شهد يوم الثلاثاء الماضي ضربةً جديدة للدبلوماسية التايوانية، حيث أعلنت رئيسة هندوراس، شيومارا كاسترو، في تغريدة لها على منصة "تويتر"، أنها أصدرت تعليماتها لوزير خارجيتها بإقامة علاقات رسمية مع الصين. وسيترتب على انتقال هذه الدولة الصغيرة والفقيرة الواقعة في أمريكا الوسطى، من تايبيه إلى بكين، وقطع علاقاتها الدبلوماسية الرسمية مع تايوان، تقليص عدد الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان إلى 13 دولة فقط، أغلبها في أمريكا الوسطى وأوقيانوسيا.
شهد يوم الثلاثاء الماضي ضربةً جديدة للدبلوماسية التايوانية، حيث أعلنت رئيسة هندوراس، شيومارا كاسترو، في تغريدة لها على منصة "تويتر"، أنها أصدرت تعليماتها لوزير خارجيتها بإقامة علاقات رسمية مع الصين. وسيترتب على انتقال هذه الدولة الصغيرة والفقيرة الواقعة في أمريكا الوسطى، من تايبيه إلى بكين، وقطع علاقاتها الدبلوماسية الرسمية مع تايوان، تقليص عدد الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان إلى 13 دولة فقط، أغلبها في أمريكا الوسطى وأوقيانوسيا.
الخبر الذي جاء الأربعاء الماضي أعقبه بيان أصدرته وزارة خارجية تايوان (الأربعاء 15 مارس)، قالت فيه إنها أعربت عن "مخاوف جدية" لحكومة هندوراس، بشأن إعلان الرئيسة شيومارا كاسترو، وحثت الخارجية التايوانية هندوراس على النظر بعناية في قرارها، و "عدم الوقوع في فخ الصين" وتدمير الصداقة طويلة الأمد بين البلدين. مشيرة إلى أن "تايوان حليفة مخلصة وموثوقة. ولطالما ساعدت هندوراس في تنميتها الوطنية بأفضل ما لديها من إمكانات". وقال بيان الخارجية التايوانية إن هدف الصين الوحيد في تطوير العلاقات مع هندوراس هو تقليص الفضاء الدولي لبلدنا، وليس لديها نوايا صادقة للتعاون من أجل مصلحة شعب هندوراس.
الرئيسة كاسترو، التي أدلت بالتصريح على تويتر الثلاثاء، أيّدت فكرة قطع العلاقات مع تايوان وبدء العلاقات مع الصين خلال حملتها الانتخابية. وقالت كاسترو في تغريدتها إن القرار كان "علامة على تصميمي على تنفيذ خطة الحكومة وتوسيع الحدود". بينما صرّح وزير خارجية هندوراس إدواردو رينا للتلفزيون المحلي في اليوم السابق لبيان الخارجية التايوانية (الثلاثاء 14 مارس) قائلاً: "علينا أن ننظر إلى الأمور بطريقة عملية للغاية، ونسعى لتحقيق أفضل فائدة لشعب هندوراس".
رئيسة هندوراس القادمة من الحزب الحر (Libre) اليساري، الذي جاء إلى السلطة العام الماضي بعد 12 عاماً في المعارضة، تأتي أيضاً من عائلة اشتغلت بالسياسة من قبل. فقد كان زوجها مانويل زيلايا رئيس البلاد خلال الفترة من 2006-2009، قبل أن يطيح به انقلاب عسكري. وبينما يميل حزب National Party اليميني الذي حكم البلاد لأكثر من 12 عاماً إلى العلاقات مع تايبيه. تؤيد شيومارا كاسترو إعادة العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع بكين. وهو رأي صدحت به خلال حملتها الانتخابية في العام 2021.
تعتبر هندوراس واحدة من دول أمريكا الوسطى التي لا يزال للعسكر فيها تأثير كبير، حيث شهدت انقلابات عسكرية وحكومات مدنية تكون السيطرة على زمام الأمور في أيدي الجنرالات. والوضع الاقتصادي في هذا البلد ليس أفضل من الوضع السياسي، حيث يعتمد اقتصاد هندوراس بصورة كبيرة على تصدير الموز إلى الولايات المتحدة. ويعتمد غالبية السكان (حوالي 10 ملايين نسمة) على زراعة البقوليات وتربية الأبقار كمصدر للعيش والغذاء. والعاصمة تيجوسيجالبا من العواصم القليلة في المنطقة التي لا توجد بها شبكة للسكك الحديدية، حيث لا تتمتع البلاد بثروات نفطية أو معدنية مثل بعض جاراتها، تجذب الشركات الكبرى على الاستثمار في البنية التحتية، لذا فإن أي دعم من بكين، سواء أكان في مجال البنية التحتية أو غيرها، سيكون مرحباً به للحكومة اليسارية الجديدة، ورصيداً لها أمام شعبها.
الخطوة الأخيرة من هندوراس تعتبر واحدة من سلسلة من الخطوات المشابهة لدول في أمريكا الوسطى خلال العقدين الماضيين، حيث سبقتها بنما، التي أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع بكين، في يونيو 2017، وذلك بعد سنوات من الدبلوماسية الخجولة التي تريد إنشاء علاقات تجارية ودبلوماسية كاملة مع الصين، وتخشى فقدان علاقتها التاريخية مع حكومة تايوان في الوقت نفسه. لتنتصر لغة المصالح، وتفتح سفارة في بكين ظلت لسنوات تحت مسمى "ممثلية تجارية".
