مستوطنة زيكيم: تقع على الحدود الشمالية لقطاع غزة إلى الشمال من بيت لاهيا، وتتبع المستوطنة لمدينة عسقلان.
على شاطئ البحر، أقرب إلى مدينة عسقلان، تجثو قاعدة "زيكيم" العسكرية، التي تنتفع من التحصينات الأمنية المشددة التي تحيط بمدينة عسقلان لوجود مصفاة نفط فيها ومحطة لتوليد الكهرباء تمد قاعدة زيكيم العسكرية وجنوب الكيان بالطاقة الكهربائية.
مجموعة من الشباب اليهود الرومانيين الذين ينتمون إلى منظمة "هتشومير هتسعير" وتعني "الحارس الشاب"، قاموا بإنشاء كيبوتس استيطاني "زيكيم" وتعني "نقطة ضوء"، على أراضي قرية هربيا الفلسطينية. توسع الكيبوتس مع مرور الوقت، وأصبح مستوطنة أُنشئت فيها العديد من المصانع.
مساء يوم الثلاثاء 24 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت المقاومة أن قوة بحرية من مقاتليها تمكنت من التسلل إلى شواطئ زيكيم جنوب عسقلان والاشتباك مع قوات الاحتلال، في حين أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنها قتلت عدداً من المتسللين.
بينما ذكرت المقاومة أن قوة من "الضفادع البشرية" تمكنت من "التسلل بحراً والإبرار على شواطئ زيكيم جنوب عسقلان المحتلة، وتدور الآن اشتباكات مسلحة مع جيش الاحتلال في تلك المنطقة". (وكلمة إبرار تعني الهبوط براً).
ظهر بعد ذلك، المتحدث باسم جيش الاحتلال ليعلن عن إحباط عملية التسلل عند شاطئ زيكيم، ويذكر أن عناصر الكوماندوز البحري الفلسطيني قد تسللوا عبر نفق إلى البحر ثم إلى شاطئ زيكيم، وقال إن قواته لا تزال تمشط المنطقة، لكنه لم يكشف عن أي تفاصيل أخرى عن العملية.
القناة 12 العبرية قالت إن 10 مسلحين على الأقل قُتلوا بنيران البحرية الإسرائيلية، في حين قالت القناة 14 إن الاشتباكات لا تزال مستمرة في المنطقة.
هذا الهجوم على قاعدة زيكيم العسكرية وما يصاحبه من دحض وإنكار من قبل قوات الاحتلال ليس الأول من نوعه، فقد سبقته اختراقات أخرى، لعل أهمها كان الاختراق الأول عام 2014. ففي حرب العصف المأكول عام 2014، هاجمت مجموعة كوماندوز بحرية (الضفادع البشرية) قاعدة زيكيم العسكرية، وبعد غوصٍ عدة ساعات وصلت المجموعة البحرية إلى القاعدة.
ووفقاً لتقارير حينها، تطلب التحضير للعملية وقتاً طويلاً وتدريباً شاقاً للتسلل والتحرك لمسافة طويلة في أعماق البحر للوصول إلى عمق العدو وبلوغ الهدف. ونُفذت العملية على مرحلتين: المرحلة الأولى استطلاع للموقع، نفذه أحد أعضاء الكوماندوز، أمضى في المنطقة عدة ساعات، عاد بعدها إلى قواعده بسلام يحمل معلومات مفصَّلة عن الموقع وتفاصيله.
في المرحلة الثانية انطلقت بعدها الوحدة المكلفة بتنفيذ الهجوم، اجتازوا مسافة طويلة من السباحة والغطس وعبروا الحدود البحرية مع العدو، ثم انقسموا إلى مجموعتين، قامت المجموعة الأولى بالإبحار إلى شاطئ العدو وتقدمت باتجاه موقع القيادة والسيطرة البحرية الإسرائيلية، واشتبكت مع العدو داخل هذا الموقع وحققت إصابات مباشرة في جنوده. وبعد 45 دقيقة انضمت المجموعة الثانية إلى المجموعة الأولى في قاعدة القيادة والسيطرة، ثم قام المجاهدون بالاتصال بقيادتهم الميدانية وأعلموهم أنهم داخل الموقع. عاجلت بعد ذلك المجموعتان بالهجوم على قاعدة زيكيم والاشتباك مع العدو بشكل مباشر. وفي هذه اللحظات وبالتنسيق مع مدفعية المقاومة، قصفت المدفعية قاعدة زيكيم بقذائف الهاون وصواريخ 107.
كانت هذه العملية الضربة الأولى من نوعها في تاريخ دولة الاحتلال، ووصفها المحللون العسكريون بأنها خطيرة ومعقدة جداً، وهي إحدى المفاجآت التي وعدت بها كتائب القسام. وقد تسببت العملية في صدمة كبيرة ومؤلمة للاحتلال وكبدته خسائر كبيرة ما يزال يحاول إخفاءها، خاصةً أنها تمت بعد يوم واحد فقط من بدء الحرب على غزة في 9 يوليو/تموز 2014.
وكعادة الاحتلال، نشر بعد العملية مباشرة مقاطع فيديو تُظهر جنوده وطائراته وهم يستهدفون قوة الكوماندوز القسامي، وروجوا أن الاستهداف حدث أثناء وجود المجموعة على الساحل قبل أن يبادروا بأي عمل عسكري أو إطلاق نار.
ولكن وبعد الحرب، وبعد اختراقات حواسيب عسكرية للاحتلال، حصلت المقاومة على فيديوهات تبين أفراد الكوماندوز وهم يطلقون النار بشجاعة على جنود الاحتلال بأسلحتهم الخفيفة ويواجهون آليات العدو دون خوف أو جزع. وظهر في أحدها أحد أفراد المجموعة يركض خلف دبابة ويلصق فيها قنبلة انفجرت وتسببت بدمار وخراب كبير فيها.
الفيديو المسرّب للعملية، والمُصور بكاميرات الاحتلال، كذَّب رواية الاحتلال وفضح خداعهم، خاصة حين أظهر الفيديو المجاهدين الأربعة وهم ينسحبون بعد إنجاز مهمتهم بنجاح باتجاه البحر، قبل أن يرتقوا شهداء بالقصف.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.