تستمر الانتهاكات على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مع دخول الحرب في غزة شهرها الثالث، وموجة التصعيد الجارية بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة التي خلّفت ما يزيد على أكثر من 17 ألف شهيد وآلاف الجرحى، وسط تخاذل عالمي، وتواطؤ عربي، وإدانات من المجتمع الدولي متتالية لتعمّد إسرائيل إبادة البشر والحجر والذاكرة والهوية، والتراث الثقافي التاريخي في قطاع غزة، لتستحق أبشع الأوصاف، بعد الضوء الأخضر الأمريكي والغربي عبر المشاركة في جلسات مجلس الحرب الإسرائيلي، كما فعل جو بايدن.
لم تكتفِ إسرائيل بإراقة دماء سكان غزة الأبرياء، وتفجير منازلهم ومساجدهم، ولكنها استهدفت كذلك المعالم التاريخية والثقافية والعلمية، فضلاً عن الرموز السيادية الفلسطينية. واستخدام مختلف أنواع القذائف والصواريخ المحرمة دولياً.
إن إسرائيل تتعمّد استهداف المعالم التاريخية والرموز الخاصة بالشعب الفلسطيني، وتدمير التراث الثقافي من "وثائق وآثار ومعالم "؛ لطمس أي هوية فلسطينية تتعلق بالفلسطينيين، أو تكون شاهدة على وجودهم في هذه الأرض.
هذا ما يسعى إليه الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات طويلة، من خلال الاستهدافات المتكررة للمواقع الأثرية والتراثية في فلسطين عموماً، وتركيزه على قصف وتدمير المواقع الثقافية في قطاع غزة خصوصاً، رغم أن الآثار التاريخية والأماكن الثقافية التراثية والنصب التذكارية تعتبر مناطق محميّة، لكونها مشمولة بالحماية الدولية وفقاً للقوانين والأنظمة، لكن تتعمّد إسرائيل إهمال اتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حال النزاع المسلح، متجاهلة القوانين الدولية والأممية في حربها البربرية على قطاع غزة، وارتكابها عدة مجازر مروعة، لم تحدث منذ أكثر من 100 عام، مع الالتفاف والقفز فوق القانون، والإفلات من العقاب أو المساءلة القانونية الدولية.
توضح الدراسة التي أجرتها مؤخراً مجموعة "التراث من أجل السلام" الأضرار التي لحقت حتى الآن بأكثر من 100 من هذه المعالم في غزة منذ بداية الحرب الهمجية الحالية، ومن بين تلك المعالم:
قصف المستشفى المعمداني
في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تم قصف المستشفى المعمداني، رغم وجود مئات المدنيين، والتي تُعتبر نكبة جديدة، عاشها سكان غزة حتى اليوم، على الرغم من كونه أحد أقدم المستشفيات في غزة.
النصب التذكاري للجندي المجهول
تدمير النصب التذكاري للجندي المجهول والحديقة الخاصة به، والتي تم تجريفها بالكامل، فهي من أهم المعالم والرموز النضالية والوطنية في قطاع غزة.
المسجد العمري الكبير
قصف المسجد العمري الكبير، في البلدة القديمة بغزة الذي يعود بناؤه إلى نحو 1400 عام، حيث كان معبداً كنعانياً ثم كنيسة قبل أن يتحول إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي، ويعد أقدم مساجد قطاع غزة، وأحد أهم المعالم والآثار الإسلامية والتاريخية في المدينة، يقع بالقرب من ميدان فلسطين.
كنيسة القديس بورفيريوس للروم الأرثوذكس
في 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قامت الغارات الجوية الإسرائيلية بتدمير جزء من كنيسة القديس بورفيريوس للروم الأرثوذكس، حيث لم تحترم إسرائيل حُرمتها ولا قُدسيتها، على الرغم من وجود حوالي 400 شخص يلجأون إليها كمأوى.
الأرشيف المركزي
تعرّض مبنى الأرشيف المركزي بمقر بلدية غزة لقصف نتج عنه دمار واسع وإتلاف كبير تعرضت له الوثائق التاريخية في المبنى، وهو ما أدى إلى إعدام آلاف الأوراق التي توثق مباني المدينة ومراحل تطورها العمراني.
مركز رشاد الشوا الثقافي
تدمير مركز رشاد الشوا الثقافي، الذي يُعد واحداً من أهم وأقدم المباني في قطاع غزة، حيث يتميز بتصميمه المعماري والخراساني البارز، ويقع غرب المدينة التي شهدت الغزو من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
الاحتلال الإسرائيلي يريد أن يطمس أي هوية فلسطينية تتعلق بالفلسطينيين وشاهدة على وجودهم في هذه الأرض، وهذا ما يسعى إليه الاحتلال منذ سنوات طويلة من خلال استهدافات متكررة للمواقع الأثرية والتراثية في غزة وفي فلسطين.
يذكر أن قطاع غزة يضم من الآثار قرابة 150 بيتاً و12 موقعاً و40 مسجداً و22 مبنى، تعود إلى العهدين الروماني والبيزنطي، وكذلك المسيحي والإسلامي، ويوجد أيضاً عدد من المعالم المسيحية وأنقاض كنيستين، وكنيسة قائمة، ودير مسيحي يسمى القديس هيلاريون الذي يصنّف على قائمة التراث العالمي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.