إذا كنت تعيش في ألمانيا سواء أكنت عازباً أم متزوجاً، لديك أطفال أم لا، أتيت لألمانيا من أجل الدراسة أو العمل أو البحث عن الأمن والحماية، فهناك العديد من الميزات والحقوق التي يضمنها لك القانون الألماني، والتي قد لا يعلمها كثير من المهاجرين والوافدين. في هذا المقال أقدم لك عزيزي القارئ بعضاً من هذه المزايا التي يكفلها القانون الألماني لكل من يعيش على الأراضي الألمانية.
النقطة المهمة التي تجدر الإشارة إليها، والتي دائماً ما تكررها مراكز التوعية والمنظمات والسلطات التي تقوم بدعم ومساعدة المواطنين والمقيمين، هي أن المزايا والخدمات التي يوفرها النظام والقانون الألماني لا تُعطى بشكل تلقائي، بل تُمنح لمن يطلبها (في العادة عبر المكتب المختص، وعن طريق تعبئة استمارات معينة)، لذلك من المهم جداً أن يتعرف المرء على هذه المزايا كي يتمكن من المطالبة بها.
الدراسة والتدريب المهني
التعليم في ألمانيا إلزامي لتسع سنوات على الأقل، والمدارس العامة مجانية، وتقدم المدارس وجبات طعام مجانية لجميع الطلاب، تُراعى فيها الخلفيات الدينية أو الثقافية لهم. ولكل ولاية فيدرالية ألمانية نظام التعليم المدرسي الخاص بها والمختلف عن بقية الولايات. هناك أيضاً مدارس مخصصة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، كذلك الأطفال الذين يعانون من مشاكل أو صعوبات معينة، يمكن أن يتم تعيين أخصائي خاص يقوم بمرافقتهم ودعمهم أثناء ذهابهم إلى المدارس العامة.
بعد المدرسة يمكن الاختيار بين مواصلة التعليم في إحدى الجامعات أو الانخراط في تدريب مهني، بالنسبة للتعليم الجامعي فمعظم الجامعات الحكومية في ألمانيا لا تتقاضى أي رسوم مقابل التعليم، لكن يتعين على الطلاب دفع بعض الرسوم من أجل الكتب والمعيشة. بالنسبة للطلاب الذين لا يعملون ويرغبون بمواصلة الدراسة الجامعية، هناك تمويل حكومي فيدرالي يمكن للطلاب الحصول عليه من الدولة، وهو بمثابة معونة مالية شهرية على شكل قرض مالي، تساعد الطلاب في تأمين معيشتهم واحتياجاتهم اليومية. وهذا القرض يمكن سداده لاحقاً بعد خمس سنوات من انتهاء فترة الدراسة وبالتقسيط المريح (يمكن أن تصل فترة السداد إلى ثلاثين عاماً)، وفي حالات معينة يمكن الحصول على تخفيض للقرض أو حتى إلغاؤه.
بالنسبة للتدريب المهني فهناك العديد من المبادرات والمنظمات التي تقدم الدعم للمهاجرين والوافدين، من أجل مساعدتهم في الوصول إلى برامج التدريب المهني المناسبة لهم، وهذه المنظمات منتشرة وموجودة في معظم المدن والبلديات.
الصحة
الفحوصات الوقائية مهمة جداً لصحة الإنسان، فهناك العديد من الأمراض التي يمكن علاجها في حال تم الكشف عنها بشكل مبكر.
تقدم شركات التأمين الطبية في ألمانيا العديد من الفحوصات الوقائية المجانية لعملائها، تختلف حسب الفئة العمرية والجنس. بالنسبة للأطفال فهناك الفحص العام الذي يتم إجراؤه بشكل سنوي/ دوري منذ ولادة الطفل وحتى يبلغ السادسة عشرة من العمر، وكل هذه الفحوص مجانية. أيضاً كل الأدوية التي يتم صرفها للأطفال تحت سن الثامنة عشرة من قبل الطبيب مجانية، مهما كانت أسعارها، أي أن المرء يقوم فقط بتقديم "روشتة" الطبيب، ويأخذ الدواء من الصيدليات مجاناً. كذلك المرضى المصابون بأمراض مزمنة مثل السكري وضغط الدم، والذين يحتاجون إلى الأدوية بشكل دوري، يتم تخفيف رسوم الأدوية عليهم، وأحياناً يتم إعفاؤهم من دفع هذه الرسوم.
الحمل والولادة
هناك مزايا عديدة للمرأة الحامل في ألمانيا، وذلك أثناء الحمل وبعد الولادة، فمثلاً الرعاية الطبية والمتابعة أثناء الحمل مجانية، وتشمل العديد من الفحوصات والاختبارات المختلفة التي تقوم بها مراكز طبية متخصصة وبشكل منتظم ومحدد. من حق المرأة الحامل أيضاً الحصول على قابلة، وهي أخصائية رعاية صحية متخصصة في رعاية النساء الحوامل والأطفال الرضع. تقوم القابلة بمتابعة تطورات الحمل وتقديم الدعم والمساعدة والإرشاد للحامل منذ بداية الحمل وحتى بعد ولادة الطفل، ويقوم التأمين الصحي بدفع تكاليف هذه الرعاية، وهناك مواقع ومراكز متخصصة تقوم بتقديم خدمة القابلات، ويجب التسجيل عند هذه المراكز منذ الأيام الأولى للحمل.
