استطاع البطل نزع حرية روحه من قبضة الاحتلال الإسرائيلي، وكان أكد في وصيته: "لا تيأسوا مهما فعل المحتل فنصر الله قريب".
خضر عدنان محمد موسى، 44 عاماً، ابن بلدة عرابة في جنين، الاسم الذي سيُخلد في قلوب كل الفلسطينيين، الأيقونة الوطنية التي ما ضعفت يوماً وما لانت، الرجل الذي وقف متحدياً كافة أوجه البغي من الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه، فمهما تحدثنا عنه ومهما قلنا فإننا لن نوفيه اليوم حقه.
يعتبر الشيخ خضر عدنان من أبرز الأسرى الذين واجهوا الاعتقال، من خلال خوضه معركة الأمعاء الخاوية بالإضرابات المفتوحة عن الطعام، رفضاً لاعتقاله، وصولاً منه إلى تحقيق مطالبه، حيث نفذ خمسة إضرابات سابقة ضد سياسة اعتقاله الإداري في السجون الإسرائيلية، ويُعد إضرابه هذا هو السادس الذي ينفذه على مدار سنوات اعتقاله، وكان أطولها، حيث استمر نحو 86 يوماً متواصلة، وقد وصلت سنوات اعتقاله إلى نحو 10 أعوام، غالبيتها بأوامر اعتقال إداري.
يُعد الأسير الشهيد أحد أبرز قيادات حركة الجهاد الإسلامي البارزين في الضفة الغربية والداعمين للمقاومة، حيث يتهمه الاحتلال بالتحريض على تنفيذ العمليات الفدائية، وكان أول اعتقال له من قِبل أجهزة السلطة بتهمة التحريض على رشق رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان بالحجارة، لدى زيارته جامعة بيرزيت عام 1998م، عانى خلالها ظروف الاعتقال السياسي لديهم ضمن "سياسة الباب الدوار"، وبعد ذلك تعرض للاعتقال مرات عديدة، وخضع للتحقيق والتعذيب في سجن أريحا، ذاك السجن السيئ. إلى جانب التهديد والإساءة له ولزوجته من قبل الجهات المشبوهة الخارجة عن الصف الوطني الفلسطيني.
حمل الشيخ عدنان على عاتقه هموم الأسرى وآلامهم، وكان على يقين تام بأن قضيتهم هي قضية مركزية، وعلى سُلم أولويات المقاومة الفلسطينية، التي طالبها دوماً بالعمل الجاد من أجل تحريرهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ترجّل الفارس الصنديد عن صهوة جواده بعد مسيرة جهادية حافلة بالعطاء والتضحية، من أجل القضية الفلسطينية، ليرتقي شهيداً ويلحق بركب إخوانه الأسرى، وبه يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة داخل السجون الصهيونية إلى 237 شهيداً منذ عام 1967م، منهم 75 نتيجة لسياسة السجان الإسرائيلي والإهمال الطبي المتعمد.
وباستشهاده يكون الاحتلال ارتكب جريمة كاملة الأركان، من خلال تنفيذه حكم الإعدام عبر سياسة القتل البطيء، مع علمه المسبق بأن ردة الفعل على هذه الجريمة وغيرها من الجرائم الصهيونية لن تتجاوز حد الشجب والإدانة والاستنكار، وأن مثل هذا الرد سيدفع العدو إلى مواصلة سياساته الإجرامية تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني وأسراه داخل السجون الإسرائيلية.
قضى القائد البطل شاهداً على ظُلم السجان، وكان يعلم جيداً بأن ما تسمى مؤسسات حماية حقوق الإنسان الدولية تعمل وفق ازدواجية وانتقائية في المعايير، كونها تكيل بمكيالين، لذا فإنها تُعد الداعم الأكبر للاحتلال، وهو ما جعله فوق القانون الدولي، ونتيجة عدم فرضها العقوبات عليه شجعه ذلك على مواصلة سياسة القمع والتنكيل، وارتكاب المزيد من الجرائم، ومن هنا لا بد من صرخة في وجه ما يسمى بالمجتمع الدولي، ومن يسمون أنفسهم بالعالم الحر، بأن كفى ظلماً وبطشاً بأبناء شعبنا الفلسطيني.
آن الأوان لجسد الشيخ خضر عدنان المنهك أن يرتاح وتتحقق أمنيته بأن يرزقه الله الشهادة، نَمْ قرير العين أيها العملاق، واعلم جيداً أن أعين العدو لن تنام بإذن الله تعالى، ما دام هناك أبطال مخلصون أمثالك في شعبنا الفلسطيني.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.