كما هو الحال في كل دولة، تتمتع تركيا أيضاً بتقاليد خاصة في شهر رمضان.
يجري تنظيف المنازل، وحتى كل أركانها وزواياها قبل حلول رمضان بفترة. يمكنك الذهاب للتسوق وتعويض العناصر المفقودة في المنزل.
وفي بعض المناطق يُخبَز خبز البيدا الشهير، وكذلك الكنافة.
وبينما تُجهَّز المنازل لاستقبال رمضان، كذلك أيضاً المساجد، تُعلَّق الزينة بين مآذن المساجد وتنقل رسائل جميلة، مثل "أهلاً شهر رمضان" و"رمضان شهر الرحمة".
تنصب البلديات خيام الإفطار في الشوارع، وفي هذه الخيام الرمضانية يستطيع الجميع، سواء كانوا أغنياءً أم فقراء، أن يفطروا معاً.
الغرض من هذه الإفطارات الجماعية هو الوحدة والتضامن، وفي بعض الأحياء تُقام الخيام على وجبات سحور جماعية خلال أشهر الصيف.
رمضان أيضاً لا يكتمل بدون الطبول، ومن أقدم التقاليد الرمضانية وأكثرها بهجة بلا شك قرع الطبول على السحور، وهذا التقليد هو تقليد خاص بتركيا والمسلمين.
في العصور القديمة، خلال شهر رمضان، كان "المسحراتي" في رمضان يتنقَّل من شارع إلى شارع مع عدد قليل من الناس، ويتناوبون في غناء الأناشيد الرمضانية. ورغم أنه يتجول بمفرده هذه الأيام فهو يواصل بثَّ البهجة في الليل بطبلته وبالأناشيد التي يغنيها.
تقيم البلديات مسارح في مراكز المدن، وتُغنى الأناشيد الدينية بين الإفطار والتراويح، وتُقام مسرحيات للأطفال.
من أشهى الأطعمة التي تذكرنا بشهر رمضان خبز البيدا، ورغم أنه يُخبَز في المخابز ومتاجر الحلوى طيلة أشهر السنة، فإن الناس يثرون موائدهم بهذا الخبز الدافئ بدلاً من الخبز العادي خلال شهر رمضان، لتميز نكهته، التي تستمر من الماضي إلى الحاضر، واقفين بطوابير طويلة للوصول إلى البيدا الساخنة قرب وقت الإفطار.
والجلاش واحد من الحلوى الشعبية في شهر رمضان، وهو نوع من الحلوى المصنوعة من الحليب والسكر، ويُزيَّن بالفستق والرمان والفواكه الموسمية.
والآن نأتي إلى جانب آخر من أكثر جوانب رمضان إمتاعاً، حيث تجمع موائد الإفطار المزدحمة جميع أفراد الأسرة خلال شهر رمضان، وتجمع الأقارب معاً، وتلم شمل الأصدقاء حول نفس الطاولة كلما كان ذلك ممكناً.
تجري محادثاتٌ ممتعة على تلك الطاولات ويستمتع الناس بوقتهم معاً، إن وجبات الإفطار، التي تُزيَّن فيها طاولات الطعام، وتُحيَا فيها أفضل ذكريات الماضي، ويدرك فيها الضيوف والأطفال معنى العائلة، هي من أجمل التقاليد وأسماها قيمةً في ثقافتنا.
خلال شهر رمضان، يقوم ميسورو الحال بتوزيع الأطعمة في صناديق على المحتاجين. وتحتوي هذه الصناديق على العديد من الأطعمة الجافة مثل الأرز والعدس والحمص، وبهذه الطريقة يمد الناس يد العون لهم.
تُقام صلاة التراويح، التي تمتد لعشرين ركعة، في كل المساجد خلال شهر رمضان. وتفضِّل النساء أداء هذه الصلاة في المسجد، ويمتلى بهن القسم المُخصَّص لهن في المسجد.
توجد مساجد في كل منطقة تُقام فيها صلاة التراويح، والجميع يصلون في المساجد والأحياء.