تتحمل شركات التأمين الصحي أيضاً رسوم الاشتراك في دورات تُعرف بدورة التحضير والاستعداد للولادة، بعض هذه الدورات تخصص للأمهات أو للآباء فقط، وبعضها للاثنين معاً. كما تحصل المرأة الحامل سواء أكانت تعمل أم لا على إعانات مالية خاصة، والأم التي ليس لديها عمل أو دخل تحصل أيضاً على دعم مالي إضافي طوال أشهر الحمل، وكذلك إعانات إضافية لشراء الملابس ومستلزمات الطفل.
أما المرأة العاملة فتحصل بموجب القانون على حقوق وحماية حصرية في الأشهر الأولى للحمل، وهي غير ملزمة بالعمل خلال الأسابيع الستة الأخيرة من الحمل، وهي محمية ضد الفصل من وظيفتها، وإذا كانت تعمل بوظيفة ذات عقد غير محدد المدة، فبإمكانها أخذ ما يُعرف بـ"إجازة أمومة"، وهي إجازة تبدأ من عام ويمكن أن تمتد لثلاثة أعوام، تحصل خلالها الأم على 65% من صافي راتبها، وحين تنتهي إجازة الأمومة التي اختارتها، من حقها أن تعود إلى وظيفتها الأصلية.
بعد ولادة الطفل يكون من حق والديه، سواء أكانا يعملان أم لا، تقديم طلب للحصول على "علاوة الطفل"، وهي عبارة عن مبلغ شهري يخصصه صندوق دعم العائلات لكل طفل يعيش على الأراضي الألمانية، سواء أكان أبواه من الألمان أم من المقيمين والوافدين حتى يبلغ الثامنة عشرة، وهذا المبلغ حالياً حوالي 250 يورو شهرياً، ويختلف المبلغ بحسب عدد الأطفال في كل أسرة.
الرياضة والهوايات
إذا كنت من محبي الرياضة والأنشطة فهناك في ألمانيا فرص عديدة لممارسة العديد من الأنشطة الرياضية، والطريقة الأكثر شيوعاً هي أن ينتسب الشخص إلى نادٍ رياضي مُعين، حيث يمكن ممارسة الرياضة المفضلة مع آخرين، والحصول أيضاً على الدعم والإرشاد، يوجد في ألمانيا ناد رياضي في كل مكان، حتى البلدات والقرى الصغيرة. ومن المهم معرفة أن كثيراً من النوادي تقبل رسوم اشتراك مخفضة، أو حتى رمزية، للأطفال والمراهقين والتلاميذ، وكذلك الأشخاص الذين يحصلون على دعم مالي من أجهزة الدولة المختصة، من أجل تأمين سبل المعيشة.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم بعض شركات التأمين بتحمل جزء من تكاليف الاشتراك في بعض النوادي الرياضية، خاصةً تلك التي تساعد في الحفاظ على الصحة. هناك شركات تأمين طبي تقوم بتحمل تكاليف العديد من الدورات التدريبية المفيدة في مجالات مختلفة للأشخاص المؤمّن عليهم عندها. كل شخص يعيش في ألمانيا لديه بالضرورة تأمين طبي، لذلك من المفيد دائماً سؤال شركة التأمين عن الدعم الذي يمكن أن يحصل عليه الشخص في هذه الحالات، لأن الأمر يختلف من شركة لأخرى.
في الحقيقة إن القوانين والمزايا الاجتماعية في ألمانيا عديدة ومتشعبة، ولا يتسع هذا المقام للحديث عنها باستفاضة، خصوصاً أن هناك أيضاً استثناءات كثيرة تصبّ في صالح المستفيدين من هذه القوانين، فمثلاً مبلغ استحقاق الأطفال الشهري (علاوة الطفل) يحصل عليه كل طفل بحسب القانون حتى يبلغ الثامنة عشرة، لكن هناك استثناءات، ويمكن في بعض الحالات الاستمرار في تسلّم هذه العلاوة حتى يصل الولد إلى عمر الخامسة والعشرين. أيضاً مسألة إجازة الأمومة بعد الولادة، من الممكن أن يقرر الأب والأم أن يأخذا إجازة "والديّة" من أجل البقاء بجانب الأطفال ورعايتهم في سنواتهم الأولى، ويحق لهما معاً تلقي مخصصات مالية معينة طوال هذه المدة. هناك العديد من المنح والمساعدات المالية للطلاب، وهناك دعم ومزايا لمن ينخرط في تدريب مهني، أو يرغب في ممارسة مهن معينة. هناك حزمة من المزايا لذوي الاحتياجات الخاصة، ومَن يقوم برعايتهم من الأهل.
كل هذه الأمور وغيرها يمكن أيضاً الحديث عنها ببعض التفصيل في مقال آخر بإذن الله تعالى.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.