في الوقت الذي تشتد فيه وطأة المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، وتكميم الأفواه في الداخل الفلسطيني؛ سيُحيي الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في يوم السبت الثلاثين من آذار/مارس الجاري يوماً وطنياً فلسطينياً عارماً بامتياز، بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين ليوم الأرض. فبعد ثمانية وعشرين عاماً من أحكام حظر التجول والتنقل، وإجراءات القمع والإرهاب والتمييز العنصري الصهيوني وما نتج عنه من إفقار وعمليات مصادرة الأراضي وهدم القرى، والحرمان من أي فرصة للتعبير أو التنظيم، هبّ الشعب الفلسطيني في جميع المدن والقرى والتجمعات العربية في الداخل الفلسطيني؛ معلناً رفضه لسياسات المحتل، وليصبح يوم الأرض رمزاً وطنياً للكل الفلسطيني ترفع فيه راية جمعية (شعب واحد، وطن واحد، قضية واحدة).
إضراب وشهداء
اتخذت هبّة يوم الأرض شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبية عارمة، حيث قامت خلالها قوات الاحتلال بتقتيل الفلسطينيين وإرهابهم؛ حيث فتحت النار على المتظاهرين، مما أدى إلى استشهاد ستة فلسطينيين ليصبحوا بمثابة نوارس في كل بيت فلسطيني، وهم: الشهيدة خديجة شواهنة، والشهيد رجا أبو ريا، والشهيد خضر خلايلة من أهالي سخنين، والشهيد خير أحمد ياسين من قرية عرَّابة، والشهيد محسن طه من قرية كفركنا، والشهيد رأفت علي زهدي من قرية نور شمس واستُشهد في قرية الطيبة، هذا إضافة لعشرات الجرحى والمصابين، وبلغ عدد الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الصهيوني أكثر من 300 فلسطينيي؛ وهبّة يوم الأرض ليست وليدة صدفة، بل كانت وليدة مجمل الوضع الذي عانى منه فلسطينيو الداخل منذ إنشاء إسرائيل عام 1948، وكان السبب المباشر لهبّة يوم الأرض هو قيام السلطات الإسرائيلية بمصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي عرّابة وسخنين ودير حنّا وعرب السواعد وغيرها، لتخصيصها للمستوطنات الإسرائيلية في سياق مخطّط تهويد الجليل، ويشار هنا إلى أن السلطات الإسرائيلية قد صادرت خلال الأعوام ما بين عام 1948-1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى من الأراضي التي استولت عليها السلطات الصهيونية، بعد سلسلة المجازر المروّعة التي ارتكبها جيش الاحتلال وعمليات الإبعاد القسّري التي مارسها بحق الفلسطينيين عام 1948 التي طالت (850) ألف فلسطيني يمثلون (61) في المئة من إجمالي الشعب الفلسطيني في العام المذكور والمقدر بمليون وأربعمئة ألف فلسطيني.
فلسطين الوطن الوحيد
فلسطين التاريخية هي وطن الشعب الفلسطيني الوحيد، حيث يصل تعداده حالياً أكثر من 14 مليون ونصف المليون فلسطيني، ولهذا تعتبر أراضيها التي تصل مساحتها (27009) كيلومترات مربعة جوهر الصراع المفتوع مع الدولة المارقة إسرائيل التي تحاول تهويد الزمان والمكان، لكن دون جدوى مع استمرار كفاح الشعب الفلسطيني؛ وفي الذكرى الثامنة والأربعين ليوم الأرض، لا بدَّ من تسليط الضوء على أراضي فلسطين؛ لكونها جوهر الصراع مع المحتل الصهيوني.
وتقع فلسطين على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، بين خطيْ الطول 34.15 و35.40 درجة شرقي غرينتش، وخطيْ العرض 29.30 و32.15 شمالاً، وتحدها من الشرق سوريا والأردن، ومن الشمال لبنان وجزء من سوريا، كما تحدها من الجنوب مصر العربية وخليج العقبة، وتبلغ مساحة فلسطين 27009 كيلومترات مربعة. وعلى الرغم من صغر مساحة فلسطين وبساطة تكوينها، فإنه يمكن تقسيمها إلى أربع مناطق، تتميز كل منها عن الأخرى في نظام سطحها ومناخها ونباتها، وهي: منطقة السهول: وأبرزها السهل الساحلي وسهل مرج ابن عامر، وتشكل 17 في المئة من مساحة فلسطين، أما منطقة النقب فتشكل 50 في المئة من مساحة فلسطين، في حين تشكل المنطقة الجبلية 28 في المئة من المساحة العامة، ويشكل وادي الغور خمسة في المئة من مساحة لفلسطين. وكانت إدارة الانتداب البريطاني قسمت فلسطين منذ تموز/يوليو من عام 1939 إلى ستة ألوية؛ هي: لواء الجليل، ويقع في أقصى شمال فلسطين قرب الحدود اللبنانية ومركزه مدينة الناصرة، ويتألف من خمسة أقضية هي: عكا، بيسان، الناصرة، صفد، طبريـة، أما لواء حيفا فمركزه مدينة حيفا، ويتألف من قضاء حيفا فقط، في حين تشكل مدينة نابلس مركز لواء نابلس ويتألف من ثلاثة أقضية، هي: نابلـس وجنين وطولكرم، ويتوسط الوطن الفلسطيني لواء القدس ومركزه مدينة القدس، ويتألف اللواء من ثلاثة أقضية، هي: القدس وتتبعه بيت لحم وأريحا، والخليل ورام الله، أما لواء اللد فمركزه مدينة يافا، ويتألف من قضائيْ يافا والرملة، ومعظم أراضيه سهلية؛ ويقع لواء غزة في جنوب فلسطين، ويشمل جزءاً من السهل الساحلي الفلسطيني ومنطقة النقب التي تعادل وحدها نصف مساحة فلسطين، ومركز اللواء مدينة غزة، ويتألف من قضائيْ غزة وبئر السبع.
إن إحياء الشعب الفلسطيني داخل فلسطين التاريخية وفي المهاجر القريبة والبعيدة للذكرى السابعة والأربعين ليوم الأرض في نهاية آذار/مارس الجاري، تأكيد على أنها جوهر الصراع المفتوح مع محتل سيرحل من وطن الفلسطينيين الوحيد فلسطين شأنه في ذلك شأن كافة الاحتلالات العابرة على فلسطين. ومن نافلة القول أن فلسطينيي الداخل هم كأشجار الصبار في مواجهة الاحتلال الذي سيزول.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.