دعا السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام للقسوة والعنف ضد غزة قائلاً:
سوّوها بالأرض
تصريح شديد الوقاحة والعنجهية يكشف عما يكنه الكثير من السياسيين الغربيين في صدورهم من عداء شديد للعرب، ودعوة نراها واضحة لتنفيذ سياسة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد أهل غزة، والاستمرار في سياسة القضاء على القضية الفلسطينية ومحوها تماماً، وتنفيذ أجندتهم في الاستيلاء، واحتلال جميع الأراضي الفلسطينية، وعليه الهيمنة التامة على المنطقة وما بها من ثروات.
فيما تصبّ طائرات إف-16 قنابل الفوسفور على المباني السكنية في غزة، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، دعمها الكامل وغير المشروط لإسرائيل، هذا بجانب التجييش الإعلامي للعمل على التعبئة النفسية والمعنوية لشعوبهم وتأجيج مشاعر الكراهية والعداء في صدورهم، ليكون غطاء لهم ومبرراً لاستخدامهم القوة المفرطة ضد الفلسطينيين، وإعمال القتل فيهم دون تفرقة إذا كانوا أطفالاً أو نساءً أو شيوخاً، وتدمير أحياء بالكامل وتسويتها بالأرض وتطبيق سياسة الأرض المحروقة، ليمكنهم كجنود احتلال استعماري الاستيلاء على المنطقة الشمالية بالكامل.
قاموا بالتعبئة النفسية لشعوبهم عندما حاولوا دعشنة حماس، مدعين كذباً وبهتاناً، بأن الفرق المهاجمة من غزة، قامت بقتل الأطفال في المستعمرات في غلاف غزة وقطع رؤوسهم. رغم أنهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا تقديم دليل واحد يثبت ذلك، ولكن الكذب عادتهم وليس بجديد عليهم.
فقد قاموا باستغلال حادث 11 سبتمبر الإرهابي لتنفيذ عقاب جماعي، مهاجمين به أفغانستان بجيوشهم وأسلحتهم، ودمروها بالكامل، وقتلوا الآلاف، معظمهم من الأطفال والنساء الأبرياء، وهجروا الملايين من منازلهم. بالرغم من أنه، وحسب القانون الدولي، يتعين البحث عن الفاعلين الحقيقيين وإنزال العقاب عليهم، تجنباً لقتل المدنيين الأبرياء العزل وحفاظاً على حقهم في الحياة والعيش بسلام في أوطانهم؛ مخالفين بذلك كل الأعراف الدولية والإنسانية، مدمرين دولة بأكملها، مشردين مواطنيها.
ثم قاموا بمهاجمة العراق بقوات التحالف بحجة امتلاك بغداد أسلحة الدمار الشامل، والتي اتضح بعدها أنها كانت أكذوبة كبيرة، لعدم استطاعتهم العثور على دليل واحد يثبت ادعاءهم هذا. ولكن بعد ماذا؟! بعد أن دمروا مدنها وقراها وقتلوا الآلاف من العراقيين، أغلبهم نساء وأطفال، وشردوا الملايين من العراقيين، وأعدموا زعيماً عربياً لم يكن هو الديكتاتور الوحيد في المنطقة، مما كان له من حدث مهين للعرب أخلاقياً، مُذل لكرامتهم، أن يُعدم رئيس عربي على أيدي قوات الاحتلال فجر يوم عيد الأضحى. وكانت عنوان البداية للانبطاح والتبعية المطلقة للقوى الاستعمارية الكبرى في المنطقة، وعم الإذلال شعوبها، وتمت السيطرة على آبار البترول واستنزاف مواردها وثرواتها.
نعم، ليس جديداً إخضاع المنطقة وبكل ما فيها من ثروات ومواد خام، وما عليها من بشر وممتلكات لمصلحتهم. واليوم عن طريق إسرائيل، وبدعم كامل عسكري وسياسي وإعلامي، يسعون بجد لاستمرار النهب، بل وجعل الإخضاع عرفاً وأمراً مستساغاً، دون أدنى اعتبار للبشر ودمائهم.
