مسيرة الأعلام الإسرائيلية.. هل ستكون سبباً في اندلاع حرب جديدة في قطاع غزة؟

الخداع والتضليل والمبادرة ضد المقاومة "قادة حركة الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة، ينبئ بشبح معركة "بزوغ الفجر"، التي كانت موجهة للانفراد بحركة الجهاد الإسلامي، واستكمال أهداف تصفية القيادة العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، أو بالأحرى البدء من حيث انتهت المعركة السابقة لشطب فصيل كامل من ساحة المقاومة الفلسطينية؛ حيث اعتبروا "أن هذا ما كان يجب أن يكون في معركة بزوغ الفجر"، بحسب تسمية المحتل للقضاء على حركة الجهاد الإسلامي كلية وإعادة ترميم ميزان الردع لمصلحته.

لكن قيادة كيان الاحتلال الإسرائيلي السياسية والعسكرية تراهن على الدور المصري لاحتواء المشهد، كما يحدث في كل ضربة للمقاومة؛ حيث تتم تصفية ومن ثم بعد أيام قليلة من تبادل إطلاق النار ينتهي القتال، والكل يدعي تحقيق الأهداف من المعركة، وتحسين صورته أمام الرأي العام.

لكن ما حدث في الأيام الأخيرة كان صدمة للكيان ومباشرة بفتح الجبهات المتعددة ضد المحتل؛ لم تندفع قيادة الكيان للمعركة؛ بل احتوت المشهد وخضعته للدراسة والتحليل والقراءة العميقة لاحتمالات التصعيد وانعكاساته الداخلية والاقليمية حتى حدث اليوم بعد أن مارست الخداع والتضليل كما حدث في معركة بزوغ الفجر.

لكن الآن نتحدث عن الردع والتغيير في المعادلة لصالح  المقاومة واستغلال المشهد الداخلي للصراع داخل الكيان، ومن ثم توجيه ضربة موجعة للمقاومة باغتيال ثلاث قيادات لحركة الجهاد الإسلامي في ضربة واحدة.

الضربة الاستباقية وسياسة الاغتيالات

ما حدث بالأمس من اغتيال قيادات حركة الجهاد الإسلامي أن قيادة الاحتلال الإسرائيلي طبقت الخطة الاستباقية كاملة في ضرب المقاومة واستهداف قيادتها واغتيالها، والاستعداد لمعركة واسعة الرهان على الجبهات الداخلية والوسطاء لاحتواء المشهد من التصعيد ورد المقاومة على هذا الاستهداف.

لماذا استبق الاحتلال الإسرائيلي باستهداف قيادات الجهاد الإسلامي؟

لأسباب داخلية وإقليمية يبدو أن نتنياهو وجد نفسه أمام موقف صعب فرضه بن غفير؛ لذلك يسعى نتنياهو للمناورة لكسب الرأي العام الإسرائيلي، لكي يحافظ على استقرار حكومته من ناحية، وإسكات المعارضة من ناحية أخرى، وإعادة تصحيح الوضع الأمني لصالح إسرائيل، واختبار سيناريو تعدد الجبهات ومدى التزام الأطراف بذلك، وتحسين شعبية الليكود ونتنياهو التي تراجعت بسبب معركة القضاء والسيطرة على المحكمة العليا داخل إسرائيل.

أمن الكيان الإسرائيلي 

على الرغم من تحذيرات الإدارة الأمريكية من خلط الأوراق في المنطقة، فإن نتنياهو يقرر ما هو في مصلحة الكيان على حساب العلاقة مع الحليف الاستراتيجي الولايات المتحدة الامريكية، ومصالح وملفات التطبيع والوساطة في التطبيع مع السعودية.

في الوقت الذي أشغل في معارك وهمية استعرضت عضلات وأرسلت التهديدات الكثيرة، فكانت الضربة المفاجئة تكراراً للسيناريو في معركة "بزوغ الفجر" التي حصدت أرواحاً كثيرة من القيادات العسكرية للمقاومة الفلسطينية، في أعقاب ذلك السؤال: هل نجح نتنياهو في إعادة الأمن للكيان المحتل؟

دون شك لا، ولن تكون المعركة الأخيرة مع الجهاد، وأيضاً لن ينفرد بحركة الجهاد الإسلامي لتصفيتها، لكن السر في الرد من المقاومة هل سيكون على طريقة الاحتلال بالاحتواء والتظاهر ببلع الشوكة، ومن ثم الاستفادة من عنصر المباغتة ومن ثم ضرب الاحتلال، أم سيرد بالطريقة المعتادة الرد السريع، وقصف مدن الاحتلال ومن ثم الدخول في جولة الوساطات والقبول بالتهدئة وبلع الشوكة؟

التقديرات الإسرائيلية تقول إن التأخير في الرد ينذر بوضع خطير، وإن الرد سيكون قوياً؛ لكن في رأيي فإن هناك تأخيراً في الرد بسبب خضوعه للتقييم الداخلي والخارجي لدى محور المقاومة؛ لمحاولة فتح كل الجبهات القتالية ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ للاستفادة من عدم استعداد جيش الاحتلال للمواجهة على عدة جبهات.

عامل آخر للتأخير له علاقة بحسابات حماس الإقليمية وخطط التصنيع وتراكم القوة العسكرية لديها، لكن بالطبع فإن حركة حماس لن تكون مراقبة أو داعمة دون الانخراط في المعركة القادمة، وهذا يتطلب خطة عسكرية وبنك أهداف وتفعيل المجموعات العسكرية في الضفة الغربية، واحتمالية أن تتوسع إلى المناطق المحتلة في الـ 48، واستخدام العبوات الموجهة في الأراضي المحتلة، وتداعيات هذا الأمر على قطاع غزة ميدانياً.

إن المستوى السياسي والأمني لإسرائيل  قلق جداً وفي حالة نشطة من الاتصالات لاحتواء المشهد لمنع حماس من دخول المعركة، واقتصار المواجهة على حركة الجهاد الإسلامي، كما حدث في معركة "بزوغ الفجر" في عام 2022، لكن المستوى الأمني لإسرائيل يشكك في تحييد حركة حماس من المواجهة وعدم مشاركتها في المعركة؛ لذلك يُجري نتنياهو اتصالاته مع الدول المنخرطة في الحالة الفلسطينية، وعلى رأسها مصر، لمنع حماس من التصعيد، كما يهدد باغتيال قيادات حماس ورفع الحصانة عنهم ومنهم يحيى السنوار.

الخلاصة

المعركة قادمة وسوف تفجر عناصر جديدة في المواجهة تهدد بحرب استنزاف طويلة تمتد إلى أيام حتى موعد مسيرة الأعلام 18 مايو 2023، والتي تشكل تحدياً للمقاومة والاحتلال الإسرائيلي، فإذا لم تستطِع حكومة نتنياهو تمرير مسيرة الأعلام من مكان آخر غير الحي الإسلامي بمنطقة باب العامود، حسب خطة اليمين المتطرف، سوف ستواجه اضطراباً داخلياً، وإذا منعتها سوف تواجه إشكاليات مع "بن غفير" وجماعات الهيكل المتطرفة التي تدعو إلى الالتزام بسير مسيرة الأعلام واقتحام الأقصى.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net