كل عام بنهاية الموسم الكروي تشهد فترة الانتقالات الصيفية حركة تنقلات مثيرة ونشطة للاعبين والمدربين، سعياً من الأندية لتحقيق أهدافها في الموسم الجديد، سواء على المستوى الرياضي أو الاقتصادي والاستثماري، ومعها تنشط الأخبار والانفرادات والحصريات من الإعلام الرياضي للحصول على سبق صحفي وانفراد بخبر تعاقد نادٍ ما مع لاعب أو مدرب ذي اسم وقيمة تسويقية كبيرة.
لكن على غير المعتاد، نرى هدوءاً في القارة العجوز؛ إذ لم نشهد أي انتقالات أو صفقات ممن يطلق عليها مدوية أو صفقات القرن حتى الآن؛ مما يفتح باب التساؤلات والتي ربما تكمن إجابتها في النقاط التالية:
- يرجع السبب الأول ربما إلى حالة الركود المالي والاقتصادي التي يشهدها العالم من بعد جائحة كورونا إلى الآن، ولم تضرب الجائحة اقتصادات الدول فحسب، بل طالت اقتصادات الأندية واستثماراتها. بجانب ذلك، خصصت بعض الأندية كريال مدريد وبرشلونة وليفربول جزءاً من ميزانياتها لتطوير منشآتها ومرافقها مما أثر بالسلب على قدراتها المالية في سوق الانتقالات.
- ثاني الأسباب من وجهة نظري هو اكتفاء بعض الأندية بلاعبيها؛ إذ إن بعض الأندية المستقرة مادياً والتي تملك وفرة في الأموال تمتلك ما تحتاجه من لاعبين أكفاء وصغار السن قادرين على حفاظ استمرار مسيرة الانتصارات، فعلى سبيل المثال نادي مانشستر سيتي بطل الثلاثية (الدوري الإنجليزي– كأس إنجلترا– دوري أبطال أوروبا) لديه عناصر قوة ولاعبون هم الأفضل في مراكزهم عالمياً، وبالتالي سعيه في موسم الانتقالات سيكون في نطاق محدود.
- ثالث الأسباب هو استقرار أبرز النجوم الكبار في أنديتهم مع وضوح نيتهم في عدم المغادرة لأسباب عديدة؛ إذ نرى (محمد صلاح ليفربول– إيرلينغ هالاند في مانشستر سيتي– فينيسيوس جونيور في الريال) ونستثني هنا كيليان إمبابي، لاعب باريس سان جيرمان، الذي تحوم حوله الأخبار والأقاويل عن رغبته في الرحيل عن ناديه. بالإضافة إلى ذلك، يوجد فقر في تواجد مواهب أو أسماء لامعة داخل أندية الوسط تغري أعين أندية القمة وتحرك خزائنها.
لذلك، يمكن القول بأن الميركاتو في أوروبا هذا الصيف يمتاز بالهدوء النسبي، إذ إن أبرز الصفقات التي تمت خلاله هي صفقة الألماني إلكاي جوندوجان من مانشستر سيتي الإنجليزي إلى برشلونة الإسباني، والشاب الإنجليزي جود بيلينجهام إلى ريال مدريد.
أما على صعيد المدربين، فيأتي اسم الإسباني لويس إنريكي مع نادي باريس سان جيرمان كأبرز التعاقدات في ميركاتو المدربين، يليه الفرنسي لويس جارسيا خلفاً لسباليتي في نادي نابولي، والأرجنتيني بوتشيتينو في نادي تشيلسي.
ميركاتو الدوري السعودي أكثر إثارة
أما شرقاً وتحديداً في المملكة العربية السعودية، وعلى غير العادة، يأتي موسم الانتقالات ساخناً ومثيراً للغاية، فبعد الصفقة المدوية لانتقال الأسطورة كريستيانو رونالدو لنادي النصر والتي بلغت قيمتها رقماً فلكياً وصل تقريباً لـ500 مليون يورو ضمن الانتقالات الشتوية الماضية، بالإضافة إلى ضجة الأخبار التي تناولتها محاولات تعاقد نادي الهلال مع بطل العالم ليونيل ميسي، قبل أن يختار الانتقال الى إنتر ميامي الأمريكي، فإننا نجد أنفسنا نشهد إثارة ضمن هذا الميركاتو الصيفي، برحيل بوتقة من اللاعبين المميزين من أوروبا في أوج عطائهم إلى أندية المملكة، ففي الهلال هناك نجد البرتغالي روبن نيفيز قادماً من نادي ولفرهامبتون والسنغالي خاليدو كوليبالي من نادي تشيلسي والصربي سيرغي ميلينكوفيتش-سافيتش من نادي لاتسيو.
أما عن الاتحاد فكان صاحب أقوى الصفقات في هذا الميركاتو بعد ضم الفرنسي كريم بنزيمة أفضل لاعب في العالم وبطل أوروبا مع الريال في 2022 إلى صفوفه، بالإضافة إلى ضم مواطنه نغولو كانتي نجم خط الوسط وبطل العالم عام 2018.
بينما نجح نادي أهلي جدة السعودي في ضم اللاعب البرازيلي روبرتو فيرمينو قادماً من نادي ليفربول، واستطاع أن يعزز صفوفه بالتعاقد مع الحارس السنغالي إدوارد ميندي قادماً أيضاً من الملاعب الإنجليزية لكن هذه المرة من من نادي تشيلسي.
ولم يكتفِ نادي النصر بضم رونالدو، بل جلب وصيف بطل أوروبا الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش من نادي إنتر ميلان الإيطالي؛ ليعزز خط الوسط ويدعم رونالدو، هذا بالإضافة إلى سيكو فوفانا المنتقل من لانس الفرنسي.
أما على صعيد المدربين، فيأتي اسم الإنجليزي ستيفين جيرارد كأبرز أسماء المدربين المنتقلين لدوري روشن السعودي لتولي تدريب نادي الاتفاق؛ ليصبح بذلك رابع أعلى المدربين أجراً فى العالم بمبلغ يصل إلى 17.67 مليون يورو في الموسم.
ويبدو أن الميركاتو السعودي سيزداد سخونة، بجلب المزيد من اللاعبين العالميين من أوروبا؛ إذ سيسعى صندوق الاستثمارات العامة السعودي والذي يدعم بعض الأندية ويقف وراء إتمام هذه الصفقات لتحقيق رؤية السعودية 2030 في القطاع الرياضي، الهادفة إلى بناء قطاع رياضي فعال ومميز.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.