بعد إعلان نادي برشلونة الإسباني عن تعيين هانزي فليك كمدرب جديد للفريق، خلفاً لتشافي هيرنانديز، اختلفت الأوساط الرياضية بين مؤيد ومتفائل به وبين آخر متشائم ومتوقع فشله قبل أن يبدأ.
ويعتبر هذا التحول خطوة كبيرة للفريق الكاتلوني الذي يسعى لاستعادة أمجاده تحت قيادة مدرب يتمتع بخبرة ونجاحات كبيرة في الكرة الأوروبية.
في هذا المقال، سنستعرض أهم إيجابيات وسلبيات فليك، بالإضافة إلى طريقة لعبه وأسلوبه التكتيكي، وهل هو مناسب للفريق الحالي بالإضافة إلى أهم المعوقات التي ستواجهه في الفترة القادمة.
نبذة عن هانزي فليك
هانزي فليك، المدرب الألماني البالغ من العمر 58 عاماً، اكتسب شهرة واسعة خلال فترته مع نادي بايرن ميونيخ، حيث قاد الفريق لتحقيق السداسية التاريخية في موسم 2019-2020. قبل توليه تدريب بايرن، عمل مساعداً ليواكيم لوف مع المنتخب الألماني، وساهم في فوز ألمانيا بكأس العالم 2014.
إيجابيات فليك في الفترة السابقة:
النجاحات الكبيرة والألقاب:
تمكن الألماني من تحقيق نجاحات كبيرة مع بايرن ميونيخ، بما في ذلك دوري أبطال أوروبا، والدوري الألماني، وكأس ألمانيا، وكأس العالم للأندية.
الضغط العالي والتكتيك المرن:
يمتلك فليك قدرة على تعديل تكتيكاته بناءً على خصائص اللاعبين والمباراة، ما يجعله مرناً ويستطيع التكيف مع مختلف الظروف، قد شاهدناه يلعب بخطة 4/2/3/1، وخطة 4/1/4/1، وخطة 4/3/3 سابقاً.
كما أن أهم ركيزة يعتمد عليها فليك، الضغط العالي الذي يساعد في استعادة الكرة بسرعة وفرض السيطرة على المباراة، وهو الأسلوب الذي يعزز من قدرة الفريق على تسجيل الأهداف والهيمنة على الخصوم.
تطوير اللاعبين الشباب:
يتميز فليك بقدرته على تطوير اللاعبين الشباب ومنحهم الفرص، مثل جمال موسيالا وكاي هافرتز، وهو ما يتماشى مع سياسة برشلونة في الاعتماد على الأكاديمية (لاماسيا).
اللعب الجماعي والتحركات السريعة:
يعتمد على اللعب الجماعي والتحركات السريعة بين اللاعبين، ما يجعل كرة القدم التي يقدمها ممتعة وفعالة في نفس الوقت.
سلبيات هانزي فليك:
الإصابات بسبب الضغط العالي والاعتماد على بعض اللاعبين:
أسلوب الضغط العالي المستمر قد يؤدي إلى زيادة الإصابات بين اللاعبين بسبب الجهد البدني الكبير المطلوب، وفي بعض الأحيان، قد يعتمد بشكل كبير على مجموعة معينة من اللاعبين، ما قد يؤدي إلى مشاكل إذا تعرض هؤلاء اللاعبون للإصابات أو انخفض مستواهم.
الهجوم المكثف يترك الدفاع مكشوفاً:
قد يؤدي التركيز الكبير على الهجوم والضغط العالي إلى ترك الدفاع مكشوفاً في بعض الأحيان، ما يتيح للخصوم فرصاً للتسجيل.
سجله الدولي الضعيف نسبياً:
رغم نجاحاته الكبيرة مع بايرن ميونيخ، لم يحقق نفس القدر من النجاح مع المنتخب الألماني في البطولات الكبرى حتى الآن، ما يضع ضغوطاً إضافية عليه في بيئة تنافسية مثل برشلونة.
إدارة الأزمات وعقليته الحادة:
في بعض الأحيان، قد يواجه صعوبات في إدارة الأزمات داخل الفريق، سواء أكانت تتعلق بالعلاقات بين اللاعبين أم الضغوط الخارجية، بسبب امتلاكه لشخصية قوية، ما يجعل أهم ميزة فيه نقطة سلبية عليه وعلى الفريق.
أسلوب لعب هانزي فليك:
يتميز فليك باستخدام تشكيلات مرنة، تتكيف مع خصائص اللاعبين والمباريات، ومن أشهر تشكيلاته:
4-2-3-1: يعتمد على خط دفاع رباعي، ولاعبي وسط محوريين، وثلاثة لاعبين في خط الوسط الهجومي، ومهاجم واحد. هذا التشكيل يوفر توازناً بين الدفاع والهجوم.
4-3-3: يستخدم هذا التشكيل لتعزيز الهجوم، مع ثلاثة لاعبين في الوسط وثلاثة في الهجوم.
3-4-3: يستخدمه في بعض الأحيان لتعزيز السيطرة على منتصف الملعب وزيادة الضغط على الخصوم.
وهو الأمر الذي يدل على تنوع المدرب وعلى أنه يستطيع التكيف مع خطة الفريق السابقة ولكن باختلاف بطريقة التنفيذ على أرضية الملعب من أفكار وخطط.
الضغط العالي واستعادة الكرة بسرعة:
يعتمد فليك بشكل كبير على الضغط العالي، حيث يضغط اللاعبون على الخصم في نصف ملعبه لاستعادة الكرة بسرعة، وهو أسلوب يتطلب لياقة بدنية عالية وتنظيماً تكتيكياً دقيقاً.
