بعد ثلاث سنوات ونصف من الحصار الرباعي على قطر، أصبحت المصالحة الخليجية قد أمراً شبه واقع من خلال قمة العلا في المملكة العربية السعودية التي عقدت يوم الثلاثاء 5 يناير/كانون الثاني.
بعد الإعلان عن اتفاق السعودية وقطر على إعادة فتح الحدود والأجواء بينهما، عشية القمة الخليجية رقم 41 التي انعقدت في محافظة العلا السعودية، ووصول أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إلى الأراضي السعودية واستقباله من جانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، سار الإعلان الرسمي عن إتمام المصالحة الخليجية في طريقه المتوقع.
وجاء الإعلان الأول عن المصالحة من جانب وزير خارجية الكويت أحمد ناصر الصباح تتويجاً لجهود الوساطة التي استمرت على مدى أكثر من 3 سنوات، وتمهيداً لمصالحة خليجية شاملة، بإعلانها اتفاق السعودية وقطر على إعادة فتح الحدود والأجواء بينهما، وهي الخطوة التي اتبعتها باقي الإمارات والبحرين ومصر.
باتت تأثيرات الأزمة الخليجية بالغة الخطورة على الواقع الخليجي والإقليمي، حتى نجحت الوساطة الدبلوماسية الكويتية والضغوط الأمريكية بإنهاء الأزمة بين دول الخليج والخروج من الأزمة، نظراً لزيادة حجم كلفتها باعتبارها أزمة صفرية لا يوجد فيها رابح بل الجميع خاسر، فجاء إنهاء الحصار رغم عدم التزام قطر بالمطالب الـ13 التي قدمتها دول الخليج في عام 2017، والتي تضمنت إغلاق قناة الجزيرة وتقليص تعاون قطر مع إيران وكذا إغلاق قاعدة عسكرية تركية.
لماذا الآن؟
ارتفاع حدة التوتر بين إيران وبين الولايات المتحدة في أعقاب اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة من مخاوف إقدام طهران على توجيه ضربات عسكرية تزعزع استقرار منطقة الخليج، خصوصاً أن رفض التهديدات الأمنية الإيرانية هو مسألة مشتركة بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي.
ومن جهة أخرى جاء تراجع المملكة العربية السعودية كجزء من رغبتها في تقديم جبهة خليجية موحدة عندما يتعلق الأمر بإيران والحديث عن العودة للاتفاق النووي الإيراني، بحيث يصبح مجلس التعاون الخليجي الموحد والمتصالح بكامل أعضائه في موقف أكثر قوة وأيضاً وضع نفسها كشريك رئيسي لإدارة بايدن القادمة التي تحرص على إعادة تقييم علاقة الولايات المتحدة بالمملكة العربية السعودية.
تغيير في خريطة التحالفات ومسار الأزمات
يمكن أن تؤدي المصالحة الخليجية إلى مراجعة في التحالفات الحالية في إطار المحور القطري-التركي في مواجهة المحور السعودي-الإماراتي-المصري وهو ما قد يمثل تغييراً ملموساً في المشهد السياسي في منطقة الشرق الأوسط، لكن غياب ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد عن حضور القمة الخليجية يوحي بأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بالأساس بين الدوحة والرياض ليس مُرضياً للقاهرة وأبوظبي، فكلتاهما كانت تضع قطع قطر علاقاتها مع جماعات الإسلام السياسي وخصوصاً جماعة الإخوان المسلمين شرطاً أساسياً رفضته قطر.
كما من المتوقع أن تؤثر المصالحة الخليجية على سلوك دول الخليج المتورطة في أزمات مصر واليمن وليبيا، ما يحدث تغييرات في مسار الأزمات المذكورة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.