بينما كانت العيون كلها متجهة إلى الدوري الإيطالي مع فوز إنتر ميلان باللقب وخروج مدربه المفاجئ وغير المتوقع، ظهر فريق ريال مدريد في الصورة فجأة بشكل كبير بعد استقالة مدربه زين الدين زيدان من منصبه، والتي لم تكن متوقعة للكثيرين قياساً لما مر به الفريق في هذا الموسم من لعنة الإصابات التي حدت كثيراً من أداء الفريق في البطولات المختلفة، وحقيقة أن النادي لم يجلب أي لاعب في الموسم السابق واكتفي بما لديه من لاعبين استطاعوا المنافسة على اللقب لآخر لحظة والخروج من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، وبمعنى أدق كان الموسم صفرياً بامتياز، وفي معايير نادٍ بحجم ريال مدريد فإن هذا يُعد فشلاً بلا شك، ولكن مع ذلك كان معظم المشجعين متسامحين نوعاً ما مع المدرب ولم يلقوا اللوم عليه.
ولكن لماذا قرر المدرب الفرنسي تكرار الحكاية نفسها قبل ثلاث سنوات؟ وهل يخلفه أنطونيو كونتي أو مدرب الكاستيا راؤول أو أي شخص آخر؟ وهل يمكن أن ينضم إلى باريس سان جيرمان؟ والأهم هل هذه الخطوات يمكن أن تؤذي إرثه في أعين عشاقه وعشاق ريال مدريد؟
لماذا قرر زيدان الاستقالة؟
على عكس خروجه المفاجئ في عام 2018 عندما غادر وهو بطل لأوروبا، يخرج زين الدين زيدان هذه المرة بدون أن يضيف أي لقب لخزائن الفريق، وهو أول موسم له بدون ألقاب منذ عشر سنوات، وكما هو الحال في مغادرته في المرة الأولى فإن منطقه هو نفسه وقد قام بالتلميح له في الأسابيع الأخيرة وبالتحديد في المؤتمر الصحفي قبل مباراة فياريال في الجولة الأخيرة حيث قال: "ريال مدريد يمكن أن يكون فريقاً أفضل دوني بالتأكيد".
فماذا حصل في الموسم المنقضي؟
لنعُد بالذاكرة قليلاً إلى الوراء وبالتحديد قرب نهاية العام الماضي 2020، فبعد الهزيمة من شاختار دونيستيك الأوكراني في دوري المجموعات ظهرت تقارير تفيد بأن النادي على وشك طرده بنهاية الموسم إذا تم إقصاء الفريق من دوري المجموعات، ولكن المدرب خالف التوقعات بمروره من تلك المرحلة الحرجة حيث تمكن من إحياء مسيرة النادي والوصول إلى نصف النهائي وتعافى من ثلاث هزائم في أول 10 مباريات في الدوري الإسباني لينافس على اللقب حتى الأمتار الأخيرة، ويبدو أن هذا الموقف الذي مر به مع النادي ربما قد يكون السبب الأساسي في مغادرته المفاجئة للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات فقط، فشخصية زيدان دائماً أنه يريد أن يكون في موقف قوة.
وبالعودة للخروج المفاجئ، فكلنا يعرف أن عودة زيدان الأخيرة للنادي بعد مغادرته المفاجئة كان بهدف أساسي وهو إعادة بناء الفريق في السنوات المقبلة، ومن ينظر إلى تشكيلة الفريق يجد أن هذه المهمة لم يتم إنجازها مع وجود عدد كبير من اللاعبين منذ فترته الأولى ما زالوا هم الركائز الأساسية في الفريق حتى الآن، مع خروج بعض اللاعبين الذين كان متمسكاً بهم مثل (مارتن أوديجار) و(داني إسبايوس) اللذين غادرا معارين إلى نادي أرسنال الإنجليزي.
وبحسب العديد من التقارير فإن النادي لم يكن جاداً في إجراء التغييرات التي وُعِد بها قبل بداية الموسم، وكلنا يتذكر تمسك المدرب بشدة بجلب وسط ميدان مانشستر يونايتد (بول بوجبا) ولكن النادي أو بالتحديد الرئيس (بيريز) لم يلتفت إلى رغبته وآثر أن يترك المدرب مع اللاعبين أنفسهم مع إضافة الشباب لهم للمرور بهذا الموسم لبر الأمان نسبة لتركيزه في تأهيل وتجديد ملعب البرينابيو وتداعيات كورونا الذي ضرب الفريق في مقتل بفقدانه الموارد الأساسية وأهمها حضور الجماهير.
ورغم خروج الفريق بموسم صفري دون لقب، فإنه، ووفقاً لصحيفة ماركا المقربة من النادي، خروج زين الدين زيدان من النادي بالطريقة نفسها قبل عامين كان وقعه كالقنبلة على ناد معروف تقليدياً أنه لا يتساهل مع المدربين حتى ولو أحرزوا البطولات، ولكن في الوقت نفسه لم يكن لدى الرئيس أي نية لإقالة المدرب زين الدين زيدان.
إذاً، هل يؤثر هذا على مكانته الأسطورية لدى المشجعين؟
حسناً، من الصعب التكهن بذلك على الأقل في الوقت الحالي، ولكن كما هو معروف فإن هناك قلة من المدربين الذين احتفظوا بمنصبهم في ريال مدريد بعد موسم صفري، فالنادي مشهور بإقالة المدربين حتى بعد فوزهم بالألقاب، لكن هذه المرة، فإن انسحاب زين الدين زيدان مرتين من النادي خلال ثلاث سنوات فقط، فهذا بلا شك سيكون له أثره ولن يمر مرور الكرام، ومن ثم فإن المدرب الفرنسي مطالب وبشدة أن يخرج بتفسير منطقي وموضوعي ليعرف الجميع ماذا حصل بالضبط خلف الغرف المغلقة.
إلى أين سيتجه زين الدين زيدان الآن؟
وردت تقارير بالفعل تفيد بأن (ماوريسيو بوكيتينو) مدرب باريس سان جيرمان في محادثات بالفعل مع الإدارة لمغادرة الفريق والعودة إلى ناديه القديم توتنهام الإنجليزي، ومن ثم هذا المنصب قد يثير اهتمام زين الدين وقد يكون ضربة مزدوجة لإدارة النادي الفرنسي في استقطاب مدرب فني سيساهم بشكل كبير في بقاء نجمه المرشح للمغادرة بشدة (كيليان إمبابي) والذي بشكل خاص قد يرحب بشدة بالعمل تحت قيادته ومواصلة مشروع النادي بالحصول على لقب دوري أبطال أوروبا في الموسم القادم.
وربما قد ينتظر إلى ما بعد انتهاء بطولة كأس الأمم الأوروبية 2020 ليحل محل المدرب الحالي ديشامب بعد تبخر التقارير التي ربطته بشدة بتدريب فريق يوفنتوس الإيطالي بعد تعاقد الأخير مع المدرب ماسيميليانو أليجري ليحل محل أندريا بيرلو، ولكن الشيء المؤكد أن عودته مرة أخرى للفريق الملكي قد أغلق بابه نهائياً إلا في حالة واحدة فقط وهو تنحي الرئيس بيريز من إدارة النادي وهو أمر مستبعد بشكل كبير على الأقل لمدة ثلاث إلى أربع سنوات قادمة خاصة بعد انتخابه بالتزكية كرئيس للنادي للفترة القادمة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.