أتى بيدري من جزر الكناريا، وصعد جافي من الفئات السنية، وكان لامين يامال هو المفاجأة الأبرز لفريق برشلونة في الموسم الحالي.
لكن أحدهم لم يكن أبداً ليعيش ما كان مُتوقعاً بالنسبة لتشافي سيمونز؛ تشافي الذي اشتهر باسمه الذي كان يُذكر جماهير برشلونة كثيراً بأسطورته السابقة ومدربه الحالي تشافي هيرنانديز.
تشافي سيمونز لم يكن إسبانياً، كان هولندياً، والغريب أنه لم يلعب تحت لواء الأندية الهولندية إلا منذ فترة قريبة، اللاعب الذي أتم عقده الثاني من العُمر، يحظى بمسيرة تبدو رائعة للغاية!
لكن مسيرته الرائعة لم تكن فقط بسبب مستواه الرائع داخل الملعب؛ وإنما بسبب القدرة التسويقية الكبيرة له خارجه.
لقد أصبح تشافي سيمونز نجماً قبل أن يفعل أي شيء يُذكر، وحصل على الإشادة والاهتمام الإعلامي في مرحلة عمرية لم يكن فيها غيره يمتلك عقداً من الأساس مع أحد الأندية الكُبرى.
سلطت الصحافة الكتالونية الأضواء عليه، ومنحته الألقاب التي تُمنح عادة لكل شخص يُمكن له بسهولة أن ينقلب على مُقلديه بها؛ وهو ما كان فعلاً من الهولندي الصغير الذي رُبما خدع برشلونة أو خُدع من غيرها!
نال تشافي سيمونز جائزة الكرة الذهبية كأفضل موهبة في العالم لأربع مرات متتالية، وكان قائداً في صفوف نادي برشلونة في مختلف الفئات السنية له، وكان معروفاً لجماهير برشلونة أكثر من أية موهبة أخرى في كادر النادي كله.
حينما كان قد أتم الخامسة عشرة من عمره، كان تشافي سيمونز يمتلك على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي الإنستغرام أكثر من 2.5 مليون متابع! إذ كان يمتلك فريقاً تسويقياً أقوى حتى من بعض النجوم الذين يمتلكون عقوداً ضخمة مع أندية أوروبا الكُبرى، وكان يمتلك عقداً قوياً مع شركة NIKE.
حتى حانت تلك اللحظة، التي انقضّ فيها مينو رايولا عليه، في وقت كان يُعرف فيه الراحل بأنه الوكيل الأفضل الذي يُساوم الجميع حتى يحصل على العرض الأفضل.
حينما كان مينو رايولا هو المسؤول عن أمور بوجبا وإبراهيموفيتش، كانت الحيلة الحالية أن يبحث الرجل الإيطالي عن أبرز موهبة إعلامية في العالم في ذلك الوقت، وكان تشافي سيمونز هو الموهبة المُختارة من الرجل الإيطالي لفرض هيمنته الكاملة لذلك.
ربما كان مينو رايولا هو من خدع تشافي سيمونز فعلاً، حيث استغل قوته الكبيرة تسويقياً واسمه الذي لا يُجهل أبداً في كتالونيا، وقرر أن يُقنعه بفكرة الحصول على عقد ضخم، أضخم حتى من الذي كان يمتلكه مع الفريق.
في تلك الفترة، كان نادي برشلونة بدأ يدخل نفق الأزمات المالية الذي يعصف به حتى يومنا الحالي، وقرر رايولا أن يفترس برشلونة شر افتراس.
لقد قرر رايولا، أن قائد الفئات السنية، والموهبة الأشهر في جدران برشلونة، لا بد من أن تحصل على عقد أكبر بكثير من عمرها، وأن يُساوم إدارة الفريق عليه، وكان الفتى الهولندي ينصاع بطبيعة الحال لحالة التضخيم المبالغ فيها له من كافة النواحي: من رايولا نفسه، وكذلك من إدارة برشلونة وصحافة كتالونيا.
أحد مدربيه السابقين في الفئات السنية لنادي برشلونة، قال إن تشافي سيمونز عانى من مُشكلة الشهرة قبل المساحة الحقيقية لها؛ بفضل شهرته الكبيرة والتسويق المهول الذي يتمتع به.
كان الناس في مختلف البلدان التي يزورها نادي برشلونة بقيادة سيمونز، يهرعون إليه بشدة لالتقاط الصور معه، كان تشافي سيمونز يُعاني من مشكلة أنه قد أصبح لاعباً مشهوراً بسبب كل هذه الظروف التي ربما لم ينلها أي لاعب كرة قدم من قبل، وربما كانت النقمة التي يحسبها الناس نعمة عليه!
