بعد الخروج المبكر وغير المتوقع للمنتخب المغربي من نهائيات كأس الأمم الأفريقية 2023، إثر الخسارة أمام منتخب جنوب أفريقيا، اشتعلت الأوساط الإعلامية والجماهيرية في المغرب بجدل واسع حول مستقبل المدرب وليد الركراكي مع "أسود الأطلس".
النقاشات انقسمت بين دعاة لاستمراره، مستشهدين بالإنجازات السابقة وخاصة وصولهم لنصف نهائي مونديال قطر 2022، ومعارضين يرون أن الوقت قد حان لتغيير الدفة، خصوصاً بعد الأداء الذي قدمه الفريق في البطولة الأفريقية.
من جهة، يرى المؤيدون لاستمرار الركراكي أنه يجب عدم إغفال الإنجازات السابقة والتطور الواضح الذي شهده المنتخب تحت قيادته. هذا الفريق، الذي أذهل العالم في قطر، أظهر قدرات فنية وتكتيكية متقدمة، ويعتبرون أن الركراكي يجب أن يُمنح فرصة ثانية لإعادة بناء الفريق والتحضير لاستضافة المغرب لنهائيات كأس الأمم الأفريقية القادمة. على منصات التواصل الاجتماعي، أطلق محبوه هاشتاغ #نعم_لاستمرار_الركراكي، للتعبير عن ثقتهم في قدرات المدرب والفريق على تجاوز العقبات.
من جهة أخرى، شن نشطاء آخرون هجوماً على الركراكي، محملين إياه مسؤولية الخروج المبكر من كأس الأمم الأفريقية 2023. ينتقد هؤلاء خياراته التكتيكية وأسلوب اللعب، خاصة في الجانب الهجومي، مستشهدين بالأداء الضعيف للاعبين مثل نصير مزراوي ويوسف النصيري وعز الدين أوناحي خلال مباراة جنوب أفريقيا. ويلقون باللوم على الركراكي في عدم تحقيق التوازن اللازم بين الخطوط وتحديداً في الجانب الهجومي، ويرفض المؤيدون لرحيل الركراكي، لتحويل المدرب إلى أحد المقدسات غير المعنية بالانتقاد؛ لأن الحفاظ على الركراكي في منصبه دون تقييم شامل وتدقيق للأداء سيؤدي إلى مزيد من التراجع.
وسط هذا الانقسام، ينظر الاتحاد المغربي لكرة القدم، بقيادة رئيسه فوزي لقجع، لعملية التقييم قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن مستقبل الركراكي، ويتعين على الاتحاد المغربي التعلم من تجربة نظيره الجزائري الذي وجد نفسه في صراع مع الناخب الوطني جمال بلماضي، الذي رفض الحل الودي لفسخ عقده، طالب بمستحقاته المالية كاملة وفقاً لعقده الذي يمتد حتى عام 2026.
وكان بإمكان الاتحاد الجزائري إنهاء علاقته مع بلماضي في مارس/آذار 2022، بعد فشل الفريق في التأهل لنهائيات مونديال قطر وخروجه المبكر من كأس الأمم الأفريقية. لكن، تحول بلماضي إلى رمز وطني، خاصة بعد تتويجه بلقب كأس الأمم الأفريقية 2019 وسلسلة اللاهزيمة، جعل الاتحاد يرضخ لضغوط الجماهير ويمدد عقده دون تحديد أهداف واضحة. هذا القرار الشعبوي، المدعوم من الإعلام الرياضي الذي فضل تحميل الحكم غاساما مسؤولية الإقصاء أمام الكاميرون بدلاً من انتقاد بلماضي، يظهر التحديات التي يواجهها الاتحادات في إدارة علاقاتها مع المدربين.
في ضوء هذه الأحداث، يظهر مدى تعقيد مسألة إدارة الفرق الوطنية واتخاذ قرارات بشأن الجهاز الفني، حيث تعكس التحديات الكبرى التي تواجهها الأوساط الرياضية في العالم العربي، مع التركيز على أهمية التوازن بين الأداء الرياضي، الضغوط الجماهيرية، والاستقرار الإداري.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.