سكان الأرض يقلّون.. لماذا انخفضت معدلات الخصوبة حتى في العالم العربي؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/06 الساعة 11:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/07 الساعة 10:11 بتوقيت غرينتش


معدل الخصوبة (fertility rate) هو  متوسط عدد المواليد الأحياء في فترة معينة لكل ألف امرأة في سن الإنجاب (15 إلى 49 سنة) من مجموع السكان في منتصف السنة. وهو مؤشر مهم للسياسيين ولغيرهم، لأنه يدلنا على عدد السكان المتوقع إذا ما تمت مقارنته بمستوى الإحلال (replacement level) ومستوى الإحلال هو معدل الخصوبة الذي يمكن المحافظة به على عدد السكان. فإذا كان معدل الخصوبة أعلى من مستوى الإحلال، فإن عدد السكان يُتوقع أن يزيد، وإذا كان العكس فإن عدد السكان سوف يتناقص، إلا إذا تم تعديله بقبول مهاجرين.

معدل الخصوبة في تناقص منذ بداية ستينيات القرن الماضي، وهو مقترن بتحسن المستوى الاقتصادي للمرأة، وزيادة نسبة النساء العاملات، وارتفاع المستوى العلمي للإناث، ولذا فإن الانخفاض ملموس في الدول المتقدمة وبعض الدول النامية التي تتزايد فيها معدلات التنمية، بينما تتزايد معدلات الخصوبة في الدول الأقل نمواً، وهي الدول التي لم تشهد ارتفاعاًً مؤثراً في مستوى المعيشة ومما زالت معدلات وفيات حديثي الولادة فيها مرتفعة. ولكن بشكل عام،، فإن معدل الخصوبة العالمي في تناقص، وفي السنوات الثلاث الماضية انخفض معدل الخصوبة العالمي في كل سنة عن السنة التي سبقتها بنسبة 0.41%، وفي ظل استمرار هذا التناقص، فإنه يتوقع أن يصبح معدل الخصوبة أقل من مستوى الإحلال في النصف الثاني من هذا القرن، ويعني هذا نقصاً في عدد السكان في العالم.

لكن نقص عدد السكان لا يظهر بمجرد الإخلال بالتوازن بين معدل الخصوبة ومستوى الإحلال بل يحتاج إلى سنوات، وذلك بسبب ارتفاع سن الوفيات  ومعدلات الهجرة، في المملكة المتحدة مثلاً بدأ معدل الخصوبة ينخفض عن معدل الإحلال منذ عام ١٩٥١م، ولكن لم يظهر النقص في عدد السكان الكلي حتى الآن ولكن معدل الزيادة هو الذي يتناقص. ويشبه حال المملكة المتحدة حال كندا، والعاملان الرئيسيان وراء هذه المعدلات هما ارتفاع سن الزواج وارتفاع السن التي تنجب فيها المرأة، مما يؤدي إلى بقاء عدد متكاثر من النساء اللواتي يتجاوزن سن الخمسين دونما إنجاب، ولا يعوض ذلك استمرار وجود نسبة من الأطفال لأمهات لم يسبق لهن الزواج.

معدلات الخصوبة

متابعة مؤشرات الخصوبة ومستوى الإحلال أمر مهم، فقد تؤثر سلباً على الاقتصاد، رغم أن البعض يرى أن فيها تعديلاً لتوابع إحلال الآلة والذكاء الاصطناعي مكان الجهد الجسدي الذي يقلل من الحاجة لليد العاملة.

الدول العربية لا تختلف عن غيرها في العالم، فحسب تقارير البنك الدولي، بلغ معدل الخصوبة في السعودية عام 1960 نسبة 7.2، ولكنه انخفض إلى 2.4 عام 2020، أي أنه نقص إلى ثلث ما كان عليه خلال ستين عاماً.
ويمكن تصور ما سيؤدي إليه ذلك في المستقبل من شكل سكاني واقتصادي مختلف للحياة.

أما بالنسبة لمصر، فقد انخفض معدل الخصوبة من 6.7 عام 1960 إلى 2.9 عام 2020، ومن مقارنة السعودية بمصر، فإن الأمر يبدو مرغوباً في مصر التي تعاني من عجز في استيعاب القوى العاملة بحجمها الحالي، بينما لا يبدو ذلك مرغوباً في السعودية التي تخطط لمستقبل قد تحتاج فيه إلى مزيد من القوة العاملة.

غني عن القول إن معدل الخصوبة يقرره الأفراد لا الدول، وإن العوامل التي يبنى عليها قرار الإنجاب عند الأفراد قد لا يتوافق مع سياسات دولهم، اللهم إلا إن قامت الدول ببعض الإجراءات، كصرف مساعدات مالية للحامل وللأطفال حديثي الولادة، وزيادة مدد إجازات الولادة وأشباهها، ولكن بعض المجتمعات التي قررت ذلك مثل السويد لم تحقق الغاية المطلوبة بعد، ولعل المشيئة الربانية هنا تهدف إلى تمكين المهاجرين من الدول الفقيرة في أفريقيا للحياة الكريمة في الدول الأوروبية التي بنت نفسها على استنزاف ثروات بلادهم، ولله في خلقه شؤون.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

صالح الشحري
طبيب فلسطيني
طبيب فلسطيني واستشاري أمراض نساء و توليد. مهتم بالشأن الثقفي وقضايا المجتمع وسبق أن كتبت عدة مقالات في موقع huffpost النسخة العربية.
تحميل المزيد