتان الثالثة والرابعة مختلفتين كثيراً إلا أن الشيء الوحيد الذي كان يتطور دقيقة بعد دقيقة وليس مباراة بعد مباراة هو حماسه وإصراره على الركض بطول الملعب دون أن يظهر عليه الشعور بالتعب أو الإرهاق حيث كان ينتظر وبشدة بطولة الكوبا أميركا ليثبت نفسه بشكل جيد.
وبدأ بالفعل بشكل أساسي في كوبا أمريكا 2020 حيث بدأ في التشكيلة الأساسية للفريق واستطاع إحراز الأهداف في الوقت الصحيح وحدث ذلك في مباراة ربع النهائي أمام البارجواي والتي بدأت بنزيف في الأنف بعد اصطدام حاد له وانتهت بركلات الترجيح واستطاع أيضاً إحراز ركلة ترجيح ونشر بعدها صورة على الإنستغرام بأنف مكسور ولكن بابتسامة تملأ وجهه.
وقاد فريقه لنصف النهائي الذي خسروه أمام البرازيل وأنهى البطولة برصيد ثلاثة أهداف وبصناعة هدفين.
وفي تصفيات كأس العالم كانت إصابة الأنف تطارد لابادولا؛ حيث شارك أمام كولومبيا بقناعه الواقي، وباصطدام قوي مع النمر الكولومبي فالكاو سقط على أرض الملعب، وهو ينزف من أنفه مجدداً، ولكنه استطاع إكمال المباراة بكل قوة رغم قوة الإصابة التي أظهرتها صورته مع زملائه بعد المباراة وهو يظهر بأنف منحنٍ تماماً ولكن أيضاً بابتسامة واسعة.
الللابادولا أظهر دوراً كبيراً بعد إصابة المهاجم التاريخي البيروفي باولو جيريرو؛ حيث استطاع إحراز ثلاثة أهداف وقام بصناعة هدفين خلال مشوار الفريق إلى ملحق التصفيات إلى قطر، ليقترب من تحقيق حلمه باللعب في كأس العالم بعد 4 سنوات من فشله في التأهل مع إيطاليا، وذلك بالتزامن مع فشل إيطاليا في التأهل مجدداً لكأس العالم، ولكن هذه المرة سيتحدث الإسبانية مع زملائه في البيرو بدلاً من اللغة الإيطالية في رحلته في حواري إيطاليا.
وكان أفضل تعبيرٍ عن ذلك النجاح هو ما قاله في لقاء صحفي لإحدى صحف البيرو: "الشيء الوحيد الذي أندم عليه هو أنني لم أجد البيرو في وقت مبكر، كان ذلك سيغير حياتي".
وها نحن ننتظر تواجداً قوياً لمنتخب البيرو أمام الفائز من مباراة الإمارات وأستراليا، لنرى هل يصل لكأس العالم للمرة الثانية على التوالي بعد مشاركته في روسيا وبعد غيابٍ وصل قبلها لستة وثلاثين عاماً؟ ليكونوا في روسيا استطاعوا التأهل عن طريق المهاجمين فارفان وغيريرو، ولكن اليوم يتأهلون في غيابهما عن طريق لابادولا وزملائه ومدربه جاريكا ليرفع علم البيرو في الدوحة بعد فوزهم بحب كل البيرو قبل أن يفوزوا في التصفيات، وحتى إن لم يستطيعوا الانتصار في مباراة الملحق.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.