الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
هذه التكبيرات التي تُرسل للعقل والقلب إشارات تؤكد على قدوم العيد، يُكَبر بها الجميع منذ اليوم الأول من ذي الحجة سعادةً وابتهالاً بموسم الحج وبقدوم عيد الأضحى.
ولكن تعترض إشارات السعادة هذه إشارات أخرى تذكر الجميع أن العيد مليء بالبهجة، ولكن الوضع الاقتصادي الحالي مع الجميع في أسوأ حالاته قد لا يمكنا من الفوز بهذه البهجة، فالكل يعاني بشكل أو بأخر.
ولكن السؤال الذي خطر لي عندما فكرت في هذا مع بداية تكبيرات العيد هو "هل اضطراب الوضع المادي سيجعل العيد غير سعيد هذا العام؟" وقررت أن أقاوم هذا التصور.
يجب أن يبقى العيد سعيداً رغم كل المعوقات، فهي أيام كتبها الله لنا لنسعد، لذا اتخذت قراراً "سوف أسعد".
لنسعد نحن ومن حولنا
دعني أحكي لك حكاية، واحدة مثلي من الطبقة المتوسطة ومِثلها ملايين، في الماضي نحن محاطون بدوائر من الطبقات الأعلى والأقل، وهكذا فصاحب العمل أو المؤسسة التي أعمل بها، كان يقوم في العيد بتوزيع مكافآت العيد الجيدة التي تساعد على زيادة الصرف لشراء متطلبات العيد بشكل أفضل، صديقتي المقربة في مؤسستهم يوزعون كذلك اللحوم المميزة، قطع مميزة من اللحوم مغلفة بشكل أنيق وكأنها كعك العيد وليست لحوماً.
وهكذا فإننا نَدخل للعيد بوفرة مادية، تجعلنا نستطيع أن نُضفي نحن أيضاً البهجة على من يعملون معنا، فالسيدة التي تساعدني بالمنزل يجب أن ينالها من اللحوم نصيب وافر ومن المال "عيدية جيدة"، جارتي لديها سائق لديه أطفال كانت تحرص على شراء ملابس العيد لأطفاله، وكذلك صديقتي السابقة تقوم بنشاط اجتماعي مميز في بعض ملاجئ الأيتام فتقوم بعمل حملة بيننا نحن صديقاتها لشراء هدايا وحلوى للأطفال وتغليفها ومساعدتها في صنع أكياس التوزيعات للعيد والممتلئة بالألعاب والحلوى.
وهكذا تتحرك الوفرة المادية من طبقة إلى أخرى ليمر العيد على الجميع وقد كفوا منازلهم وأولادهم بما يجعل العيد عيداً.
كان ذلك في الماضي، أما مع الظرف الاقتصادي الحالي فقد تبدل الحال، فلم يعد بإمكان مؤسسة صديقتي توزيع قطع مميزة أو غير مميزة من اللحوم التي أصبحت سلعة صعبة المنال.
ولم تعد مؤسستي توزع المكافآت فهم بالكاد يوفرون الرواتب، وهكذا فلقد أصبحت طبقتنا المتوسطة تجتهد وتلهث فقط لتستطيع توفير لحوم عيد الأضحى بحدها الأدنى لأسرها، ويقتصد الجميع في الملابس الجديدة، لنتوقف عن الرفاهيات بشكل شبه كامل.
فماذا عن الطبقات الأكثر كداً، لقد ساء الوضع بشكل يجعل مجيء العيد هَم لا سعادة عندما لا تتوفر أياً من متطلباته.
لذا كان التفكير بأن نتوقف عن ربط سعادة العيد بأفكارنا القديمة عن طريقة الوصول للسعادة، لننشر في دوائرنا طُرقاً جديدة للسعادة بالعيد.
اللحوم يمكن أن نتجاوزها
عيد الأضحى يعني عيد اللحم، هكذا نقول في العامية "عيد اللحم" فماذا نفعل في عيد لحم بلا لحم، لقد تجاوز سعر اللحم قدرات الكثير من الأسر، لذا ربما علينا التفكير في تغيير عاداتنا في العيد ليظل في استطاعتنا أن نحظى بالسعادة.
بدأنا في مساعدة الآخرين في البحث عن وصفات صحية، ويجب أن نضع ألف خط تحت كلمة صحية، فهناك عشرات الوصفات لمنتجات بطعم اللحوم بلا لحوم، ولكن أغلبها تتضمن منتجات صناعية ومواد مُضرة بالصحة، ولكن نحن هنا نسعى لأفكار نتبادلها مع بعض الأسر التي لا تستطيع شراء اللحوم وكانت أفكاراً مبتكرة وجميلة.
هل يمكن تجربة وجبات متنوعة دون استخدام اللحوم؟ بالطبع! يمكنك استبدال اللحوم بخيارات صحية ولذيذة أخرى.
