إن الفاجعة التي استيقظت عليها أمة الإسلام في يوم الأربعاء الموافق 31 من يوليو عام 2024 ستكون فاجعة لن تُنسى أبدًا، وذكرى لاستشهاد أحد أبطال المقاومة العظماء، فذلك البطل الذي ستُخلد ذكراه دائمًا، ولن ننساه ما زال الهواء الذي نستنشقه يدخل إلى صدورنا، فنحن هنا نتكلم عن الشهيد بإذن الله إسماعيل هنية الذي قُتل بدم بارد واغتيل من جبناء يهود لا يملكون أي نخوة أو ملة.
ما يجعلني سعيدًا كلما اغتالوا أحدًا من المقاومة أن هذا دليل على خوفهم ممن اغتالوه أن يبقى على قيد الحياة لكي لا ينالوا هزائم أكثر، فإن شخصًا واحدًا من المقاومة يساوي آلافًا من المحتلين الإسرائيليين، لأن قوة الحق دائمًا هي العليا، وإن قتلوا إسماعيل هنية، فسيولد آلاف من إسماعيل هنية مرة أخرى حتى ينتهي جحيم الاحتلال الإسرائيلي، وسترجع ثانيةً الأرض المقدسة للعرب والمسلمين، وسيرون مساوئ أفعالهم القذرة، وسيرون الكوابيس في يقظتهم وأحلامهم.
إن إسماعيل هنية قاوم ببسالة أعداءه لعشرات السنين بعقله النابغ، وقدم الكثير من عائلته شهداءً، وبالأخص في أحداث غزة الأخيرة، فلقد نال مراده ونال الراحة بعد تعب السنوات في نصرة الحق، ونرجو أن يكون الله قد بلغه المنزلة التي يريدها في الآخرة، ولقد صدق قول الله تعالى فيه، قال تعالى: (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (آل عمران -170)، فلا خوف عليك اليوم ولا حزن ولا أخبار موجعة مؤلمة لك يا إسماعيل هنية، فاليوم يوم الأفراح ولقاء الأحبة الذين زهقت أرواحهم من عائلتك على يد المرتزقة المغتصبين، اليوم سيفرحون بلقائك، سيفرحون بابتسامتك التي تشرح القلوب، بشموخك الذي نصر أمتك، فأنت القدوة والمثال لكل من أراد أن يعيش كريمًا، وما أسعدك بأنك ستلتقي بمعلمك وقدوتك الشيخ أحمد ياسين الذي سرت على خطاه لسنوات عديدة، فاليوم أنت شهيد حي في ملكوت الله، لا ننسى صديقك عبد العزيز الرنتيسي، وباقي أصدقائك وأحبائك الذين استشهدوا من قبل، فاليوم ما أسعدك حقًا يا هنية!
المحزن حقًا في كل هذا أننا كأمة إسلامية عاجزون عن تقديم أي مساعدة لأهل غزة، فكل المساعدات تقدم على استحياء إلا ممن رحم ربي. لا أدري متى سنستيقظ؟ متى سنكون أمة يخاف منها الأعداء ويحسبون لها ألف حساب قبل القيام بأتفه الأمور؟؟ ومتى سنكون أمة مفكرة عالمة، مهتمة بأسلحتها ودوائها، ونمتلك الإرادة الكاملة في كل شيء؟؟
ما نحتاجه أن نربي جيلًا كريمًا، لا يقبل بالذل أبدًا، يهتم بقضايا أمته، يغير على ما فيه من ضعف، يجتهد وينجح ويبني، لكي يرتقي، جيل يخاف الله قبل كل شيء، ولا يخاف في الله لومة لائم، جيل يرى نفسه عزيزًا، يرى أن القدوة الأساسية هي الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم. الأمر صعب في أوله لكي يظهر هذا الجيل، ويحتاج الأمر إلى تعب ومثابرة، لكن في النهاية ستظهر ثمراته للعلن، وتفيض على الأمة بالخيرات والطيبات، فلقد وعدنا الله في كتابه العزيز، حيث قال: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص – 5)، فنحن الآن مستضعفون، ولكن وعد الله قادم لا محالة، فبالصبر والعمل والثقة بالله تعالى سنصل لأرقى المنازل، سنصل بإذن الله!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.