أقولها بصراحة، الفلسطينيون، جميعاً وقود لهذه الحرب، وأجسادهم وجثامينهم، هي جسور يمرون عليها بأحذيتهم وأسلحتهم لتنفيذ أغراضهم ومطامعهم الاستعمارية من أجل الهيمنة على العالم وعلى ثرواته، وضمان رواج تجارة السلاح.
إنها الإمبريالية والرأسمالية العالمية التي تجيش الجيوش من أجل تنفيذ سياساتها وتحقيق أغراضها الاستعمارية، بينما تشيطن الشعوب التي ترفض أي نوع من أنواع الاحتلال، وتعمل على تصنيف كل من يعترض توجهاتهم العدوانية الاستعمارية، رافضاً الاحتلال، مطالباً بالحرية والعيش بإرادة وكرامة في بلاده، محاولاً الذود عن وطنه بـ"الإرهابي".
ما يحدث الآن في المنطقة، والهجوم الشرس المدمر على غزة وعلى سكانها، وقتل المئات من المدنيين العزل، معظمهم من الأطفال والنساء، وإصابة الآلاف، هي جرائم حرب يقترفونها، وإبادة عرقية ينتهجونها. ويعبر عن مشاريعهم، ورؤيتهم الاستعمارية، ويعكس فحوى ما يكنونه لنا من استعلاء واستغلال يعبر عن مطامعهم الاستعمارية في بلادنا.
وهذا ليس بالجديد، فعلى مر التاريخ كانت هذه نظرتهم لبلادنا، فرأينا ذلك في الجزائر، حيث قتل أكثر من مليون جزائري على يد الاحتلال الفرنسي آنذاك. وفي مصر كان الاحتلال الفرنسي والإنجليزي وتنفيذ مذابح وتجريف ثروات البلاد، ولا داعي لقراءة التاريخ لنثبت ذلك، يكفي أن نلقي نظرة على الآثار الفرعونية المصرية المنهوبة، والتي ملئت بها متاحفهم. بينما العراق وسوريا ولبنان، فلا نحتاج لتمحيص في التاريخ لفهم واقع نشهده الآن، ناهيك عن العمل على زرع القلائل ونشر الفوضى في العالم العربي، وإذا أردت أن أسرد أكثر فلن يسعفني عمري.
إن مشروع إسرائيل، كان وما زال مشروعاً يقوم على حساب الدولة الفلسطينية، يكون بمثابة مرسى ومعبر لهم وقاعدة عسكرية كبيرة في الشرق الأوسط، يخدمون من خلالها مطامعهم الاستعمارية والهيمنة على ثروات ومقدرات المنطقة، ونزع إرادة العرب بالكامل، وتحقق لهم قوة الردع والانتشار السريع، منطلقين من قلب الكرة الأرضية، متجهين شرقاً وغرباً.
إن القوى الغربية الاستعمارية حقاً، لا تنظر لنا على أننا بشر مثلهم، لنا حق الحياة والعيش في حرية وسلام، بل بمنظار الغطرسة والتعالي علينا، يروننا طبقة دونية لا ترقى إلى مستوى البشر. لذا فهم يمارسون علينا سياسة الأرض المحروقة بتدمير المنطقة وقتل الآلاف وتشريد الملايين من أوطانهم، بدءاً بفلسطين مارين بالعراق شاملة ومعظم دول الشرق الأوسط، إن لم يكن بالحروب المباشرة، فباللإخضاع عن طريق وضع ودعم حكام يستبدون بالشعوب العربية ومتماهين مع سياستهم.
إن إسرائيل بالدعم الغربي غير المشروط الذي تتلقاه هي الوجه الأقبح للاستعمار والعنصرية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.