المقبلات النباتية المشوية
هي إحدى الوجبات التي يمكن تجربتها حيث رائحة الشواء هي أحد أهم مصادر السعادة للأطفال والكبار في العيد، سنقوم بتقطيع الخضراوات المفضلة لديك، مثل الباذنجان والفلفل والكوسة إلى شرائح رقيقة ثم تتبيلها بتتبيلة اللحم المشوي؛ من ماء البصل والبهار والملح والفلفل ثم تشويحها قليلاً، بعد ذلك لنشعل الفحم ونضع الخضراوات المتبلة على الشواية، ستضفي رائحة مبهجة وكذلك طعم قريب من المشويات ويمكن إعداد القليل من الطحينة أو سلطة الزبادي بالخيار الأوفر، ستجد أن هذا الطبق لذيذ وصحي ولا يكلف الكثير.
اللحم المفروم بلا لحم
العيد بلا رُقاق صعب، ولكن مشكلة الرُقاق هي اللحم المفروم، كذلك فإن أصنافاً كثيرة في العيد تستخدم اللحم المفروم كالحواوشي مثلاً، لذا هناك طريقتان صحيتان لتحضير اللحم المفروم بشكل ونكهة شديدة القرب من النكهة الطبيعية لاستخدامها في إعداد الحواوشي والرقاق وغيرها من الوجبات.
الأولى بالباذنجان والفلفل
افرمي 3 حبات باذنجان في المفرمة فرم خشن ثم تبليها بتوابل اللحم المفروم (الكركم، الكاري، الفلفل، الملح، البهار) ثم افرمي بصلة خشنة وملعقة من الزبد أو الزيت وشوحيها مع التوابل ثم ضيفي الباذنجان واستمري في التشويح، يمكنك إضافة 3 فلفات رومي أيضا تم فرمها فرماً رفيعاً، واستمرار التشويح، وعند احمرار اللون أضيفي ربع كوب من عصير الطماطم الثقيل، ربع كوب فقط لا تكثري منها، وقَلبي الخليط على نار هادئة وغطيه واتركيه حتى تمام السواء.
بالتجربة ستكتشفين جمال الرائحة والطعم والقوام المطابق تقريباً للحم المفروم لتضيفيه للرقاق أو تصنعي أرغفة الحواوشي في العيد.
عصاج القوانص والقلوب
القوانص والقلوب في الدجاج لها طعم محايد وليست كالكبد ذات الطعم المميز، لذا هذه الطريقة تعتمد على فرم قوانص وقلوب الدجاج ذات التكلفة الأقل من اللحوم، ثم تتبيلها بشكل مطابق لعمل اللحم المفروم "العصاج" وتسويتها بالطريقة ذاتها، ليصبح لديك لحم مفروم صحي وطعمه شبيه "للعصاج" العادي.
أخيراً برجر وكفتة العدس
قومي بغلي كوب من العدس بجبة حتى ينضج، اهرسي العدس المغلي وأضيفي إليه 1/2 كوب من البقدونس المفروم، و2 فصوص ثوم مهروس، و1/2 ملعقة صغيرة من الكمون، و1/2 ملعقة صغيرة من البابريكا، وملح وفلفل حسب الذوق.
شكلي الخليط إلى أقراص برغر أو أصابع كفتة، وقومي بشويها على الشواية أو في مقلاة مع قليل من الزيت، قدميها مع البقدونس أو الخس لتكون وجبة صحية وطعمها لذيذ ولن تفرقيها عن العادي فهي إحدى أهم وجبات النباتيين.
ليس باللحم فقط تَسعد النفوس بملابس العيد أيضاً
لا يكتمل عيد الأضحى بدون تجهيز الملابس الجديدة خاصة للأطفال والشباب الصغير، ومع ذلك، يمكنك العثور على خيارات رخيصة وأنيقة لشراء ملابس العيد بتكلفة أقل. هناك بعض النصائح والخيارات المختلفة للشراء التي اتبعها أغلبنا.
1- ابتعدي عن الماركات، آفة الطبقة المتوسطة هي الماركات فنحن نشتري الاسم فقط، لذا في هذا العيد ابتعدنا عن المحلات المبهرة بأسمائها الشهيرة، وتوجهنا للتسوق في الأسواق الثانوية والشعبية حيث محلات بسيطة أغلب صناعتها مصرية وصينية، ستجدين موديلات جميلة ورقيقة وبأسعار قد تصل للنصف أو أقل من أسعار الماركات.
2- لدي صديقات لا يستطعن تخطي شراء الماركات، لذا توجهن لمحلات الملابس بالكيلو، أصبحت منتشرة بشدة وهي توفر الماركات ولكن موديلات الأعوام السابقة أو تحوي عيوباً بسيطة كزر ساقط، أغلبها للملابس الجديدة وستجدين "لُقط" حقيقة هناك.
