بعد كل مجزرة وحشية يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين العُزل في قطاع غزة، يطلق الاحتلال سيلاً من الروايات المكذوبة، وعدداً من السرديات الوهمية والمزاعم والتلفيقات، لتوظيف آلة حربه الدموية على قطاع غزة المستمرة منذ 309 يوماً، وتتكرر اليوم المجزرة في حي الدرج وسط قطاع غزة في ظل دعم سياسي وعسكري ومالي غير محدود من الإدارة الأمريكية ودول الغرب، وفي ظل صمت دولي مريب وصمت عربي مشين.
في فجر اليوم استيقظ المواطنون على مجزرة بشعة ارتكبها الاحتلال حيث قصف مدرسة تؤوي نازحين بـ٣ صواريخ يزن كل واحد منها ألفا رطل من المتفجرات أسفرت عن استشهاد أكثر من ١٠٠ وعشرات الإصابات من المدنيين الأبرياء العزل، علماً جيش الاحتلال كان يعلم بوجود النازحين داخل المدرسة، وأن رواية جيش الاحتلال لما حدث مليئة بالأكاذيب والمعلومات المزيفة.
يسعى من خلال بياناته الزائفة تبرير جرائمه في قطاع غزة، وسبق أن أطلق الاحتلال سلسلة من الأكاذيب لتبرير عملياته الإجرامية بالقطاع، وقتل الفلسطينيين بشكل متعمد لتغطية فشله وإخفاقاته العسكرية في الميدان، وللهروب إلى الأمام من أي قرار بوقف إطلاق النار، ومضيه في حرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني، عبر الاستهداف المتكرر والممنهج للمدنيين العزل، في مراكز النزوح والأحياء السكنية، وارتكاب أبشع الجرائم بحقهم.
دلالات عملية الاحتلال في حي الدرج
من أهم الدلالات التي تحملها عملية الاحتلال الإسرائيلي في حي الدرج أنها جزء من إدارة المعركة السياسية الداخلية لدى الاحتلال الإسرائيلي، وأن توقيت العملية جاء لينقذ نتنياهو من أزمته وللضغط على فصائل المقاومة في غزة وترهيب سكان القطاع، لإجبارهم على القبول بشروط نتنياهو الجديدة المتعلقة بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وهذا أحد المؤشرات على العجز الذي وصل إليه الاحتلال، وفقدان الثقة في قدراته ومقدراته وعملياته أمام مقاومة باسلة، أفقدت هذه المنظومة قيمتها، وأفشلت أهدافها على مدار عدة أشهر، لهذا وضع نتنياهو خمسة شروط جديدة أمام المفاوضين، ثم ارتكب المجزرة اليوم لإضعاف موقف المقاومة، في محاولة منه لإفشال الصفقة، والانتقام من المدنيين.
ولا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة على علم بخطط نتنياهو، الذي يسعى لاستغلال المفاوضات لجس نبض القيادة الجديدة لحركة حماس وإرضاء اليمين المتطرف.
ما جرى في حي الدرج!
ارتكبت قوات الاحتلال، فجر اليوم السبت ١٠ آب ٢٠٢٤، مجزرة جديدة في حي الدرج شرقي مدينة غزة وسط القطاع، بعد أن استهدف مدرسة "التابعين" التي تؤوي نازحين، خلال صلاة الفجر، مما رفع أعداد الشهداء بشكل متسارع، في حين ذكر شهود عيان أن القصف بدأ عقب تكبيرة الإحرام مباشرة،
وقد اعترف الاحتلال باستهداف المدرسة، وزعم أن عناصر وقيادات من الفصائل الفلسطينية كانوا فيها.
المجازر الأخيرة قد رفعت من عدد مراكز الإيواء المأهولة بالنازحين التي استهدفها الاحتلال، منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في غزة إلى ١٧٢ مدرسة ومركز إيواء، من بينها ١٥٢ مدرسة مأهولة بالنازحين، بعضها مدارس حكومية، وأخرى تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، وتجاوز عدد الشهداء في المجازر ١٠٥٠ شهيدًا.
للشهر العاشر على التوالي يرتكب الاحتلال النازي إبادة في حق الفلسطينيين في غزة، وهي من أخطر الجرائم الإنسانية التي يعاقب عليها القانون الدولي والجنائي، إذ إن المحكمة الجنائية الدولية هي الجهة المختصة بمحاكمة مجرميها وإصدار العقوبات الصارمة، وفرض عقوبات اقتصادية أو دبلوماسية على المتورطين في ارتكاب المجازر.
الاحتلال يتحدى القوانين والقرارات الدولية
مجزرة حي الدرج اليوم، كانت ضمن سلسلة كبيرة من المجازر الوحشية، إذ تستهدف قوات الاحتلال مناطق متفرقة في مدينة غزة، من ضمنها منازل وتجمعات سكنية مأهولة وارتكاب مذابح مروعة بحق الجرحى والنازحين، شملت عمليات إعدام ميداني لمصابين ومعتقلين وُجدوا مكبلين بالأصفاد، ودُفن عديد منهم في ساحات المستشفى لإخفاء جريمتهم.
رغم كل تلك المجازر المتتالية والدعوات الصادرة من المحاكم الدولية ضد الاحتلال، يتحدى الاحتلال النازي جميع القوانين والقرارات الدولية دون رفة جفن، ويفلت دائماً من العقاب.
يُمثل العدوان فصل من فصول الإجرام "الإسرائيلي" على قطاع غزة، ويُمثل انهياراً أخلاقياً وقيمياً ومأزقاً قانونياً لكل الجهات التي تواصل دعمها للاحتلال، وخصوصاً الدعم الأمريكي الذي ساعد الاحتلال على الإفلات من العقاب بصورة متكررة، وحوّل الكيان إلى كيان مارق، فالعدوان ضد قطاع غزة فضح حقيقة العالم والديمقراطية، وكشفت تحيزها الواضح، ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي من فظائع وجرائم بربرية، وكشف حقيقة الدول العربية وصمتها المريب ضد المذابح اليومية بحق الشعب الفلسطيني.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.