أُسدل الستار عن الدورة 52 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الاستثنائية في هذا العام بسبب جائحة كورونا التي تسببت في تأجيل الدورة من شهر يناير/كانون ثاني، لشهر يوليو/تموز.
دورة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. دورة بلا شخصية عامة يتم تناولها ككل عام، بلا ندوات يومية أو عروض فنية أو ترويج دعائي مناسب. دورة منزوعة الروح مليئة بصور الزائرين بالأقنعة الطبية ورائحة رذاذ الكحول المطهر، والكثير من نداءات المتطوعين بالالتزام التام بالإجراءات الاحترازية مع منع لحفلات التوقيع في الأيام الأولى وسعة استيعاب تم تعديلها من 50% إلی 70% مما ساهم في الإقبال بنسب متفاوتة.
دورة شهدت الكثير من الانتقادات خلال الأيام الأولی، بسبب سوء التنظيم وفشل نظام الحجز الالكتروني والإقبال الضعيف، بسبب الأجواء الحارة وتقاطع فترة إقامة المعرض مع امتحانات الثانوية العامة والجامعات.
الإقبال الجماهيري
شهدت الدورة زيارة أكثر من مليون زائر من 1 وحتی 15 يوليو/تموز، بينما قارب عدد زوار دورة 2020 حوالي ثلاثة ملايين زائر. تبدو المقارنة بين الأرقام ظالمة، ولكن بالنظر للظروف الاستثنائية لدورة هذا العام فإن مليون زائر رقم جيد.
جاءت الدورة لإنقاذ صناعة النشر في مصر، في ظل توقف أغلب دور النشر عن إصدار أي أعمال جديدة منذ يناير 2020، تاريخ آخر دورة قبل جائحة كورونا العالمية التي أثرت بالسلب عالمياً ومحلياً على كل القطاعات.
مما ساهم في توقف الحركة التجارية بشكل كامل، وبالتالي اتجهت بعض الدور لتجميد النشاط، بينما اتجه عدد آخر للاعتماد على حركة البيع الإلكترونية عن طريق المواقع والصفحات الرسمية والمنصات وترويج الإصدارات عن طريق مجموعات القراءة أو ترشيحات "البوكتيوبرز"، فيما صمدت الدور الأكثر قدرة على تحمل توقف المعارض وأنتجت بعض الأعمال.
وفيما يلي بعض التعليقات عن الدورة:
يقول "إبراهيم أحمد عيسی" مسؤول النشر بدار كتوبيا:
"معرض استثنائي، وإن كان سوء التنظيم حاضراً، إلا أن الأجواء كانت جيدة رغم كل المعوقات والسلبيات، وكان لتدارك الهيئة العامة للكتاب الأمر شيء جيد في تيسير الدخول والحضور خلال النصف الثاني للمعرض، وكذلك الدعم الذي قدم من وزيرة الثقافة لدور النشر".
بينما جاء تعقيب الكاتب "محمد عصمت" عن دورة المعرض هذا العام:
"لم نكن نتوقع حضور هذا العدد. هي دورة استثنائية، ولكن بالرغم من هذا ساهم الجميع بشكلٍ أو بآخر في جعلها دورة ناجحة سواء القراء وإقبالهم الذي كان فوق المتوسط أو الجهات المنظمة التي حرصت على ظهور الحدث بشكل جيد، بالإضافة لجهود المتطوعين ووجودهم الذي كان في غاية اللطف، أو الكُتّاب بحضورهم الذي كان شبه يومي، وحرص الناشرين على تقديم خصومات كبيرة لدعم الإقبال الجماهيري والحرص على إنجاح الدورة. هي دورة ناجحة أكثر مما كنا نتخيل".
بينما جاء تعليق "أحمد فتحي" صاحب ومدير دار معجم، التي تشارك في معرض الكتاب للمرة الأولى، حول تلك المشاركة ورؤية الدار:
"تنوعت اختيارات الأسماء بين الكتّاب الكبار المتحققين والشباب الذين فرضوا أنفسهم كأقلام حاضرة، وشباب نقدمهم لأول مرة ونراهن عليهم؛ لذلك كان قرارنا بعد تأجيل دورة يناير 2021 أن ننتظر الميعاد الجديد، حتى لو كان استثنائياً، توقعنا أن يكون الإقبال ضعيفاً، ولكن ليس لهذه الدرجة، ومع ذلك ساعدت القرارت الجديدة بزيادة السعة الاستيعابية لـ 70% في استقطاب مزيد من القراء".
كُتاب مصريون في دور نشر عربية
شهدت هذه الدورة أيضا مشاركة العديد من الكُتّاب المصريين بأعمال جديدة مع دور نشر عربية، في ظاهرة تبدو جديدة على عالم صناعة النشر الذي يبدو أنه يدخل عالم الاحتراف، تماماً ككرة القدم. جاءت إصدارات مثل "الهروب من الذاكرة" للكاتب "إبراهيم عبدالمجيد" و"ماكيت القاهرة" للكاتب "طارق إمام" والمجموعة القصصية "مملكة مارك زوكربيرج وطيوره الخرافية" للكاتب "أحمد عبداللطيف" عن دار "منشورات المتوسط – إيطاليا"، بينما جاءت رواية الكاتبة "تيسير النجار" التي صدرت عن دار "خطوط وظلال" الأردنية بعنوان "كأنك لم تكن"، وكتاب الغواية للكاتب "عزت القمحاوي" عن نفس دار النشر والتي أصدرت الطبعة الجديدة من رواية "حذاء فيلليني" للكاتب "وحيد الطويلة". يبدو الأمر مثيراً للتساؤلات حول نشر الكتاب المصريين خارج بلدهم، الأمر الذي قد يحقق مردوداً جيداً علی الصعيد العربي من حيث الانتشار واختلاف الآراء وتأويلات النص خارج منشئه الأصلي، فيما قد يؤثر بالسلب علی تواجد العمل في وطنه الأصلي وما يترتب عليه من صعوبات للحصول علی العمل وعدم قراءته كما ينبغي كما حدث سابقاً في رواية "السايكلوب" التي صدرت في 2019 عن دار "مسكيلياني" ولم يتمكن أحد من قراءتها تقريباً إلا في هذا العام حينما وفرت دار معجم الطبعة المصرية من الرواية.
توقعات وتكهنات
من المفترض أن تقام الدورة رقم "53" في شهر يناير/كانون ثاني القادم، وهو الموعد الرسمي التاريخي لإقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يعد أحد أهم معارض الكتاب في العالم، والذي لم تتخلف مواعيد إقامته إلا مرتين فقط في تاريخ دوراته؛ حيث تأجلت دورة المعرض للمرة الأولى في عام الثورة المصرية "2011" بينما كانت الثانية دورة 2021.
يأتي الترقب علی خلفية توقع تغيير الموعد لأي سبب، مما قد يؤثر بالسلب مرة أخری علی الدورة القادمة وصناعة النشر التي شهدت أزمة حقيقية في الفترة السابقة. بالرغم من تأكيدات إقامة الدورة القادمة في موعدها وإعلان اليونان ضيف شرف، ولكن يبقى السؤال عن إمكانية إقامة دورتين من المعرض الأهم في الشرق الأوسط خلال فترة زمنية أقل من ستة أشهر، بالإضافة إلى إمكانية تخطي سلبيات الدورة الحالية التي كانت أقل من المستوى المعتاد للمعرض من حيث التنظيم أو الترويج.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.