أعلنت، قبل أيام، دول رئيسية مانحة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، وفي مقدمتها إدارة بايدن، تعليق تمويلها، في أعقاب اتهام إسرائيل موظفين في الوكالة التابعة للأمم المتحدة بالضلوع في الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية على غلاف غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
الهدف من الإعلان المذكور تغييب الأونروا وشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين؛ واللافت أن المسعى الغربي الجديد يتساوق مع التوجهات الإسرائيلية، حيث هناك إجماع إسرائيلي بعدم تحمل إسرائيل أي مسؤولية سياسية أو قانونية إزاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، ووجوب حلها بتوطينهم أو إعادة تهجيرهم إلى دول عربية كمصر والأردن، وإلى دول جاذبة اقتصادياً في كندا وأستراليا ودول أوروبية، في وقت ارتفعت فيه أصوات قادة وأحزاب إسرائيلية بعينها أخيراً لتهجير الفلسطينيين من داخل فلسطين التاريخية تحت وطأة المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس منذ أكتوبر الماضي.
ترافقت الأنباء عن تجفيف تمويل الأونروا مع مطالب إسرائيلية بالإسراع في إنهاء عمل الوكالة في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل سريع، معتبرة التوقيت فرصة ذهبية لتنفيذ ذلك، في ظل الهجوم الشرس من قبل الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية، وفي مقدمتها المخيمات القائمة هناك.
وتعتبر إسرائيل أن إنهاء عمل الوكالة كفيل بالقضاء على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ووطنهم الوحيد فلسطين، وتصفية أي أمل لهم بذلك، وبالتالي إمكانية شطب القرار الدولي 194 من أجندة الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت يجري الحديث فيه عن أن الوكالة تقوم بالإعداد لفصل حق استحقاق الخدمات عن حق تسجيل اللاجئين، وبذلك يصبح اللاجئون فئتين: لاجئاً مسجلاً وآخر مسجلاً ومستحقاً، وهذا يعني أن ليس كل لاجئ مسجل في سجلات "أونروا" يستحق الخدمات التي تقدمها، من تعليم وصحة وإغاثة، ما يؤدي إلى حصر الخدمة بالحالات الصعبة. وبذلك يتم إغلاق نسبة كبيرة من برامج الخدمات، لأن تعريف المستحق سيصبح مرتبطاً بالحد الأدنى للأجور في مناطق عمليات "أونروا" الخمس.
والأخطر من ذلك هو تواتر الحديث بشأن وجود ضغوط دولية قوية لإعادة تعريف صفة اللاجئ الفلسطيني، بحيث يصبح اللاجئ هو من خرج من فلسطين سنة 1948، وأن صفة اللجوء لا تورّث. وبالإضافة إلى ذلك سيتضمن التعريف الجديد أن اللاجئ الذي يتمتع بأي جنسية أو إقامة دائمة في أي بلد ستسحب منه صفة اللاجئ، وبذلك تصبح "أونروا" مسؤولة فقط عن أعداد قليلة جداً من اللاجئين الفلسطينيين، وتتخلى قانونياً عن 6 ملايين و500 ألف لاجئ مسجلين في سجلاتها خلال العام الحالي 2024.
وتعرّف "أونروا" اللاجئ الفلسطيني منذ انطلاق عملياتها في عام 1950، بأنه كل من كان يقيم في فلسطين ما بين يونيو 1946 وحتى مايو 1948، والذي فقد بيته ومورد رزقه نتيجة حرب 1948. ولهذا، يجب أن تكون الخدمات التي تقدمها "أونروا" متاحة للاجئين كافة الذين يقيمون في مناطق عملياتها، وينطبق عليهم هذا التعريف، والمسجلين لديها ويحتاجون إلى المساعدة. كما أن ذرية أولئك اللاجئين الفلسطينيين الأصليين يستحقون أيضاً أن يتم تسجيلهم في سجلات الوكالة. عندما بدأت الوكالة عملها في عام 1950، كانت تلبي احتياجات نحو 850 ألف لاجئ.
من نافلة القول أن إعلان تعليق المساعدات للأونروا من قبل دول رئيسية يعتبر فعلاً خطيراً لتغييبها وتصفية قضية اللاجئين بضربة واحدة؛ خصوصاً في وقت كثر فيه الحديث عن مشاريع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية باتجاه سيناء والأردن ودول غربية وكندا وأستراليا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.