تشافي سيمونز.. جوهرة برشلونة التي لم تتلألأ
غادر سيمونز برشلونة نحو باريس سان جيرمان، وقال إن الناس يعتقدون أنه قد ندم على خطوة الخروج، لكن أسرته المقيمة في كتالونيا تنفي كراهيته للمدينة والنادي.
قال سيمونز إن نادي برشلونة لطالما كان يؤمن بقناعات ليست حقيقية، بالنظر إلى أهمية الكرة فقط في رؤية الكادر الفني للفريق كله، وهو أمر يعتقد سيمونز أنه تسبب في تأخير مسيرته حين خرج من نادي برشلونة نفسه.
شاهد سيمونز باريس سان جيرمان يهتم كثيراً بكرة القدم، وباللياقة البدنية، على عكس ما رآه في صفوف نادي برشلونة بمختلف فئاته السنية التي قال إنها تُركز فقط على جودة الكرة في قدمك، لا على هيئتك الجسدية كلها دُفعة واحدة!
عانى تشافي سيمونز خارج برشلونة، وقال إنه اكتشف أن رياضة كرة القدم لعبة تحتاج إلى مجهود بدني كبير، ليس كما اعتاده في صفوف برشلونة، وأصبح مُطالباً في الوقت الراهن بضرورة التدرب أكثر على القدرة البدنية التي يفتقر إليها.
بعد سنوات من الابتعاد عن برشلونة، سيخرج ليونيل ميسي من صفوف نادي برشلونة، وسيُصبح زميلاً لتشافي سيمونز الذي كان من المُفترض أن يُزامله في صفوف نادي برشلونة نفسه.
الآن أصبح تشافي سيمونز في الفريق الأول لنادي باريس سان جيرمان، لكن مع الوقت سيكتشف أن الصفقة في حد ذاتها كانت مجرد وسيلة دعائية من وكيله مينو رايولا وفريق باريس سان جيرمان، وسيخرج من صفوف الفريق إلى الدوري الهولندي، وكأنه قد عاد إلى نقطة الصفر.
سيصل تشافي سيمونز من صفوف باريس سان جيرمان وقبله برشلونة، إلى صفوف نادي بي إس في أيندهوفن، ثم يستقر حالياً في صفوف نادي لايبزيج الألماني بشكل رسمي!
لقد أصبحت مسيرته كما أرادتها عائلته قبل هذه الحيل من رايولا؛ أن يُمارس رياضة كرة القدم كما لو كانت مساراً كبيراً بالنسبة له، يلعب لفترة في برشلونة، ثم ينتقل إلى باريس سان جيرمان، ثم يخرج منه، ثم يذهب إلى فريق آخر من أندية الصفوة.. وهكذا.
لك أن تنظر إلى مسيرته نظرة إعجاب، لكن بالنظر الحقيقي لكم التوقعات الكبيرة على موهبة كتلك، فإن الأمر لا يستحق في الأساس أن يُقال إنه قد أنجز أي شيء في مسيرته.
الناشئ الذي كان من المتوقع أن يستلم لواء ليونيل ميسي في صفوف برشلونة، وفي جائزة الكرة الذهبية خارج برشلونة، حالياً يلعب في فريق عمره الافتراضي لا يزيد عن 15 سنة فقط!
ومن الواضح أن تشافي سيمونز سيُحاول جاهداً أن يعود إلى صفوف برشلونة في القريب العاجل، بعد أن خُدع في كافة مراحل حياته، لكن المفاجأة أن ليونيل ميسي، الزميل الأسبق لتشافي سيمونز في صفوف باريس سان جيرمان، أكدت مصادر صحفية كثيرة أنه نصح إدارة برشلونة ومدربه تشافي هيرنانديز بألا يُفكروا أبداً في جلب تشافي سيمونز من جديد؛ بسبب عدم ثقته في موهبة اللاعب الذي تغنت به صحافة كتالونيا كثيراً، فحسب وجهة نظر ميسي فإنه لا يستحق كل هذه الدعاية!
وربما لهذه الأسباب، وربما أكثر؛ يستغل وكلاء الأعمال المواهب الشابة في العالم، فلو انتظر تشافي سيمونز سنة واحدة فقط قبل رحيله من صفوف برشلونة؛ لأصبح حالياً قائداً لخط الوسط في صفوف النادي الذي كان يُجهزه بالفعل لهذه المرحلة التاريخية له.
وربما لأصبح تشافي سيمونز هو ثالث لاعبي الوسط رفقة بيدري وجافي، ولم يكن يعلم الشاب الصغير أن فترة إنييستا مع برشلونة قد انتهت، وفترة ميسي مع برشلونة قد رحلت، وأن جيل الشباب هو المُتحكم الرئيسي في مسار برشلونة في الوقت الراهن؛ لدرجة أن تشافي سيمونز كان سيُصبح هو اللاعب المُهيمن على تشكيلة الفريق.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.