كيف نتعامل مع نتائج الثانوية العامة؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/08/04 الساعة 12:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/08/04 الساعة 12:34 بتوقيت غرينتش
طلاب ثانوية عامة - صورة تعبيرية

هناك اليوم أنفاس محبوسة لدى آلاف الأسر التي تنتظر نتائج أبنائها في الثانوية العامة، الوحش الذي خلقه المصريون على مدى الأعوام. فإن كانت النتائج جيدة كما تتوقعها الأسرة، فلا ضرر، بل فرحة عارمة؛ أما إن كانت النتائج على غير ما يُراد، فقد يقع في الأسرة ما لا يُحمد عقباه لأن مرحلة الثانوية العامة مرحلة مخاض للأسرة ككل مادياً ونفسياً. وه هنا بعض النقاط – وقد يراها البعض نصائح – أحسب أن كل أسرة لديها طالب في الثانوية العامة يجدر بها أن تأخذها في الحسبان. 

 مجموع الدرجات – كبيراً كان أم صغيراً – مؤشر واحد على تفوق أو عدم تفوق الطالب، وهو وحده لا يكفي للحكم على مستقبل هذا الطالب ومدى كفاءته في وظيفة ما أو سعادته أو حجم دخله. فكم من طبيب تعيس لأنه لا يجد تقديراً مادياً مناسباً لحجم عمله وتضحياته في مستشفى حكومي لا يوفر له مروحة سقف في "عز" الظهيرة! وكم من مهندس لا يجد عملاً ويتمنى لو كان قد تربى  عاملاً ماهراً"صبياً" في ورشة! 

الدراسة بالجامعة لا يجب أن تُعَدَّ مظهراً اجتماعياً، بل هي مرحلة إعداد لمستقبل مهني وتطوير شخصية قادرة على تحدي صعاب الحياة المتزايدة والنحت في الصخر على أرض الواقع لا في بطون الكتب فقط. ولهذا، فقد يؤهل مجموع صغير لمعهد أو كلية لا يصنفها مكتب تحت بند كليات القمة، ولكن هذا المعهد أو تلك الكلية قد تكون الاختيار الأنسب لطالب معين لأن مجال عملها يناسب شخصية هذا الطالب. لذلك، لكل أب، اهتم بشخصية ابنك وساعده في اختيار الكلية أو المعهد الأنسب لشخصيته لا طموحك انت. 

تقودنا النقطة السابقة لنقطة أخرى، ألا وهي حصول طالب ما على مجموع كبير مما يجعل أسرته تقنعه أو تجبره على الالتحاق بكلية من كليات القمة مثل الطب أو الصيدلة على غير رغبة منه. تذكر أنه ابنك هو من سيدرس في هذه الكلية، ولست أنت، وأن هذه هي حياته، لا حياتك أنت. ناقش ابنك بهدوء واستمع لرغباته واحترمها حتى لا يلومك إذا فشل – لا قدر الله – فيما اختار دراسته بالجامعة. وتأكد قبل كل شيء أن المجموع الذي حصل عليه ابنك كان نتيجة جده واجتهاده لا نتيجة "سماعة الغش" وفرها له شخص ما.

و أعلم أن الحياة صعبة للغاية لدى أغلب الأسر التي لديها طالب في الثانوية العامة وأنها غالباً ما اضطرت – نتيجة لظروف مجتمعية كثيرة – أن تنفق على ابنها أو بنتها مبالغ مالية طائلة قياساً على دخل الأسرة ككل. ولكن، حذار من لوم الطالب يوم إعلان النتائج بأنه أسرف وبَذَّر مالاً كان أجدر بالأسرة إنفاقه على أبناء آخرين أو مجالات أخرى؛ فقد يُوَلِّدُ هذا اللوم نتائج تندم عليها الأسرة ككل، وشواهد انتحار طلاب كثر يوم إعلان نتائجهم تملأ أرشيف الصحف. تذكر أن هذا اليوم بالذات يوم محنة للطالب، وأنه يحتاج للدعم لا للوم. 

إن الصوت المرتفع وردات الفعل العاطفية المبالغ فيها لن تزيد من مجموع ابنك، فلا داع لها.

فإن كنت ترى أن ابنك يستحق درجات لم يحصل عليها، تريث واعلم أن هناك طرقاً للتظلم وأن الأعداد الهائلة للطلاب والمواد قد تكون سبباً في حدوث أخطاء في التصحيح أو الرصد. و لا تبادر بالغضب، واجتهد لتعرف هذه الطرق القانونية، فالغضب وحده لن يحل المشكلة.  

إن أخفق ابنك في الامتحانات ولم ينجح بالمرة، فحاول – على قدر إمكانك – ألا تقارن بينه وبين غيره من أقرانه؛ فلكل ظروفه، والتمس له العذر؛ فمن المؤكد أنه لا يفرح بفشله، وكن له معيناً ولا تتركه لنفسه. أما إذا رأيت أنه فشل لأنه قَصَّر في واجبه، فمن الأفضل أن تناقشه بهدوء فيما فعل وهل يرغب في إكمال دراسته أم لا حتى لا تجبره على شيء لا يريده. فإن رأيت أنه لا يريد إكمال دراسته، فمن العبث أن تجبره لأنه ربما سيكون مصدر إرهاق لنفسه وللعائلة في المرحلة الجامعية. 

خلاصة القول، لنتعامل مع يوم إعلان النتائج بحكمة كبيرة، ولا نبالغ في ردة الفعل، ولنعلم جميعاً أن نتيجة الثانوية العامة بداية لا نهاية. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سعودي صادق
كاتب ومترجم مصري
كاتب ومترجم مصري
تحميل المزيد