عملية طوفان الأقصى وتغيير خريطة الشرق الأوسط

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/14 الساعة 08:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/14 الساعة 08:38 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/رويترز

لا تزال تبعات ضربة حماس الاستباقية تشكل حدثاً مهماً للغاية، من حيث التكتيك والتنفيذ والآثار التي ترتبت عليه. 
حيث إن نجاح الحركة في تنفيذ هجوم استباقي من 22 نقطة مختلفة، وفي توقيت واحد متزامن ومتداخل؛ ثم اختراق الجدار الأمني الصلب وفتح 7 ثغرات، ثم هزيمة أنظمة المراقبة الأعلى تكنولوجياً في العالم بتحركات عبر وسائل بدائية كما وصفها بعض المحللين السياسيين: "لقد هزمت البدائية التكنولوجيا الأكثر دقة وتطوراً"، والأكثر إيلاماً وصداعاً للبيت الأبيض والبنتاغون وتل أبيب هو عودة الفدائيين من نفس أماكن الهجوم بغنائم كثيرة ومكاسب جليلة أدهشت الجميع وحققت نجاحات كبيرة.

قطاع غزة يمثل حالة إنسانية متأزمة على مدى 17 عاماً كاملة من الحصار اللاإنساني لسكان القطاع، وتحويله إلى سجن كبير دون تحرك من المجتمع الدولي. 

وإن من أهم أدوار المقاومة، صناعة واقع جديد على الأرض من أجل تحريك المياه الراكدة وإعادة طرح القضية دولياً وإقليمياً، ورغم أن الظرف السياسي الذي يحيط بالمقاومة غير مناسب مطلقاً، من حيث انبطاح كامل للأنظمة العربية، الرؤساء والملوك الذين كشفتهم الحرب في غزة، بالرغم من ذلك فإن المقاومة قد اتخذت قرارها في ذلك المحيط البائس للغاية، ولعل تلك الظروف السياسية قد تكون من ركائز الخديعة التي أذهلت العالم ولم يتوقعها أحد!

لقد ارتبطت القضية الفلسطينية ارتباطاً وثيقاً بالأمة العربية والإسلامية، وتتأثر إيجاباً وسلباً بالظروف السياسية للدول العربية، وخصوصاً دول الطوق المحيطة بالكيان المحتل، مثل سوريا ولبنان والأردن ومصر.

عندما قامت ثورات الربيع العربي تنفست القضية الفلسطينية الصعداء، وباتت قاب قوسين أو أدنى من قرب انتهاء الأزمة الفلسطينية، أو على الأقل تحريك الملف الفلسطيني تحريكاً إيجابياً يعيد الحقوق والحريات والأمن للشعب الفلسطيني. 

الانتكاسة التي حدثت للربيع العربي أدت إلى انتكاسة موازية للقضية الفلسطينية، وزادت معها اعتداءات جيش المحتل على القدس وغزة، وتفجرت الأزمة بالاعتداء على حي الشيخ جراح والتوسعات الاستيطانية والاعتداءات المتكررة حول القدس الشريف؛ بل لم تسلم الكنيسة من اعتداءات إسرائيل!

كل تلك الأوضاع المتشابكة والمتناقضة أحدثت حالة من الاضطراب والسخط والتململ واستحالة التعايش مع الأمر الواقع!

استعدت المقاومة لساعة الحسم واتخاذ القرار الصحيح في توقيت حرج وظروف تستدعي معها أن تكون المقاومة مستعدة لكل الخيارات وتوقع حدوث كل السيناريوهات، وإلا يعد هذا القرار من باب الانتحار السياسي وتضييع القضية برمتها!

أعتقد أن المشهد السياسي الإقليمي لا يمكن أن يكون غائباً لدى قيادة المقاومة عندما كانت تستعد وتُعد لتلك الضربة؛ حيث إنها تدرك من سيكون في طرف المقاومة، ومن سيكون على الحياد، ومن سيكون خنجراً في خاصرتها.
تكشفت الأمور رويداً رويداً على الساحة السياسية، وتتابعت ردود الأفعال واتضحت أشكال الدعم والمساندة، وكذلك الخذلان والخيانة!

عندما قامت أمريكا بغزو العراق واستعدت لمعركة تدميرها صرح الرئيس بوش الابن أن تلك الحرب هي بداية الحروب الصليبية في المنطقة، ولكن سرعان ما أدرك خطورة ذلك التصريح ومدى تأثيره على المصالح الأمريكية وردود الفعل في العالم الإسلامي؛ لذا سرعان ما تم التنصل من ذلك التصريح، واعتبروه ذلة لسان.

واليوم، وأثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى الكيان المحتل صرح بأنه ليس مجرد وزير للخارجية فحسب، بل إنه أيضاً يهودي ويدعم حق إسرائيل كاملاً في الدفاع عن نفسها! استدعاء الإشارات الدينية من القيادة الأمريكية في كل مناسبة مواجهة في منطقة الشرق الأوسط، فيه دلالة كبيرة على طبيعة وأسباب الحروب والمواجهات في تلك المنطقة بالذات!

وفي تفصيل قادم في مقال قادم سوف نتعرض بالتحليل للأزمة من تلك الزاوية.

إننا أمام مشهد جديد ومختلف سوف تتغير من بعده خريطة المنطقة؛ وإذا كان بنيامين نتنياهو يؤكد ذلك ويعيد تكراره من وجهة نظره وتخطيطه، فإننا نلتقط منه نفس التصريح ونؤكد أنه سيكون هناك تغيير كامل للمنطقة وليس في اتجاه ما يتم ترتيبه الآن للمنطقة.

وللقصة بقية

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد هلال
حقوقي وكاتب مصري
حقوقي وكاتب مصري
تحميل المزيد