وبينما نحافظ على حيوية هذه التقاليد الجميلة خلال شهر رمضان، فإننا نحافظ أيضاً على فضيلة كوننا بشراً حسني السلوك، إن فضيلة كونك إنساناً تعني وجود قيم إنسانية. وفي هذا الشهر ندرك بشكل أفضل أهمية الحفاظ على هذه القيم حية.
تقاليد العيد
شهر رمضان أجمل وأهدأ شهر في السنة، نحن في منتصف شهر رمضان تقريباً، حيث نثري أنفسنا روحياً بالصيام وتصبح نهاية الشهر عيداً.
وبينما تبدأ الاستعدادات للعيد ببطء، دعونا نتحدث قليلاً عن تقاليدنا في عطلة رمضان في تركيا.
في تركيا، تبدأ الاستعدادات لقضاء العيد بتنظيف المنزل في كل ركن وزاوية، تُغسَل الستائر وتُعلَّق، وتتحول المنازل إلى حدائق زهور، ويصبح كل مكان نظيفاً.
والخطوة التالية هي التسوق من أجل العيد، وإصلاح عيوب المنزل، وإن لزم الأمر شراء ملابس جديدة، وهنا تُمنَح الأولوية للأطفال، ويختارون الملابس بعناية بحسب حاجتهم. وفي أثناء التجول في السوق تُقدَّم الحلوى والشوكولاتة للضيوف.
تُحضَّر المعجنات واللفائف المحشوة والحلويات في المنزل لتقديمها خلال عطلة العيد.
وفي اليوم السابق، عشية آخر يوم من شهر رمضان، يزور الناس ذويهم المتوفين ويهنئونهم بحلول العيد ويدعون لهم. وفي صباح أول أيام العيد يذهب الرجال إلى المسجد لصلاة العيد، بينما تقبع النساء في المنزل. في تركيا لا تشارك النساء في صلاة العيد.
وبعد الصلاة، في بعض المناطق، يذهب الناس في جماعاتٍ إلى المقابر، ويصلون ويتعهدون بالوفاء للمتوفين.
مائدة الإفطار التي تُعَد في صباح العيد شيء آخر، تُعَد مائدة الإفطار بعناية، ويجتمع جميع أفراد الأسرة حول هذه الطاولة ويحتفلون.
يقبِّل الصغار أيدي الكبار، ويقدِّم الكبار الحلوى والهدايا للصغار.
يأتي المسحراتي الذي يوقظنا إلى بابنا عشية أو أول يوم من العطلة، ومن تقاليدنا أن نعطيه إكرامية.
ويذهب الأطفال في القرى إلى جيرانهم وأقاربهم، ويتنافسون على جمع الحلوى والشوكولاتة.
وبالإضافة إلى الحلوى نقدم لضيوفنا أشياءً مثل اللفائف المحشوة والمعجنات البقلامية والحلوى محلية الصنع، ونقدِّم كذلك الشاي أو القهوة.
خلال عطلة العيد تتوجه بعض العائلات إلى مسقط رأسها في مناطق مختلفة من تركيا، ويقضون العطلة هناك مع عائلاتهم وأقاربهم.
ومع اقتراب العيد تنشط الحركة في المطارات ومحطات الحافلات وترتفع أسعار التذاكر. أولئك الذين لا يذهبون إلى مسقط رأسهم يقومون بأنشطة مختلفة مع عائلاتهم في مدنهم ويُسعِدون الأطفال.
في العديد من المدن تكون مركبات النقل والجسور والحافلات والمترو مجانيةً خلال عطلة العيد.
العطلات أيامٌ خاصة نتطلع إليها كل عام، حيث نصلح خلافاتنا، ونُسعِد الأطفال، ونجتمع مع الكبار، ونقضي وقتاً ممتعاً. هذه الأيام تذكِّرنا بالصداقة والأخوة، حيث تختفي الحروب من عالمنا، ولا يموت الأطفال، بل يعم السلام والحب والاحترام في جميع أنحاء العالم.
أتمنى لكم عيداً سعيداً.. عيداً سعيداً لكم جميعاً مقدماً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.