لماذا يكرهنا العالم؟ بالتأكيد تعرفون من هي المقصودة بالسؤال، إنها أمريكا بالطبع. فعقب كل أزمة أو أحداث كبرى تراجع أمريكا نفسها، والمراجعات شيء إيجابي، لكنها لا تقول لنا الإجابة، فبعد أحداث 11 سبتمبر، راحت الأوساط السياسية والأكاديميات الأمريكية ومراكز الأبحاث تدرس سؤالاً واحداً، هو لماذا يكرهوننا؟ لماذا يكره العالم أمريكا؟ ولم نعرف الإجابة حتى الآن.. وظهر مؤخراً كتاب مهم فى بريطانيا يشرح الأسباب الحقيقية لكراهية العالم لأمريكا، يؤكد أن السياسة الاحتكارية هي السبب!
وقبل أن تتهمني بأنني صاحب السؤال أو الفرضية، ينبغي أن تعرف أن أمريكا هي مصدر السؤال الذى أخفت إجابته، ولم تصلح من نفسها رغم كل شيء.
لماذا يكرهون أمريكا؟ هل لأنها تشعل العالم، ثم تتفرج عليه؟ طوال تاريخها كانت أمريكا تشعل الحروب خارجياً، ولا تنسَ حروبها فى ربع القرن الأخير. وحتى الحرب على أوكرانيا من استفزازات أمريكا، وأتخيل أن الأوكران لا يحبون أمريكا، رغم وقوفها بجوارهم في الحرب، وربما يحبون روسيا أكثر ويحبونها حباً قوياً.. لأنها منهم!
والصين لا تحب أمريكا، وشرق آسيا كله لا يحب أمريكا، وكوريا الشمالية لا تحب أمريكا، ومستعدة لخوض حرب نووية ضدها، وكل هذا المسؤولة عنه أمريكا نفسها، وغداً سوف تتوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لأنها حرب مشروطة بشروط محددة وليست حرباً بين دول أعداء، ولا هي حرب عن عقيدة، فهم أشقاء في النهاية، روسيا كانت تدافع عن أمنها القومي فقط!
فلماذا العالم يكره أمريكا؟.. هل لأنها تدخل البلاد فتدمرها وتمص دمها وتخرب جيشها وتستغل ثرواتها، أم لأسباب تعتمد على سياسة الكيل بمكيالين، أو لأسباب عقائدية؟ نريد أن نعرف.. فى كل الأحوال لا بد من دراسة أسباب الحالة، والاستفادة مما قاله لافروف، في مؤتمره الصحفي الأخير، بأنها تتصرف خارج المنظمة الدولية.. ودخلت العراق بقرار منفرد، وحاربت في أفغانستان دون مبرر.. وتصرفت كأنها شرطي العالم، ولكنها ليست مع الحق!
وحين تريد أن تطرد روسيا من مجلس الأمن لأنها معتدية ولا تصلح للعضوية الدائمة، فإن هذا الكلام بالضبط ينطبق على أمريكا، غير أنها تجد من يروّج لها، ويغني باسمها، ومن يؤيدها لا يؤيدها من قلبه، ولكن لأنها تمتلك أوراق اللعبة!
وبالمناسبة، فأنا لا أكره أمريكا، ولا أحب روسيا والصين.. فالصين مثلاً لم تقدم نموذجاً يمكن الاعتماد عليه، حال غياب أمريكا. بالعكس لا، فلا الصين قدمت نموذجاً ولا روسيا وكلامنا يستهدف تصحيح النموذج أكثر من تمني فنائه.
أيضاً نحن من أنصار إعادة هيكلة الأمم المتحدة وإعادة النظر فى قصة الفيتو، الأسلوب الذي أهدر حقوقاً كثيرة لشعوب ودول لا تملك حق الدفاع عن نفسها!
ويمكنك أن تراقب ردود الفعل على الحرب الروسية الأوكرانية، والربط بينها وبين ما حدث لفلسطين مثلاً، فطالما كانت أمريكا وما زالت تحمي وتساند إسرائيل وتقف ضد الحق الفلسطيني حتى بدأنا ندرك أننا نحارب أمريكا لا إسرائيل وفي ظل ما يحدث في غزة الآن من حرب إبادة جماعية للسكان نرى أن الأمريكيين يرعون ذلك ويدعمونه عسكرياً وسياسياً وسط الصمت الدولي والتخاذل العربي المخزي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.