تشهد مصر أعداداً مقلقة من حالات الطلاق، ففي عام 2022 أعلن مركز الإحصاء المصري أن هناك أكثر من 270 ألف حالة طلاق، مقارنةً بنحو 255 ألف حالة عام 2021، وهذا الرقم يعكس واقعاً مؤسفاً يدفع للتفكير في أسباب هذا الارتفاع.
تعود هذه الظاهرة إلى أسباب متعددة تجمع بين ثقافة المجتمع والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية، إلا أن الأمر الذي يثير القلق هو تأثير المقالات غير الموثوقة والآراء الشخصية في تكوين صورة غير دقيقة حول العلاقات الزوجية ومعالجة مشاكلها.
ما هو الزواج؟
الزواج هو اتحاد قانوني واجتماعي بين شخصين، يُعترف به رسمياً من قِبل الدولة أو السلطة المختصة، ويعتبر الزواج في معظم المجتمعات عقداً اجتماعياً وقانونياً يحمل حقوقاً وواجبات للزوجين.
للزواج أسباب عديدة منها: تأسيس الأسرة، فالزواج يعتبر حجر الأساس لتأسيس الجيل المستقبلي، ويصنع الاستقرار في المجتمع، غير أنه يحمي المرأة والطفل، ويضمن حقوقهما، ويقي المرأة من استغلال الرجال لها. فالزواج يُسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي من خلال توفير بيئة آمنه ومستقرة، ويحافظ على قيم وتقاليد المجتمعات.
الزواج يعتبر مقدساً ومنصوصاً عليه في النصوص الدينيه، ولذلك يتم تشريعه طبقاً للمبادئ والقوانين الدينيه، وهو بشكل عام يهدف إلى تحقيق التوازن في المجتمع، لذلك إذا رأينا خللاً في هذه العلاقة فمن الواجب علينا إظهار هذا الخلل ومعالجته.
ماذا تصنع الأفكار المنقولة من المصادر غير الموثوقة؟
من المؤلم أن يتم نقل آراء شخصية من مصادر غير موثوقة، ودون تحقق، ما يؤدي إلى نشر أفكار خاطئة ومعلومات غير دقيقة، فالتصرفات السريعة في نشر المقالات التي تعبر عن وجهات نظر شخصية، دون دراسة دقيقة لمضمونها، تضر بالمجتمع وتُسهم في نشر تصورات مشوهة حول مفاهيم دينية واجتماعية مهمة.
مؤخراً، اطَّلعت على منشور تناول موضوع الصبر في الحياة الزوجية، وحاول هذا المنشور تحديد حالات معينة، يجب على الزوجات فيها أن يصبرن ويتحملن، وحالات أخرى لا يصبرن فيها.
هذا النهج يتناقض مع قيم المجتمع العربي ومفاهيم الأديان السماويه، التي شجَّعت على الصبر والتسامح والتعاون بين الزوجين في كل الظروف. ولو رجعنا إلى الماضي قليلاً سنرى كيف صبرت آسية على فرعون، وكيف كان صبر لوط على زوجته، لَعلمنا أن الصبر ليس له محددات ولا أوقات، الصبر هو الصبر، إذا استطعت أن تصبر فإنه من جود الخلق. لكننا نرى في الوقت الحاضر أن الأفكار الخاطئة والمعلومات غير الصحيحة تسبب تحطيماً وتشويهاً للمجتمع، لذلك ينبغي على الناس أن يأخذوا بأهمية التوجه إلى مصادر موثوقة ومعترف بها عند البحث عن المعلومات وعند نقل الآراء والمعتقدات. هذا يجعل مهمة التصفية والتحقق أمراً أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ لذلك يجب أن يكون لدينا وعي تجاه المعلومات التي نستمع إليها وننشرها، ونكون مسؤولين في نقل المعلومات الدقيقة والموثوقة.
من الواجب علينا أن يعمل المجتمع بجهد للتصدي لانتشار المعلومات الخاطئة والآراء الشخصية غير المبنية على أسس صحيحة، والتي تهدم قيم المجتمعات وثقافتها. ويجب أن نتذكر دائماً أن احترام الحقائق، والبحث عن المعرفة الصحيحة هما الطريق لتحقيق الإصلاح. الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أدوات تقنية قوية تؤثر على الثقافة والسلوك الاجتماعي، قد يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على زيادة حالات الطلاق في المجتمع، لأن وسائل التواصل الاجتماعي تتيح التواصل والتفاعل بسهولة مع عدد كبير من الأشخاص، وهذا قد يؤدي إلى تكوين علاقات سطحية أكثر من العلاقات العميقة والمستدامة.
هذا التطور قد يؤثر على العلاقات الزوجية بشكل سلبي، حيث يُمكن للأفراد أن يجدوا تقديراً أقل لقيمة الالتزام والتفاهم في العلاقة، والأخطر أن وسائل التواصل تعرض صوراً مثالية للحياة الزوجية والعائلية، وهذا قد يخلق توقعات غير واقعية للأفراد، يُمكن أن يؤدي هذا إلى الشعور بعدم الرضا عن حالتهم الزوجية الحالية وزيادة احتمالية الانفصال.
قد تتسبب التكنولوجيا في انقطاع التواصل الحقيقي والمباشر بين الأزواج، حيث يمكن أن يقضي الأفراد ساعات طويلة مع وسائل التواصل على حساب التفاعل والحوار. هذا قد يؤثر على فهم الزوجين لاحتياجات بعضهما البعض.
غير أن وسائل التواصل قد تؤدي إلى زيادة الشكوك والغيرة بين الأزواج، حيث يمكن للشريك أن يرى تفاعلات الآخرين مع شريكه على وسائل التواصل، ويشعر بعدم الأمان.
مع ذلك، يجب أن نلاحظ أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي يختلف من شخص لآخر، ويعتمد على الاستخدام الفعلي والثقافة الاجتماعية، لذلك لا نستطيع الجزم بأن وسائل التواصل هي العامل الوحيد وراء زيادة حالات الطلاق، ولكنها قد تكون عاملاً مساهماً بجانب عوامل أخرى مثل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
لكنني سأترك لكم إحصائية صادرة عن جهاز التعبئة والإحصاء المصري:
شهدت مصر أكثر من 75 ألف حالة طلاق خلال عامي 2006-2007، من بينها 45 ألف حالة طلاق بسبب الإنترنت والخيانة الزوجية، أما في عام 2022 فالعدد أصبح 270 ألفاً.
التعليق لكم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.