هل كنا بحاجة إلى طوفان الأقصى؛ لكي نكتشف حقيقة حكومات العالم الغربي الوحشية؟ الحقيقة كانت واضحة، ولكن البعض لم يتمكن من الرؤية بشكل صحيح، قد تكون المصالح ما منع البعض من الرؤية أو قد يكون من السهل تضليله، لكن العديد من الشواهد كانت حاضرة في السنوات الأخيرة تحديداً؛ لتؤكد لنا أننا نعيش في عالم تقوده لوبيات تحت مسميات دول متحضرة، ولكنها لم تتغير عن حقيقتها الاستعمارية إلا شكلياً وسطحياً، فهل نسيتم مذبحة ملجأ العامرية وفضيحة تعذيب المدنيين في سجن أبو غريب في بغداد، والتي اقترفتها أيادي جيش الاحتلال الأمريكي!
الدول الأوروبية ضالعة مع أمريكا في حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في غزة، وقد قام كبار مسؤوليها بزيارات تأييد للاحتلال الإسرائيلي مباشرة بعد السابع من أكتوبر، وقدمت له تأييداً مطلقاً مفتوحاً في حق الرد، ووفرت له الغطاء التام لإجرامه الهستيري على الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن الفلسطينيين، رغم أن وسائل التواصل أظهرت حقيقة العدوان بشكل يومي، ولكنهم جميعاً أغمضوا أعينهم واستمروا في دعمهم اللامحدود للعدوان وسخروا وسائل إعلامهم للدعم.
في بداية حرب إبادة الأبرياء في قطاع غزة منعوا التظاهر في عواصمهم وجرموا التعاطف مع المقاومة الفلسطينية، ولكن وبمرور الوقت ووصول حقيقة قتل الأطفال والنساء الفلسطينيات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لمواطنيهم لم يستطيعوا منع مئات الآلاف من الخروج للتظاهر، وسمحوا بالتظاهر ليس لأسباب إنسانية إنما لدوافع انتخابية، فهؤلاء المتظاهرون هم أنفسهم من ستكون الأحزاب الأوروبية والأمريكية بحاجة لهم في القريب العاجل، فالإنسانية من حكومات أوروبا وأمريكا براء، وهذا ما أثبتته الأحداث.
38 يوماً وما زالت الجريمة مستمرة في بث حي ومباشر وتستهدف الأبرياء الفلسطينيين، ولم يقدم جيش الاحتلال أي دليل على أي شيء من أكاذيبه، حرب تستهدف المستشفيات بشكل مباشر، وهذا يحدث في عصر التكنولوجيا والثورة الإعلامية ووسائل التواصل، ولم يتحرك الضمير الإنساني في أمريكا وأوروبا.
النازية التي زعمت أوروبا وأمريكا أنها قد قضت عليها في القرن الماضي تطل علينا اليوم بنفس ممارستها من قبل جيش الاحتلال المدعوم من أوروبا وأمريكا، نازية في ثوب جديد تستهدف بأسلحتها الأبرياء بشكل مقزز، ومن يفلت من نيرانها، تقطع عنه أبسط سبل الحياة، فتم قطع الوقود عن غزة، لكي يقطعوا أي أمل للحياة أو للأمل، وصل بهم الحال لقطع الوقود عن المستشفيات، وهو ما أدى إلى استشهاد جميع من كانوا على الأوكسجين الصناعي، ليس ذلك فحسب، بل منعت المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح إلا من قليل من الشاحنات لذر الرماد في العيون!
سيشهد كل ركن في غزة على قبحهم، ومستشفى الشفاء تحديداً سيبقى شاهداً على تاريخهم وحاضرهم النازي القبيح، حيث تم قطع الوقود عنه وقصفه حتى التهمته النيران، وبدلاً من أن يكون مكاناً للعلاج أصبح مجمعاً للموت بقرار أوروبي أمريكي وتنفيذ إسرائيلي نازي.
البث اليومي لأحداث الحرب على قطاع غزة يظهر بوضوح استهداف مدافع وصواريخ جيش الاحتلال لكل مظاهر الحياة المدنية في قطاع غزة، ولا يمكن تجميل ذلك من خلال الأعداء بأن مستشفى الشفاء هو قاعدة لعمل قيادات حماس، فهذا لن يتم إثباته كما سبق أن حدث عندما تم قصف مخيم جباليا وقتل أكثر من 500 من سكانه الأبرياء لمجرد الاشتباه بوجود أحد رجال المقاومة، وهو ما ثبت أنه مجرد كذبة لاحقاً!
سيأتي اليوم الذي تتشكل فيه محكمة لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين على غرار المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ومحكمتي نورمبرغ وطوكيو، ومحاكمة مجرمي الحرب في رواندا عام 1995، ومحاكمة مجرمي الحرب في سيراليون عام 2001، ولكن الحقيقة الأكبر أن الناجين من الإبادة من الأطفال الفلسطينيين هم من سيأخذون بالثأر في زمن ليس بالبعيد، وسيكونون أشد شراسة من أسلافهم في معركة تحرير فلسطين، وإذا كان الإسلام يدعونا للرحمة في تعاملنا مع الأبرياء، فإنه أيضاً يبشرنا: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} سورة التوبة – الآية 14.
بعد عقود من الخداع والتضليل، جاء يوم طوفان الأقصى ليكشف النقاب عن حقيقة القارة الأوروبية وأمريكا التي لم يتغير شيء في طبيعتها الاستعمارية، في عار لا يمكن التسامح معه في المستقبل، وإذا كان هناك من العرب من يتعامل مع هذه الحقيقة بالدبلوماسية والسياسة، فإن هناك الكثير أيضاً ممن لن يتسامح في حق إخوانه من الشهداء المظلومين الذي سقطوا ضحايا فقط من أجل تحقيق الاحتلال الإسرائيلي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.