يعتبر التراث الشعبي الفلسطيني، بمركباته المختلفة، دالة كبرى وجوهرية على وحدة الشعب الفلسطيني وهويته الوطنية، ويعكس في الوقت ذاته مدى التطور الحضاري الذي شهدته فلسطين على مر العصور، كنتيجة مباشرة لنشاط الأجداد صانعي الحضارة الحقيقيين؛ التي لا تزال ماثلة للعيان رغم محاولة المحتل الإسرائيلي لطمسها وتهويدها.
وثمة مكونات عديدة للتراث الشعبي الفلسطيني وأهمها: الأغنية الشعبية، والعادات والتقاليد، والمصطلحات والتعابير الشعبية، فضلاً عن المعتقدات والأمثال الشعبية والأزياء والحكاية. وخلال تاريخ فلسطين الكفاحي ظهرت أسماء ورموز بحثية كثيرة، كانوا بمثابة حرّاس وسدنة للتراث الشعبي للحفاظ على الهوية ووحدة الشعب الفلسطيني، ومنهم الأخ والصديق الغالي الشهيد عبد الكريم الحشاش أبو أحمد.
ولد الباحث الشهيد عبد الكريم الحشاش في بئر السبع عام 1947، ولجأ إلى قطاع غزة إثر نكبة عام 1948، وسكن في مخيم رفح، ودرس المرحلة الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة الغوث الأونروا بمدينة رفح، ودرس الثانوية العامة الفرع العلمي من مدرسة بئر السبع الثانوية عام 1965م، وبعد نكسة يونيو عام 1967م انتقل إلى الأردن، ومنها إلى سوريا، وأقام في مخيم اليرموك حتى اندلاع الحرب في سوريا في نهاية عام 2012، وكان لي شرف التعرف عليه قبل رحيله إلى غزة بعقدين، حيث الطيبة والحس الوطني المرهف الذي يعبّر عنه من خلال بحوثه وكتاباته التي ستبقى حاضرة بيننا رغم غياب الجسد.
درس الشهيد عبد الكريم الحشاش في جامعة دمشق بكلية الآداب قسم اللغة العربية، تخرج فيها وحصل على شهادة البكالوريوس عام 1974م، عمل بداية في حقل التدريس بين عامي 1976 و1981م، ثمّ قام بأبحاث تخصّ التراث الشعبي الفلسطيني، من عادات وتقاليد وغناء وأهازيج وأمثال، وانتسب لاتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين، ولاتحاد الكتاب العرب.
وصدرت له عدة كتب أهمها فنون الأدب والطرب عند قبائل النقب عام 1984، والأسرة في المثل الشعبي الفلسطيني والعربي 1986، وقضاء العرف والعادة 1991، وبصمة على الرمال.. قصص قصيرة – دمشق 1996، وزوادة الحاضر والبادي.. مختارات من التراث العربي – دمشق 1998، وشرح وتحقيق ديوان عنيز العرادي – شعر شعبي – عمان 1998، وأرض القمر.. رواية – دمشق 2000، والنخلة العاقر – رواية – دمشق 2002، وقبائل وعشائر فلسطين – دمشق 2004، ومعجم الألفاظ المحكية في البلاد العربية – دمشق 2007، والأمثال الليبية ونظائرها – دمشق 2007، وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وصدر في غزة عام 2014، أي بعد عودته إليها بعامين.
له مقالات عديدة في دوريات عربية، منها احتفالات العيد في النقب وسيناء – الجار في المثل الشعبي – حداء الحصاد والتذرية – الخطبة بين الماضي والحاضر – كلمة وردها – نوادر الأضياف في البوادي والمدن والأرياف – قص الأثر وتتبع الجرة – أشكال الغول وقدراته في الخرافات الشعبية.
بعد رحلة قسرية خارج فلسطين عاد عبد الكريم إلى غزة في أواخر 2012 ليستشهد في مدينة رفح خلال ساعات المساء الأولى مع 11 فرداً من أفراد عائلته يوم 24 أكتوبر، إثر قصف الطيران الإسرائيلي لمنزله.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.