3- "التبادل مع الأصدقاء والعائلة" خاصة مع الصديقات ذوات الأطفال حيث يتغير حجم الأطفال سريعاً أسرع من استهلاك الملابس، قد تتواجد لدى واحدة ملابس قديمة ولكنها بحالة جيدة لا تستخدمها حالياً. ليتم التبادل مع الأصدقاء الذين يملكون ملابس قديمة مناسبة أخرى. ليحصل الجميع على ملابس جديدة دون أي تكلفة إضافية.
الزينة المصنوعة يدوياً لتجميل المنزل
تعتبر الزينة المصنوعة يدوياً من أفضل الطرق لتزيين المنزل بمناسبة عيد الأضحى، فهي تضفي عليه جواً من البهجة الحقيقة، أيضاً وقت صناعتها سيكون لطيفاً، حيث نجتمع جميعاً مع الأطفال في حالة من المرح لنقوم بعمل الزينة سوياً، لنجمع بين تَزين المنزل والنشاط المبهج.
هناك المئات من الأفكار الجميلة والبسيطة في "اليوتيوب" و"التيك توك" و"ريلز الفيسبوك" يكفي البحث بكلمات مثل "زينة مصنوعة يدوياً" ستجدين طرق صناعة الورد الورقي الملون، وشرائط الديكور للفها حول الستائر أو الأثاث أو تدليتها من النجف لإضافة لمسة من الألوان والجمال.
كذلك صناعة "المجسمات المصنوعة من الورق" لتزيين المنزل. مثل أشكال الأزهار أو الأشكال الهندسية، والفراشات وتعليقها على الجدران أو على الرفوف أو الأبواب لإضفاء لمسة جمالية فريدة في فترة العيد.
ألعاب أطفال يدوية.. لنصنع خروف العيد
تشجيع الأطفال على المشاركة في أنشطة ممتعة خلال عيد الأضحى مهم لإدخال السعادة إلى قلوبهم بتكاليف منخفضة. هنا بعض الأفكار الرائعة لأنشطة مع الأطفال بأقل التكاليف حيث يمكن صناعة
– ألعاب الكروت مثل الجرأة والتحدي باستخدام بواقي أوراق الكراسات القديمة والألوان.
– ممكن صناعة الألعاب الأوريجامي والتي تتوفر طرق صناعتها المبسطة عبر الإنترنت.
– استخدام بواقي القماش القديم بعد قصقصته لعمل خروف العيد المحشو للأطفال الصغار وانتهاز الفرصة بحكي قصة الأضحية.
– صنع تماثيل الألعاب من الصلصال الطيني بحيث يمكن شراؤه ببساطة بتكلفة قليلة، واستخدامه لصنع تماثيل صغيرة بمختلف الأشكال والأحجام. لندع الأطفال يطلقون العنان لخيالهم ويصنعون تماثيل لحيوانات أو شخصيات خيالية ثم تلوينها بألوان الماء أو الأوراق الملونة.
الحقيقة أنني أحب أن أمارس هذه النشاطات مع أطفال العائلة كثيراً بعيداً عن التكلفة فهي ممتعة للأطفال وتعزز قدراتهم الإبداعية، أفضل من الألعاب الجاهزة التي يكسِرها الطفل بعد دقائق ويفقد شغفه بها تماماً.
حلوى الأطفال في 5 دقائق
هذه الفيديوهات اللطيفة التي تقدم "29 وصفة لحلوى الأطفال السريعة" أو "11 وصفة لحلويات أطفالك" دائماً ما خَرَجتُ من كل فيديو منها بعدد ضخم من الوصفات اللذيذة حقاً، لن تجدي الـ29 وصفة الرائعة ولكنك ستجدين 7 أو 8 وصفات متميزة وهكذا، تتميز هذه الوصفات بكونها صحية، فأنواع الحلوى الآن في الأسواق إما مرتفعة السعر أو مجهولة الهوية لا يُعرف مكوناتها ومدى كونها صحية، لذا فهذه الوصفات ستجمع بين الصحة والسعر البسيط والبهجة في إشراك الأطفال في لحظات من السعادة العائلية.
في النهاية
لا يَدعي هذا المقال أن الأزمات المادية جميلة أو ممتعة، ولكن إن كانت واقعاً نعيشه فلا يمكن أن نستسلم للحزن ونضيع بهجة العيد بسببه، لذا يمكن لميزانيتنا الضيقة أن تكون فرصة لتجربة تجارب حياتية جميلة ومبتكرة لصنع السعادة في عيد أضحى سعيد.
حيث يمكننا تحقيق عيد سعيد ومميز بروح المغامرة والإبداع، لقد قررت أن أستمتع بتلك اللحظات الثمينة مع عائلتي وأحبائي وأصدقائي وأجعلها ذكرى تبقى معنا دائماً بالبهجة لا بالضيق، وكذلك قررت أن أشارك ذلك معكم.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.