الهجوم من الأطراف والعمق:
يُفضل فليك استخدام الأجنحة السريعة والهجوم عبر الأطراف، ما يتيح خلق فرص للتسجيل عن طريق العرضيات والاختراقات، كما يعتمد على تحركات اللاعبين من العمق لزيادة الفعالية الهجومية.
اللعب الجماعي والتحركات السريعة
تعتمد فرق فليك على التحركات السريعة والتمريرات القصيرة. اللعب الجماعي والتحركات دون كرة هما مفتاح نجاح أسلوبه، حيث يعمل اللاعبون ككتلة واحدة لتحريك الكرة بسرعة وإرباك دفاعات الخصوم.
عوائق تحد من نجاح المدرب الألماني:
بعد معرفة إيجابيات وسلبيات المدرب، وأسقطناها على الوضع الحالي للنادي الكتالوني لوجدنا أن هنالك العديد من العوائق التي قد تحد من نجاح المدرب في عمله بشكل كبير أهمها:
1-الموضوع المالي والصعب للنادي، والذي يمر بضائقة مالية كبيرة تجبره على عدم الدخول في سوق الانتقالات بشكل حر وبشكل يتمناه كل محب للنادي، بل وعلى النقيض تفرض عليه أن يبيع أحد أهم نجومه للعودة إلى قاعدة التعاقد 1+1.
2- الأسماء الحالية في الفريق: وكما رأينا فإن أهم عنصر قوة للمدرب هو عامل الضغط العالي، فلو نظرنا للأسماء الحالية للنادي لوجدنا أسماءً عديدة، لن تستطيع تنفيذ الأفكار المرادة من المدير الفني، وهو التحدي الذي سيحاول إيجاد الحلول له.
3-التوتر والفوضى في البيت الكتالوني: يعيش النادي في فترة تخبط كبيرة على المستوى الإداري والفني وحتى على المستوى الإعلامي، من مشروع السوبرليغ وصولاً إلى تهمة وقضية نيجريرا، بالإضافة إلى التخبطات التي رافقت النادي طيلة السنوات السابقة وآخرها إقالة المدرب تشافي بعد إعلان تمديد العقد معه وقبل 20 يوماً تقريباً، وصولاً إلى اطلاق الوعود والكذب على المشجعين كما حدث في موضوع تجديد عقد ميسي أو التعاقد مع ميسي قبل عامين.
4- كثرة الإصابات مع قلة الحلول في التشكيلة: ولكون المدرب يعتمد على الضغط العالي قد نرى تفاقم الإصابات في النادي وخاصة مع قلة الحلول التي تفرض على المدرب الاستعانة بلاعبين من اللاماسيا، أو لاعبين غير مناسبين مع خطط المدرب ومراكز اللاعبين.
5- غياب قائد حقيقي في غرفة الملابس: وهو الهاجس الكبير عند المشجع، فبعد حقبة أنيستا وتشافي وميسي وبوسكيس، أصبحت شارة القيادة تمنح للاعب الأقدم، وهنا الحديث على سيرجيو روبيرتو أو تير شتيغن، والذي من الصعب أن يكونا عنصرين كبيرين ومؤثرين في غرفة تبديل الملابس.
6- عنصر الـDNA: ورغم ميزة المدرب في الاعتماد على التنوع في أسلوب اللعب إلأ أنه وبالنظر لأسلوب لعب النادي طيلة السنوات الماضية قد نجد أن المدرب لا يمتلك نفس هوية الفريق الإسباني، من ناحية الشكل وطريقة اللعب والأسلوب وما إلى ذلك.
7- عنصر الشباب: وعلى الرغم من أن المدرب نجح من خلال بعض التجارب في الاعتماد على الشباب، ولكن بالنظر للوضع الحالي في برشلونة فإن الاعتماد على عنصر الشباب أمر لا مفر منه، وقد يكون إلزامياً بشكل كبير، ما يستوجب أن يكون المدرب ذا عقلية منفتحة على اللاماسيا ومشجعاً لهم وقادراً على تطوير وتخريج لاعبين جدد من اللاماسيا، واستخراج أفضل نسخة من اللاعبين بشكل عام.
ولو أمعنا النظر بكل هذه الأمور السابقة وأسقطناها على فريق برشلونة فسنستنتج أن تعيين هانزي فليك كمدرب لنادي برشلونة يمثل خطوة جريئة تسعى من خلالها إدارة النادي إلى استعادة الفريق لمستواه المعهود.
هنالك بعض الأمور التي يتفاءل بها المشجع للفريق البرشلوني مثلما ذكرنا من أسلوب المدرب المرن والمباشر، تنوع الحلول، الصرامة التي يفضلها ويفرضها على اللاعبين، الفريق الذي يدربه يتمتع بلياقة عالية، وهو الحلم الذي يريده المشجع للنادي وخاصة مع ضعف الفريق في الجانب البدني منذ سنوات.
وبفضل خبراته الكبيرة ونجاحاته مع بايرن ميونيخ، يحمل فليك آمال جماهير برشلونة في إعادة الفريق إلى منصات التتويج. ورغم التحديات والسلبيات التي قد تواجهه، فإن إيجابياته وأسلوبه التكتيكي المرن والفعال قد يكونان المفتاح لتحقيق النجاح مع الفريق الكتالوني، وبنفس الوقت سلبيته تكمن في سلبياته تارة التي ذكرناها وتارة أخرى في نقاط قوته، بمعنى ألا يستطيع المدرب من بسط نفوذه في الفريق ومن تطبيق أفكاره التي طبقها مع الفريق البافاري، ومن تغيير التكيف مع بيئة النادي واللاعبين.
ويبقى جميع ما مضى عبارة عن استنتاجات وتحليلات، وتبقى الأيام القادمة كفيلة بمعرفة إمكانية نجاح المدرب أو فشله.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.