بشاعة الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة تزداد كل ساعة، حيث يتم تدمير بيوت المدنيين على رؤوس ساكنيها دون إنذار إخلاء مسبق من أجل الضغط على السكان للخروج من غزة نحو سيناء كما تخطط إسرائيل وداعموها، وهذا الإجرام يتم في وضح النهار وعلى مرمى ومسمع الجميع وسط صمت دولي مخزٍ مطبق يكتفي بتصريحات على استحياء دون أي ردة فعل على أرض الواقع، بل إن وسائل الإعلام الغربية تشارك في الحرب على الفلسطينيين من خلال تزوير الحقائق، كما حصل من محطة الـCNN وصحيفة التايمز البريطانية.
وتأتي تصريحات الاحتلال الإسرائيلي بكافة مكوناته مليئة بالعنصرية والفاشية التي لا تفرق بين مدني وغيره، فالغاية عندهم تبرر وسائلهم الإرهابية في تنفيذ استعمارهم، ففاقت بشاعة جرائمهم حدود الوصف، ومن جراء ذلك أصبحت المنطقة على حافة الصراع، فبالنظر إلى تسارع العنف الإسرائيلي ربما يتسع العنف ليصبح حرباً إقليمية بدخول حزب الله في المواجهة، إذ أرى أنه أصبح قاب قوسين أو أدنى، إلا إذا أتت التصريحات السياسية بثمارها؛ حيث بدأ الضغط يزداد على الاحتلال ومن خلفه أمريكا.
بدأت حرب التصريحات تتطور، وما صدر عن وزير خارجية إيران قد يتطور على الأرض؛ حيث يمكن أن نشهد في الأيام القادمة تغييراً في التفاصيل بحيث تتطور هذه الحرب؛ لأنها تؤثر بنتائجها على جميع بلدان المنطقة، حيث إن انتصرت إسرائيل في الحرب وتمكنت من تحييد المقاومة، سيؤدي ذلك إلى خطورة شديدة على الجميع وأولاها الدول المطبّعة قبل العدوة.
المقاومة الفلسطينية هي آخر القلاع التي تمنع توغل إسرائيل في جسد المنطقة، وترك المقاومة وحدها في هذه الحرب لن يكون قراراً حكيماً من الدول العربية ولا إيران، خصوصاً حزب الله ودول التطبيع، حيث إن جميع المؤشرات توضح أنها حرب طويلة الأمد ستكون لها تداعيات إقليمية مؤثرة على جميع دول المنطقة، وخصوصاً دول الجوار لفلسطين، حيث إن تهجير الفلسطينيين ستكون له عواقب كبيرة.
إن معركة "طوفان الأقصى" هي معركة الحق والباطل، وما قتل الأطفال والنساء وهدم البيوت إلا جزء من أيديولوجية الاستعمار الإحلالي لأرض فلسطين، ولأن نتائج السابع من أكتوبر لم يواجهها الاحتلال منذ نشأته، فإن بطش قواته بلغ منتهاه ليس لقتل الإنسان فحسب، بل يسعى لقتل الروح المعنوية عند الجميع، الجميع بلا استثناء، ليتمكن من التفرد بما يريد لاحقاً، ولكني أؤمن بأن العالم ليس غابة حيوانات قوانينها يفرضها القوي وينصاع لها الضعيف، بدليل ما فعلته المقاومة في السابع من أكتوبر من نصر عسكري لا يمكن توقعه من النواحي العسكرية من تنظيم محاصر منذ عقدين تقريباً في مواجهة كل قوى الشر والاستعمار في الأرض، وإيماننا بوجود رب الكون يؤكد لنا أنه في يوم من أيام الله تعالى في الأرض الذي بقدرته ينتصر الحق على الباطل، بغض النظر عن العدد والعتاد وفي التاريخ العديد من الشواهد على ذلك.
وبالعودة لقراءة تصريحات وزير خارجية إيران، فأراها تأتي كأول تصريحات فيها تهديد عسكري للاحتلال لتوسيع نطاق الحرب ليشمل الجبهة الشمالية على الأقل؛ حيث يتمركز حزب الله، وقد تأتي هذه التصريحات بالحد الأدنى من قيمتها، من حيث التأثير على إسرائيل، والذي رد مباشرة بأنه ليس له مصلحة في الحرب على الجبهة الشمالية، وهي تصريحات قد تكون حقيقتها عكس ظاهرها تماماً، فحزب الله عدو حقيقي للاحتلال، والذي يجد الأخير مصلحة استراتيجية خلال هذه الحرب في القضاء على وجوده، واستغلال هذا التأييد الغربي غير المسبوق في دعم غطرسته وإجرامه.
والتصريحات ليست منفصلة عن الواقع في أرض المعركة، إذ يمكن قراءة أن الجبهة العربية لا تقف مع إسرائيل والتوجهات الغربية، حيث وصفت صحيفة New York Times الأمريكية الرحلة التي أجراها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى الشرق الأوسط بأنها "فوضوية"، إلا أن بلينكن لم ينجح حتى الآن في تحقيق أحد أهدافه، وهو تأمين المرور للمواطنين الأمريكيين من غزة إلى مصر عبر معبر حدودي.
إن تطور الأحداث هو نتيجة حتمية لسوء إدارة أمريكا للموقف؛ حيث أطلقت يدي صنيعتها إسرائيل في قتل الأطفال والنساء كوسيلة ضغط بعد فشلها في مواجهة مقاتلي المقاومة.
لم يهِب الاحتلال الإسرائيلي الحياة للفلسطينيين؛ لكي يسلبها منهم، كما يحدث على الملأ، ولن يستسلم الفلسطيني المدافع عن وطنه منذ 75 عاماً، وقد تنتهي هذه الحرب بنصر للمقاومة أو حتى الخسارة، لا قدر الله، ولكن لن تكون نهاية الحرب إلا بشيء واحد هو دحر الاحتلال، فالأجيال الفلسطينية تزداد شراسة، وما فعله رجال المقاومة لم نكن نتصور حدوثه قبل 20 عاماً.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.