في اليوم العالم العالمي للطفل، وبينما يتجمّع العالم للاحتفال بالفرح والضحك، والإمكانات اللامحدودة التي يضيفها الأطفال إلى حياتنا، يلوح ظل قاتم فوق البراءة التي نفتخر بها. وفي خضم احتفالاتنا، دعونا لا ننسى الواقع الصعب الذي يواجهه أطفال غزة، الذين شابت طفولتهم قسوة الصراع.
يجب أن يكون كل يوم مميزاً بوجود الأطفال في حياتنا، فهم يجسدون الوعد بمستقبل أفضل. الطفولة هي مرحلة محورية، ووقت للاكتشاف، حيث تُرسم لوحة الحياة بألوان نابضة بالحياة للخطوات الأولى، والابتسامات المؤقتة، والكشف البطيء لعجائب العالم. ومع ذلك، كيف يمكننا التوفيق بين الاحتفال بالطفولة عندما يُحرم أطفال غزة من فرصة تجربة هذه المعالم، وتنتهي حياتهم بشكل مأساوي في مرمى نيران الصراع؟
وبينما نحتفل بإنجازات أطفالنا، يجب علينا أن نتوقف للتأمل في الواقع القاسي الذي يواجهه أطفال غزة. هل يمكننا حقاً أن نحتفل بيوم الطفل العالمي هذا وقد استشهد أكثر من 500 ألف نفس بريئة في غزة، وتلاشت أحلامهم وتطلعاتهم في وحشية الحرب؟
وحلّت محل أصداء ضحكاتهم أصوات الانفجارات التي تصم الآذان، وتحولت ملاعبهم إلى ساحات قتال. لقد تم إسكات روح الطفولة النابضة بالحياة بسبب الهجوم الذي لا هوادة فيه، والذي لا يترك مجالاً لازدهار البراءة. أين أطفال غزة؟
أطفال غزة ليسوا إحصاءات؛ إنهم ليسوا مجرد ضحايا حرب. إنها الأحلام الضائعة، والضحكة الصامتة، إنهم ليسوا مجرد أرقام، بل مأساة جماعية محفورة في قلوب أولئك الذين يشهدون على رحيلهم المفاجئ من هذا العالم الصامت.
كيف يمكننا أن نحتفل عندما يُحرم أطفال غزة من حقهم في العيش؟ لقد تم كتم أصواتهم بسبب هدير الصراع المدوّي، وتلاشت إمكاناتهم قبل أن تتاح لها الفرصة لتزدهر. ولا يمكننا أن نغضّ الطرف عن الواقع المروّع الذي ابتليت به حياة هذه النفوس البريئة.
في هذا اليوم، دعونا لا نحتفل بالأطفال المحظوظين الذين استمتعوا بأفراح الطفولة فحسب، بل نتذكر أيضاً أطفال غزة الذين كُتمت ضحكاتهم، وبقيت دموعهم غير مسموعة. نأمل أن يشعل تعاطفنا وتضامننا الجماعي شرارة التغيير، مما يضمن أن يتمكن كل طفل، بغض النظر عن مكان وجوده، من تجربة سحر طفولة غير ملوثة بالصراع.
إلى أطفال غزة، الشهداء والأحياء، صمودكم في وسط أهوال الحرب يرتسم في قلوبنا، عقولنا، ودعواتنا معكم. نعتذر عن عدم قدرتنا على حمايتكم من وحشية الصراع. نعتذر عن الصور التي قد تظل عالقة في عقولكم الرقيقة، وعن الألم الذي تتحملونه كمشاهدين بلا قدرة على التدخل في ساحة المعركة التي ليست من صنعكم. من بعيد، أيدينا مقيدة، اليوم نقدم لكم هذه اللحظة، نحتفي بنقاء وجودكم، وسيمفونية ضحكاتكم، والانتصارات التي حققتموها رغم الصعاب. أنتم تستحقون حياة مزينة بالجمال، خالية من صدى القنابل المؤرقة وظلال الحرب. نعتذر عن عجزنا في توفير الملاذ الذي تستحقونه. لو كان الأمر بوسعي، لاحتضنتكم جميعاً في ملجأ قلبي حتى تهدأ عواصف الحرب. لا يكتمل اليوم العالمي للطفل بدونكم، ففي غيابكم يختلف الاحتفال، ولا يحمل معنىً حقيقياً أبداً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.