في 26 يناير الماضي، قررت 18 دولة والاتحاد الأوروبي تعليق تمويلها لـ"الأونروا"، بناءً على مزاعم إسرائيلية بمشاركة 12 من موظفي الوكالة بهجوم "حماس"، في 7 أكتوبر 2023، على مستوطنات إسرائيلية محاذية لغزة.
عدة دول منها: الولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا وفرنسا والنمسا والسويد ونيوزيلاند وسويسرا وأيسلندا ورومانيا وإستونيا، بالإضافة إلى مفوضية الاتحاد الأوروبي، وفقاً للأمم المتحدة.
حرب الإبادة على غزة
وفي ظل حرب الإبادة على غزة، وعمل الاحتلال على اقتلاع وتهجير سكان القطاع، عملت إسرائيل وما زالت على محاربة وجود الأونروا، الذي يؤرق دولة الاحتلال التي تعمل بلا كلل أو ملل على تصفية وإلغاء الوكالة منذ أن تأسست، فمحاربة الأونروا مسلسل قديم جديد، فالمستفيد الوحيد من إنهاء عملها ووجودها هي دولة الاحتلال.
إن المخاطر المستقبلية لذلك، أن القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين اليوم على المحك، وأن على العالم الحر أن ينتصر لها من أجل العدالة والمبادئ الدولية.
والمفارقات تكمن في أن هذا العالم وتلك الدول التي تنادي بالقانون والمبادئ وحرية الإنسان والعدالة، تعمل على خرقها، ويضربون بها عرض الحائط من خلال التساوق مع مزاعم إسرائيلية.
لا شك أن كل اللاجئين الفلسطينيين في كافة أماكن وجودهم يعتاشون ويدافعون عن وجود "الأونروا"؛ كونها الشاهد الحي والدولي الوحيد على النكبة الفلسطينية.
الخطوة العقابية
إن هذه الخطوة العقابية لمجتمع اللاجئين، الذي يضم أكثر من7 ملايين لاجئ في الوطن والشتات، وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي ظل الحرب على غزة، فإن الكل بأمسّ الحاجة لزيادة خدمات الوكالة، لا تقليصها.
إن الدول نفسها التي أعطت الغطاء للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، هي التي سارعت وعلقت التمويل بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا القرار يعتبر مسألة سياسية تهدف لضرب قضية اللاجئين وشطب حق العودة، وإنهاء عمل الوكالة، وهذا ما تهدف إليه الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، في سعيهما وبكل الطرق إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وبدلاً من لجم الاحتلال على عدوانه وإدانة ممارساته الإجرامية، فإنهم يسارعون أيضاً للتغطية عليها ووقف المساعدات عن شعبنا.
مجتمع اللاجئين
إن مجتمع اللاجئين اليوم بحاجة لمد يد المساعدة في كل أماكن وجوده، ووكالة الغوث اليوم تقوم بذلك بدور كبير.
إن تداعيات تلك الخطوة أن هناك استراتيجية إسرائيلية لتهجير شعبنا الفلسطيني، وتجاوز قضية اللاجئين وشطب حق العودة، وإنهاء عمل الوكالة التي أنشئت من أجل تقديم الخدمات، وبقرار الأمم المتحدة.
ما زلنا نحارب من أجل ألا يكون هناك تقليص لبرامج الأونروا، ومن أجل بقاء الوكالة التي تعد الشاهد الحي على الجريمة الأولى، والنكبة الأولى عام 1948، وعلى اللاجئين وكل القوى أن تعمل لمواجهة تلك المحاولات التي تستهدف القضية، عبر وضع برنامج تصدٍّ لتلك القرارات.
للأونروا دور مهم لا يمكن الاستعاضة عنه، ولا توجد حالياً أي منظمة إنسانية أخرى في غزة يمكنها أن تلعب دور الأونروا.
الإعلانات الغربية
جاءت الإعلانات الغربية بعد ساعات من إعلان محكمة العدل الدولية في لاهاي رفضها مطالب إسرائيل بإسقاط دعوى "الإبادة الجماعية" في غزة، التي رفعتها ضدها جنوب أفريقيا، وحكمت مؤقتاً بإلزام تل أبيب "بتدابير لوقف الإبادة وإدخال المساعدات الإنسانية".
وفي 26 يناير الماضي، قالت "الأونروا" إنها فتحت تحقيقاً في مزاعم ضلوع عدد (دون تحديد) من موظفيها في هجمات 7 أكتوبر.
لا شك أن اللاجئين الفلسطينيين يعتبرون "الأونروا" جزءاً من ذاكرة المخيمات، ورمزاً لحق العودة، باعتبارها شاهداً على معاناتهم في مخيمات الشتات، حيث قدمت لهم على مدار عقود من اللجوء مساعدات طبية وغذائية وتعليمية ونقدية.
وتعاني غالبية المخيمات الفلسطينية في البلدان المجاورة، لاسيما لبنان، من أوضاع معيشية صعبة، بسبب الفقر المدقع وقلة فرص العمل، ما جعل اعتمادهم على خدمات "الأونروا" يتزايد لمواجهة ظروفهم الصعبة.
فقد تأسست "الأونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة، حتى التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.