لم تكن من عاداتي يوماً ما، أن أهرول ناحية أي فنان لأصافحه وأعبّر عن إعجابي به أو ألتقط معه صورةً تذكاريةً، رغم أن الظروف سنحت لي -بحكم اهتمامي بالسينما ودراستي لها- برؤية نجوم كبار ممن أُحبهم، مثل نور الشريف وغيره، إلا أن الوضع تغير تماماً عندما رأيت النجم المصري العالمي عمر الشريف وهو في طريقه لأحد الأستوديوهات لتصوير بعض المشاهد من مسلسل "حنين وحنان" الذي عُرض على شاشة التلفاز في عام 2007.
كنت قد نزلت للتو من مبنى المركز القومي للسينما وسلكت طريقي يساراً لتمر بجانبي سيارة فرنسية، موديلها قديم من نوع بيجو، خطف نظري شخص بداخلها لم أتعرف عليه من النظرة الأولى، ولكنني توقفت فجأة والتفتُّ إلى الخلف لأرى السيارة وهي تتوقف وينزل منها سائق يفتح الباب الخلفي لذلك الشخص الذي لم يكن سوى النجم المصري العالمي عمر الشريف.
نظرت ناحيته مشدوهاً محملقاً وأنا أكاد لا أصدق نفسي، وتمنيت لو ركضت ناحيته وصافحته وشكرته على الأوقات الممتعة التي قضيتها وأنا أشاهد أفلامه. ولكنني لم أفعل، فقد منعني خجلي من التوجه إليه، واكتفيت فقط بمتابعته بنظري حتى دخل الأستوديو واختفى تاركاً إياي خلفه، أقف حائراً وأنا ألوم نفسي وأفكر في انتظاره حتى يخرج بعد ساعات التصوير الطويلة لأصافحه، ولكنني لم أفعل، انصرفتُ وأنا أتلفت خلفي من حين لآخر؛ على أمل أن أراه مرةً أخرى.
وصلت إلى منزلي وصورته تأبى مغادرة رأسي وأخذت أتساءل عن سبب انجذابي ناحيته قبل أن أعرف أنه عمر الشريف، ومع مرور الوقت أدركت ذلك التأثير الذي يُحْدِثه ذلك النجم الكبير الذي- ولا شك- وُلد نجماً كما قال عنه بعض الفنانين.
لا شك في أن السينما أنجبت لنا ممثلين أكثر وسامة من عمر الشريف، ومنهم من حقق نجاحاً جماهيرياً كاسحاً، ولكن لم يمتلك أي منهم تلك الجاذبية، فإذا ما أردنا أن نصف عمر الشريف بصفة واحدة، أعتقد أننا سنقول إنه جذاب وليس وسيماً. فهو مثل نجم لامع في السماء نتجه إليه بأبصارنا ونعرف أن الوصول إليه أمر بالغ الصعوبة.
محاولات لـ"عمر الشريف" آخَر
مرت السنوات وتزايد اهتمامي بالسينما وبدأت أشاهد الأفلام بتمعُّن وأتتبَّع مسيرة بعض الفنانين؛ في محاولة للفهم والتعلم من تجاربهم، من نجاحاتهم وإخفاقاتهم، وما زال عمر الشريف هو نجمي المفضل رغم رؤيتي لفنانين أكثر.
وبسبب حبي لهذا النجم الكبير كنت أعتبر أي فنان يشاركه أي عمل فني محظوظاً، ولكن بدأت نظرتي تتغير عندما أخذ الممثل خالد النبوي خطوة في طريق العالمية بتقديمه لدورٍ صغير في الفيلم الأمريكي "مملكة الجنة" عام 2005. وهو الذي بدأ مشواره السينمائي بدور صغير مع عمر الشريف في فيلم "المواطن مصري" عام 1991.
شاهدت خالد النبوي في برنامج تلفزيوني وهو يحكي عن فيلم "المواطن مصري" وكيف تم اختياره بسبب الشبه بينه وبين عمر الشريف. ويبدو أن خالد النبوي وقع في فخ جاذبية عمر الشريف وانبهر به أكثر من اللازم وتمنى أن يكون مثله، فبعد أن جاءت له الفرصة العالمية اعتقد أنها بداية الطريق لهوليوود، فظهر مع الإعلامي محمود سعد في برنامجه وبعدما سأله سعد عن اسم حبيبة عطيل، قال النبوي: "اسمها ديذديمونة، اللي هي انتو بتقولوا عليها ديدمونة!".
ليفاجأ محمود سعد ويقول له: "إحنا مين؟!".
يبدو أن خالد النبوي كان يودّع الجمهور المصري ويؤهب نفسه للتعامل مع جمهوره الجديد في السينما العالمية، ولكنه لم يحقق نجاحاً يذكر، فلم يَصل لجمهوره الجديد ولم ينجح في كسب الجمهور المصري الذي تعامل معه بطريقة أنا وأنتم، وليس بطريقة "نحن".
في اعتقادي أن تلك الأزمة لم تواجه خالد النبوي فقط، بل تكرر الأمر مع عمرو دياب الذي قدم مع عمر الشريف فيلم "ضحك ولعب وجد وحب" عام 1993، ومن بعدها حاول أن يأخذ طريق العالمية فحاول تقديم أغانٍ مع نجوم عالميين لتحقيق شهرة واسعة على مستوى العالم، وتم الترويج له في وسائل الإعلام بوصفه بالنجم العالمي، وهو بالطبع أمر بعيد عن الحقيقة، فعلاقة عمرو دياب بالعالمية قد لا تتجاوز تشغيل بعض أغانيه في كازينو بلاس فيغاس الأمريكية، وهو أمر يحدث مع من هم أقل منه نجومية سواء من مصر أو لبنان.
مقومات عمر الشريف التي جعلت منه نجماً عالمياً لم تتوافر -حتى الآن- لأي فنان آخر، وأعتقد أنها لن تتوافر، وإذا توافرت فسيظل هذا الفنان يعيش في ظل النجم المصري العالمي عمر الشريف.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.