تعتبر عبارة بن غوريون، أول رئيس وزراء للدولة العصابة إسرائيل، بمثابة إشارة وانطلاق لارتكاب إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، حيث قال "إن الوضع في فلسطين سيُسوّى بالقوة العسكرية، حيث ارتكبت المنظمات الصهيونية المسلحة عشرات المجازر بحق المدن والقرى الفلسطينية، الأمر الذي أدى إلى طرد 850 ألف فلسطيني إلى خارج وطنهم فلسطين بعد نكبة 1948، ليصبح عددهم الآن في عام 2024 نحو 7 ملايين لاجئ فلسطيني، واحتل الجيش الصهيوني الضفة الغربية، بما فيها القدس وقطاع غزة، في يونيو 1967، وتمّ طرد 450 ألف فلسطيني ليصبحوا نازحين ويصل عددهم الآن إلى نحو مليوني فلسطيني. وبطبيعة الحال قتلت العصابات الصهيونية الهاغانا والشتيرن الايتسل والجيش الإسرائيلي، خلال العامين المذكورين، الآلاف من الفلسطينيين العزل.
ولم تتوقف سياسات الدولة العصابة إسرائيل عند الحد المذكور، بل قامت بعمليات اغتيالات منظمة للعديد من سفراء فلسطين ومثقفيها في الخارج، وحتى لعرب وأجانب مناصرين للحق الفلسطيني. ولم تنته فصول الاغتيالات التي تقوم بها الأذرع الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، فخلال (1948-2024)، استخدمت العنف والمجازر كأدوات لابادة الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم، جنباً إلى جنب مع عمليات اعتقال مزيد من الفلسطينيين، حيث وصل عدد الأسرى الفلسطينيين منذ عام 1965 لمليون فلسطيني، وقتل المئات منهم تحت التعذيب في السجون وزنازين الاحتلال الإسرائيلي، وهناك معطيات تشير إلى سقوط 100 ألف شهيد فلسطيني منذ العام المذكور، ناهيك عن آلاف الجرحى والمعاقين، وتدمير آلاف المنازل، ومصادرة مزيد من الأرض الفلسطينية، وإقامة المستعمرات الصهيونية، والقيام بعمليات إحلال تهويدية بغرض التفوق الديموغرافي اليهودي، بعد طرد وتهجير قسري لأصحاب الأرض الفلسطينيين.
كشفت عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من أكتوبر الماضي، أن إسرائيل هشّة على كافة المستويات العسكرية والأمنية والسيبرانية، ولهذا تسعى حكومة نتنياهو الإرهابية إلى تحقيق نصر وهمي، لكن دون جدوى، فبصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة تمّ إفشال كافة الأهداف الإسرائيلية المعلنة وغير المعلنة، وذلك رغم درب الآلام الطويل الذي ساره الشعب الفلسطيني على طريق الحرية ودحر المحتل الإسرائيلي وتحقيق الانتصار الحاسم على عصابة الإبادة الجماعية إسرائيل.
ومن نافلة القول إنه رغم ارتفاع عدد الشهداء والجرحى والمفقودين والمخطوفين في قطاع، فإن اللقاءات مع عدد كبير من الغزِّيين تؤكد الإصرار على الصمود والثبات حتى النصر، وفي هذا السياق نشير إلى بعض المعطيات، حيث قَتلت آلة العدوان الإسرائيلية المصنعة غربياً حتى كتابة هذه السطور نحو 30 ألف شهيد فلسطيني في قطاع غزة، بينهم 11 ألف من الأطفال، كما وصل عدد الشهيدات إلى 7 آلاف من النساء، في حين وصل عدد الجرحى إلى 59 ألف فلسطيني، ناهيك عن تدمير الجيش الإسرائيلي 70 ألف وحدة سكنية في مناحي قطاع غزة، وقد أخرج قصف الاحتلال الإسرائيلي 30 مستشفى في القطاع عن الخدمة بشكل كامل، إلى جانب 53 مركزاً صحياً.
ومع استمرار عملية التقتيل اليومية والاعتقالات التي طالت المئات في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وتكميم الأفواه في الداخل الفلسطيني، والملاحقة والاعتقال لمن يشير في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة إلى تعاطفه مع آلام شعبه المكلوم في الضفة والقطاع، تكتمل أركان عملية الإبادة الجماعية، التي تقوم بها دولة إسرائيل الإرهابية، ولم تتوقف منذ إنشائها في مايو/أيار 1948.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.