سبقت بنما في إعادة العلاقات مع بكين أيضاً (في ديسمبر 2016) جزيرة ساو تومي وبرينسيبي (São Tomé and Príncipe)، التي تقع في غرب إفريقيا، حيث أقامت علاقات دبلوماسية مع بكين على حساب تايبيه. وتعتبر إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الجزيرة المغمورة وبكين مثالاً على علاقات بعض الدول المتأرجحة بين بكين وتايبيه، حيث أقامت هذه المستعمرة البرتغالية السابقة علاقات دبلوماسية مع بكين، عقب استقلالها في العام 1975. واستمرت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حتى العام 1997، والذي قامت فيه ساو تومي وبرينسيبي فجأة بالإعلان عن إقامة علاقات دبلوماسية مع تايبيه، الأمر الذي أدى لاحتجاج صيني وقطع للعلاقات. لتعود العلاقات مع بكين فجأة، كما قُطعت فجأة في ديسمبر 2016، بعد ما يقارب العشر سنوات من القطيعة.
جمهورية تشاد تعتبر مثالاً آخر على استئناف العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع بكين، بعد أن قُطعت لصالح تايبيه، حيث أعادت تشاد فجأة، وبدون إعلان مسبق، العلاقات الدبلوماسية مع الصين في أواخر العام 2006. وكانت وساطة سودانية قد رتبت لعودة العلاقات بين البلدين بعد قطعها لصالح تايوان لسنوات، وكان من نتائج عودة العلاقات الدبلوماسية ازدهار في العلاقات الاقتصادية والاستثمار في البنية التحتية والنفط في تشاد، حيث أنشأت الصين مصفاة النفط الوحيدة في البلاد، واستثمرت في قطاع النفط في البلاد، وهو شيء يمكن أن نشاهده في جميع الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع بكين.
الملاحظ في الأمر أن الصين كثّفت خلال العقدين الماضيين من ضغوطها لتقليص علاقات تايوان الدولية، وكانت أمريكا اللاتينية مصدر توتر بين بكين وتايبيه، فقد حافظت دول أمريكا الوسطى، الحليفة لواشنطن، على علاقاتها مع تايوان لعقود، لكن اليوم لا يوجد سوى عدد قليل من العلاقات الدبلوماسية مع تايبيه. على مدى الخمس عشرة سنة الماضية، قطعت كوستاريكا (في عام 2007)، وبنما (2017)، والسلفادور (2018)، ونيكاراغوا (2021) العلاقات مع تايبيه، وأقامت علاقات مع بكين، ويعود الفضل في ذلك إلى الدبلوماسية الصينية، التي كانت تضغط لسنوات على حلفاء تايبيه لحثهم بإغراءات اقتصادية أو سياسية على قطع العلاقات مع تايبيه، وإقامة علاقات دبلوماسية مع بكين.
تأتي التحركات الدبلوماسية الأخيرة وسط مخاوف متزايدة من قِبل الولايات المتحدة وحلفائها، بشأن غزو صيني محتمل لتايوان، حيث يرسل جيش التحرير الشعبي الصيني طلعات عسكرية متكررة عبر مضيق تايوان، لإنهاك الجيش التايواني، وهي استراتيجية يسميها المحللون "حرب المنطقة الرمادية". ونقلت الصين 28 طائرة عسكرية عبر مضيق تايوان، صباح الأربعاء الماضي، عبرت 16 منها خط الوسط، وهي حدود غير رسمية تقسم ضفتي مضيق تايوان. وبالرغم من أن الصين تكرر دائماً أنها يمكن أن تلجأ للخيار العسكري لضم تايوان، فإن المتابع اللصيق للسياسة الصينية وللعقلية الصينية يعرف جيداً أن الصين تستخدم سلاح الاقتصاد دائماً، أكثر من سلاح الدبابات والطيران.
ووفقاً لوزارة الخارجية التايوانية، فإن تايوان تقيم علاقات دبلوماسية مع كل من مملكة إسواتيني (سوازيلاند سابقاً)، والفاتيكان، وجزر مارشال، وناورو، وبالاو، وتوفالو، وبليز، وغواتيمالا، وهاييتي، وباراغواي، وهندوراس، واتحاد سانت كريستوفر ونيفيس، وسانت لوسيا، وسانت فنسنت، وجزر غرينادين. وتعليقاً على هذا التحول من بكين إلى تايبيه يقول تيموثي ريتش، المحلل في معهد تايوان الدولي بواشنطن، لصحيفة (الغارديان)، إن "الآثار الجوهرية" لتحويل العلاقات بين هندوراس من تايبيه إلى بكين "ستكون محدودة، على افتراض أن تايوان تتجنب ردود الفعل السريعة. فلا يمكن لتايوان التنافس على حزم المساعدات وحدها، ولا ينبغي أن تركّز بقصر نظر على الشركاء الدبلوماسيين الرسميين، الذين لا يستطيعون مساعدتها في مواجهة مخاوفها الاقتصادية أو الأمنية".
تبقى الخلاصة أن الجهود الدبلوماسية الصينية تعمل بهدوء وصبر على تفكيك شبكة علاقات تايوان الدولية، والتي انحصرت في العقدين الأخيرين في سلسلة من الجزر في أمريكا الوسطى وأوقيانوسيا وإفريقيا، يربطها مع تايبيه كونها جزراً صغيرة محاطة بدول كبرى وعلاقات تاريخية من حقبة حكام الصين الوطنية (تايوان)، والذين كانوا هم المعترف بهم في الأمم المتحدة قبل انتقال الاعتراف إلى بكين في مطلع سبعينيات القرن الماضي. والحكومات في دول صغيرة كهندوراس تتبع سياسة براغماتية، عندما يتعلق الأمر بالمقارنة ما بين العلاقات مع الصين أو تايوان، أو غيرها، حيث لا تستطيع دولة في الوقت الحالي منافسة الصين في مجال الاستثمار في البنية التحتية أو ضخ استثمارات، ومبادرة الحزام والطريق خير مثال.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.