كابوس الاحتلال الإسرائيلي، يتربصون للخلاص منه؟ وصفته صحيفة لوموند الفرنسية بأنه "سيد اللعبة"، أما نتنياهو فيتوعده بالتصفية، واصفاً إياه: "الرجل الذي يمشي ميتاً"، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري: "سوف نستمر، سنلاحقه حتى نعثر عليه".
إنه الكابوس الذي يؤرّق دولة الاحتلال وأمريكا أيضاً، ما دفعهم إلى التفتيش عنه في كل مكان، لعلهم يستطيعون الوصول إليه، ويتهمه الاحتلال بأنه هو من خطط لهجمات السابع من أكتوبر.
إنه يحيى السنوار، رئيس الجناح السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، ابن المجدل- عسقلان، وُلد ونشأ وشبَّ في مخيم خان يونس في غزة، درس اللغة العربية في الجامعة الإسلامية، وقاد الكتلة الإسلامية فيها.
اعتقله الاحتلال عام 1982 لمدة 6 أشهر بتهمة المشاركة في نشاطات أمنية، ثم أُعيد اعتقاله وحُكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة 4 مرات، إضافة إلى 30 سنة أخرى في 20 يناير 1988، بتهم تتعلَّق بتأسيس جهاز أمني والمشاركة في تأسيس الجهاز العسكري الأول لحركة حماس، والذي عُرَف باسم "المجاهدون الفلسطينيون" قبل أن يتغير اسمه إلى كتائب عز الدين القسام لاحقاً.
أمضى السنوار 23 عاماً في الأسر في سجون الاحتلال، استفاد منها خير استفادة ليتعرف على الاحتلال عن قرب، نفسياتهم وطريقة تفكيرهم ونظرتهم للأمور ورؤيتهم المستقبلية، ما يخيفهم، وما يهزهم ويؤثر فيهم.
تعرَّف السنوار على المجتمع الإسرائيلي عبر متابعاته لكل ما يصدر في الإعلام العبري وفي الدراسات العبرية التي تدرس وتفند الوضع الداخلي لدولة الاحتلال.
غادر يحيى السنوار أسوار السجن وقيود السجان في صفقة وفاء الأحرار عام 2011، ليُشكل خروجه مرحلة جديدة للحركة ولقطاع غزة، ما حدا بدولة الاحتلال لأن تندم ندماً أشبه ما يكون بندم الكسعي على إطلاق سراحه.
شارك في الانتخابات الداخلية لحركة حماس سنة 2012، وفاز بعضوية المكتب السياسي للحركة، وتسلم مسؤولية الإشراف على الجهاز العسكري لكتائب عز الدين القسام.
وضعته الولايات المتحدة على قائمة الشخصيات الإرهابية الدولية، ووضعته دولة الاحتلال على قائمة المطلوبين للتصفية في قطاع غزة.
في 2021 انتُخِب السنوار رئيساً للمكتب السياسي في غزة خلفاً لإسماعيل هنية.
تعتبر دولة الاحتلال السنوار عدواً خطراً، وتراه خصماً عنيداً، ونسخة متطرفة من قيادات حماس.
في الفترات التي سبقت السابع من أكتوبر الماضي، استطاع السنوار إيهام دولة الاحتلال بأن حماس تخلت عن المقاومة، وأن ما يهمها الآن تحسين الوضع الاقتصادي لأهالي غزة وتوفير فرص عمل لهم، فإذا به يفاجئ الجميع، بل يصدمهم وهو ينهض ليحرق الأخضر واليابس كما قال.
وفي يوم السابع من أكتوبر، أُسر عدد كبير من سكان مستوطنات غلاف غزة من المحتلين، لم يستطع أحد تحديد عددهم آنذاك، نُقل هؤلاء الأسرى إلى أنفاق غزة؛ انتظاراً لتحقيق الهدف الذي دفع الحركة للعمل على أسرهم.
في نهاية ذلك اليوم (يوم السابع من أكتوبر)، وبحسب رواية إحدى أسيرات الاحتلال بعد أن أطلقت المقاومة سراحها، ذكرت أنه فُتح الباب، ودخل شخص ملتحٍ بدا أن له مكانة خاصة، وتقدّم ناحيتهم، وحادثهم بعبرية جيدة، وقال: "أنتم في المكان الأكثر حماية، لن يحدث لكم شيء"، قبل أن يعرّفهم بنفسه.. لقد كان هذا الشخص هو قائد حركة حماس في قطاع غزة!
الصحفي الصهيوني عميت سيجال قال عن تلك الحادثة: "قصة لا يمكن تصوّرها، إنها الأكثر إثارة من بين كل ما سمعته، لقد وقع فكي عند سماعها، بطل القصة يحيى السنوار، المطلوب الأول لدولة الاحتلال، الذي تنتظره 4 أحكام بالسجن المؤبد!".
وفيما يخص صفقات تبادل أسرى الاحتلال لدى المقاومة، يصرّ كثيرون في دولة الاحتلال ويسيطر عليهم الغيظ والقهر وهم يقولون: "السنوار يتلاعب بأعصابنا عبر التحكم في صفقة تبادل الأسرى؛ ليرغم حكومتنا على الخضوع لشروط المقاومة صاغرين".
هذا الصقر شديد الجرأة، لم يمنعه القصف الجنوني والمرعب من التجول في أزقة قطاع غزة، وتفقد أحوالها، غير عابئ بتهديدات الاحتلال باغتياله.. إنه يحيى السنوار.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.