من المثير للاشمئزاز ما فعله المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري وهو يكذب كما هي العادة عن النفق المزعوم بجوار مستشفى الرنتيسي، وباقي تفاصيل الكذب التي كانت بادية على وجهه وفي نبرة صوته، والمعلومات التي لا ترتقي لمسمى معلومات بقدر ما هي رسالة "ساذجة" موجهة لشركائه الأمريكان والأوروبيين في جريمة إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
بينما نتابع كذب وتدليس هاغاري استحضرت نمط الوزير الألماني النازي جوزيف غوبلز، الذي قرأنا عن نمطه في إدارة المنظومة الإعلامية الألمانية في ذلك الوقت، واشتهر بمقولته: "اكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك"؛ حيث بدأ اختبار نجاح فكرة الكذب على الشعب الألماني حينها، حتى بات الوزير نفسه يصل لمرحلة تصديق سلاسل الكذب التي ينسجها، فأصبحت وكأنها الحقيقة. ولكن رغم الثورة التكنولوجية والمعلوماتية التي يعيشها العالم اليوم، لم ترتقِ الحالة الإسرائيلية في مصداقية الكذب للحالة النازية؛ حيث تفوقت النازية في ابتكاراتها، إذ لم تكن رسائلها الإعلامية الموثقة بهذه السخافة التي خرج بها هاغاري في عام 2023.
أثناء مشاهدة أكاذيب هاغاري السخيفة عن اكتشاف "قبو" في مستشفى الرنتيسي، تجده يسلط الضوء على "ستارة" تغطي حائطاً وبعض الأشياء التي تشبه الأسلحة الخفيفة التي لا يعجز المقاوم عن حملها في حقيبة صغيرة بدلاً من تركها خلفه من أجل أكاذيب هاغاري، وكذلك فكرة وجود "القبو"، ومثل هذا القبو موجود في العديد من المستشفيات في دول العالم، ويستخدم لأغراض صحية، وكذلك يوجد في بعض البيوت ولا يرقى لمستوى أن تعتمد عليه حركة مقاومة تحارب قوات الاحتلال، بينما يأتي أخيراً الاكتشاف المذهل لوجود مطبخ أو شيء يشبه المطبخ، والحقيقة أن الأمريكان والأوربيين عندما يعتمدون على شخص كـ"هاغاري" ومعلومات مثل تلك التي تحدث بها فإنهم وصلوا لدرجة كبيرة من "السذاجة العسكرية والسياسية".
وكالعادة تستمر الرسائل السياسية والعسكرية الكاذبة والسطحية التي تصدر عن هاغاري، إذ يداوم على وصف حركة المقاومة الإسلامية بالمتوحشة، موضحاً أن "القبو" هو جريمة حرب ضد الإنسانية، منافية للقوانين الدولية، وأن العالم يجب أن يعرف هذه المعلومة الاستراتيجية، ومن يدعم المستشفى يدعم حماس، ونرد عليه أن المقاومة الفلسطينية عموماً ومنها "حماس" هي حركات تحرر تعمل وفق القانون الدولي على تحرير وطنها من جيش الاحتلال و المستوطنين، ولم يستطع الاحتلال توثيق أي توحش على "حماس"، إلا إذا كان قصف المقاومين لجنود الاحتلال يوصف بالتوحش، فهل يفترض أن يتم قصفهم بالعطور الفرنسية أو قذفهم بالبسكويت المحشي بالشيكولاتة؟
وفي زاوية من زوايا الكذب، يواصل هاغاري عبث وعوده الزائفة بأن الاحتلال سوف يحرر الأسرى، بالإضافة لتحرير قطاع غزة من "حماس"، وذلك لمصلحة الشعب الفلسطيني، كل هذا الكذب يرتقي لمستوى الغباء السياسي المكشوف، إذ يدرك الجميع أنه لا يشغل قوات الاحتلال تفكير سوى ممارسة كل السبل الوحشية في غزة لتسجيل صورة لأي نصر وهمي، حتى لو كان ذلك على أشلاء آلاف الأبرياء في محيط مستشفى طبي.
أما عن الممرات الإنسانية التي تحدث عنها هاغاري فقد فضحتها وسائل الإعلام يومياً، حيث وثقت قتل جيش الاحتلال للأبرياء وهم في الشوارع مغادرين بيوتهم ومتجهين جنوباً كما فرض عليهم.
إن طوفان الأقصى قد كشف بشكل غير مسبوق، خصوصاً مع وجود وسائل التواصل وبعض القنوات الفضائية المميزة كالجزيرة، عن الوجه الحقيقي للإجرام الاسرائيلي، فمن يستحق أن يوصف بالهمجية والإجرام هم القائمون على قتل الأبرياء ليل نهار، إذ يواصل أفراد جيش الاحتلال، دون أية إنسانية، قتل الأبرياء من الأطفال والنساء الفلسطينيين، وهذا ليس بجديد، فتاريخهم مكتوب ومرصع بالوحشية والإجرام الذي لا يمت لأي تحضر بصلة.
منذ بداية طوفان الأقصى كانت الصدمة شديدة جداً على قيادات الاحتلال، وصدر منهم ما يؤكد فكرهم النازي من حيث الأكاذيب، وكأنهم خريجو مدرسة الوزير النازي غوبلز، بداية من كذبة قتل الأطفال واغتصاب النساء واستمرارهم حتى اليوم في الدفاع عن روايتهم الملفقة، والحقيقة أن الجانب الإيجابي في هذا الشأن أنهم أعطوا أحرار العالم فرصة كبيرة للتشكيك في سرديتهم وأكاذيبهم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.